التخريب في الأعياد الوطنية

د. فاطمة الظبيري

 

في كل فبراير يحتفل أهالي الكويت بالعيد الوطني وعيد التحرير، ورغم أن الاحتفالات تكون عادة مصحوبة بالبهجة، فإن احتفالات الأعياد الوطنية في الكويت تدفع بالكثير من المواطنين إلى السفر لتفادي سوء التنظيم. فشارع الخليج يكاد ينفجر من أعداد السيارات المحملة بطريقة خطرة بالأطفال، الذين يحملون عبوات رش الرغوة ورشاشات ماء وغيرها من وسائل التخريب المقلقة. وسأقف عند رشاشات الماء والرغوة، فكيف لهذه الوسائل أن تعكس معها فرحة الاستقلال والحرية؟ لعل الأهالي يعتقدون بأنه لا ضير من رش الرغوة على سيارات الآخرين أو رميها ببالونات مملوءة بالماء، وفي حين أنه قد يكون لا ضير من ذلك، فإن السؤال الأهم هو: ما المنفعة من ذلك وما القيمة التي يتعلمها الطفل؟ أم أن الفوضى ممتعة؟ أم أن مداهمة الآخرين بطريقة تبدو أقرب إلى الغدر أمر مضحك؟ أم أن الطفل بإمكانه التخريب من دون تحمل المسؤولية؟
أعتقد أن هذا النوع من اللعب قد يكون له دور سلبي في سلوكيات الطفل في المستقبل، فإحدى القيم التي قد يستخلصها الطفل من فوضى «الاحتفال» هي أن التخريب وسيلة فعالة لكسب الانتباه. فحينما يلقي الطفل بالونة مملوءة بالماء على سيارة أخرى، يصفق له والداه كدلالة على الاستحسان. وحينما يعود إلى المنزل ترى الطفل ينفجر في نوبة من الغضب غير المبرر أو يضرب إخوته لأن التجربة التي استخلصها في شارع الخليج كانت إقلاق الآخرين وسيلة فعالة لكسب الانتباه. أما إذا كان الطفل في سن المراهقة، فسيعتبر رش الآخرين بالرغوة، دليلاً على القوة والاستقلالية. وإن كان سلوك المراهق المتنمر مقبولاً أثناء احتفالات العيد الوطني، فما المانع من استخدام الوسائل التخريبية ذاتها في المنزل أو المدرسة؟ وهكذا يتعلم الطفل أو الشاب المراهق بأن خرق القواعد وإساءة السلوك وسائل فعالة للحصول على ما يريد من دون جهد أو تطوير للذات.
قد يختلف معي البعض أن الخروج عن الرتابة والانضباط له أهمية في النمو النفسي والاجتماعي للطفل، وأنا أوافق تماماً على هذه النقطة لكن بشروط. وحينما أقول بشروط فأنا لا أعني حب الطفل بطريقة مشروطة، وإنما خلق بيئة سليمة تؤمن للطفل تعلمه من خلال التوجيه والتجربة. فعلى سبيل المثال، لو أراد الطفل استخدام رشاشات الماء، فعليه أن يلعب مع أطفال آخرين هم أيضاً يحملون رشاشات الماء. ففي مثل هذا السياق سيتعلم الطفل مهارة المواجهة والتواصل مع الآخرين وكيف هو الشعور بالفوز، الخسارة، والبلل. مما لا شك فيه أن في اللعب تنمية لمشاعر ومهارات الأطفال، لكن في التخريب تأهيلا على خلق جيل أناني غير مسؤول.
المهرجانات في كل بلدان العالم قد تخرج بشكل أو بآخر عن التنظيم، فتتحول إلى هرج ومرج، بل قد تتسبب بخسائر وإصابات. ورغم أن الدولة مسؤولة عن إعداد برنامج ممتع ومنظم للاحتفال، فإنه علينا نحن أيضاً كشعوب أن ننظم سلوكياتنا بما يضمن الفرحة والسلامة للجميع.

د. فاطمة الظبيري
@F_Alzubairi

قد يعجبك ايضا