ممثلة الأمم المتحدة في العراق تلتقي السيستاني وتنقل قلقه من جدّية القوى السياسية
وهج 24 : أعلنت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين هانس بلاسخارت، أمس الاثنين، أبرز ما دار من حديث خلال لقائها برجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني أمس في محلّ إقامته في محافظة النجف.
وقالت بلاسخارت، في تصريحات أعقبت اللقاء، إن زيارتها تأتي بسبب الأوضاع والظروف التي يمر بها العراق.
وبينت، أن «المرجع السيستاني أكد خلال اللقاء على ضرورة عدم استخدام العنف لاي سبب كان، ووقف الاعتقالات والخطف فوراً».
وأضافت، أن «المرجع طالب مجدداً بمحاسبة المتسببين بهذا العنف وضرورة العمل على اصلاحات حقيقية بمدة معقولة واجراء قانون انتخابات موحد»، مشيرةً إلى أن السيستاني «عبر عن قلقه من جدية القوى السياسية حيال القيام بهذه الإصلاحات».
وتابعت ، هو «يرى أن المتظاهرين السلميين لا يعودون إلى بيوتهم دون تحقيق مطالبهم المشروعة»، كما نقلت عنه قوله أنه «في حال لم تكن السلطات قادرة أو لا تريد تحقيق المطالب فلا بد للسلوك الآخر». من دون الإشارة إليه.
وأكدت أن «الأمم المتحدة تتابع ما حصل خلال الأسابيع الماضية»، معتبرة أن «الغضب والسخط في الشارع يأتي نتيجة لعدم تقديم الخدمات لمدة 16 عاماً»، مبينةً أن «لدى الناس آمالا كبيرة بتحقيق المطالب».
ولفتت إلى أن منظمتها «تقوم بتوثيق تقارير للكف عن هذا العنف وندعو الآخرين للتدخل»، مشددةً على ضرورة «سيادة العراق وتقديم المشورة من خلال مراقبة الأحداث».
وأكدت، «نحن نسعى لتقدم العراق إلى الأمام وحان الوقت الحقيقي لتنفذ السلطات العراقية ما يطلبه المتظاهرون، فلا يمكن لهذا البلد أن يكون ساحةً للصراع بين البلدان».
كذلك، قدمت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، جملة من الخطوات للحكومة العراقية تتضمن مقترحات ومبادئ وإجراءات فورية وقصيرة ومتوسطة الأمد، لتحقيق نتائج ملموسة تلبي مطالب المتظاهرين.
وذكرت في بيان، أن «المظاهرات اندلعت خلال الأسابيع الماضية في بغداد ومحافظات أخرى في العراق. وتغطي مطالب المتظاهرين الكثير من القضايا، بما في ذلك النمو الاقتصادي والتوظيف والخدمات العامة التي يمكن الاعتماد عليها والحكم الرشيد والنزيه ووضع حد للفساد وانتخابات حرة ونزيهة وعادلة وإصلاح النظام السياسي بما في ذلك تعديل الدستور».
وأضافت : «من الأمور الملموسة بوضوح تراكم الإحباطات حول عدم تحقيق التقدم في الستة عشر عاما الماضية ومع ارتفاع أعداد القتلى والجرحى (من المتظاهرين وقوات الأمن العراقية) يخيم مناخ من الغضب والخوف. ولا يمكن للشعب العراقي أن يتحمل أن يعرقله الماضي أو المصالح الحزبية. ويتطلب إعطاء الأمل طفرة إلى الأمام، بما في ذلك إدراك أنه ـ في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم ـ انتقلت الحياة اليومية إلى الإنترنت. وفي الوقت نفسه يتزايد خطر اختطاف (المفسدين) للمظاهرات السلمية ويحتمل أن يعرقل محاولات التغيير الحقيقي. لذلك فإن الوقت عامل جوهري وكذلك تحقيق نتائج ملموسة».
حق التظاهر
وتابعت: «بداية، وبعد التشاور مع قطاع واسع من الأطراف والسلطات العراقية (بما في ذلك الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى وعدد من المتظاهرين بالإضافة إلى ممثلين عن النقابات)، تقترح بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (جمّلة) من المبادئ والتدابير، منها حماية الحق في الحياة قبل كل شيء، وضمان الحق في التجمع والتظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي وفقاً لما كفله الدستور، وممارسة أقصى قدر ممكن من ضبط النفس في التعامل مع المظاهرات بما في ذلك عدم استخدام الذخيرة الحية وحظر الاستخدام غير السليم للأدوات غير الفتاكة (مثل عبوات الغاز المسيل للدموع)، وتحقيق المساءلة الكاملة للجناة وإنصاف الضحايا. والعمل وفقا للقانون، بما في ذلك ما يتعلق بالممتلكات العامة والخاصة».
ومن بين الإجراءات التي وصفتها الأمم المتحدة بـ«الفورية»، والتي يجب تنفيذها في أقل من أسبوع، «إطلاق سراح كافة المتظاهرين السلميين المحتجزين منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر وفقا للقانون، وعدم ملاحقة المتظاهرين السلميين، والبدء في التحقيق الكامل في حالات الاختطاف (بما في ذلك الاستعانة بتسجيلات كاميرات المراقبة) والكشف عن هوية من يقفون خلفها، والإسراع في تحديد هوية/تقديم المسؤولين عن استهداف المتظاهرين للعدالة. ومحاكمة ومعاقبة للمسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة و/أو المتسببين بأعمال العنف الأخرى وفقا للقانون، ودعوة كافة الأطراف الإقليمية والدولية علنا لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق واحترام سيادته».
أما الإجراءات قصيرة الأمد (خلال أسبوع إلى أسبوعين) فتشمل «الإصلاح الانتخابي، حيث يتم الانتهاء من وضع إطار قانوني موحد بدعم فني من الأمم المتحدة وتقديمه بعد فترة وجيزة إلى مجلس النواب، ويتم استكمال الإجراءات البرلمانية في أقرب وقت ممكن».
وأيضاً «إصلاح قطاع الأمن: يتم تطبيق الأمر التنفيذي رقم 237 بالكامل وبدون أي تأخير، ويتم حظر أي أسلحة خارج سيطرة الدولة، ويتم اعتبار أي كيانات مسلحة خارجة عن القانون أو عناصر مارقة غير قانونية وتقع على عاتق الدولة مسؤولية القضاء عليها»، فضلاً عن «الفساد: ينبغي أن تكون النخبة السياسية قدوة في محاربة الفساد من خلال كشف المصالح المالية داخل البلاد وخارجها سواء أكانت بأسمائهم أو تحت أسماء أخرى. إضافة إلى ذلك، تقوم الأحزاب/الكتل والتيارات السياسية بإلغاء لجانها الاقتصادية».
إجراءات متوسطة الأمد
وأكدت المنظمة الأممية أن الإجراءات متوسطة الأمد (خلال شهر إلى ثلاثة أشهر) تشمل، «الدستور، إذ تستمر لجنة التعديلات الدستورية بمراجعة الدستور وبدعم فني من الأمم المتحدة وطرح أي تعديل في الدستور للاستفتاء عليه من قبل الشعب العراقي»، بالإضافة إلى «الفساد: تقوم هيئة النزاهة بإحالة قضايا الفساد إلى مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة المركزية لمكافحة الفساد. وتتولى هذه المحكمة التحقيق في قضايا الفساد في كافة المستويات في الدولة. وتتم مساءلة ومحاكمة كافة المسؤولين الذين يثبت فسادهم»، ناهيك عن «سن القوانين: تقوم الحكومة بإرسال مشروعات القوانين (التالية) إلى مجلس النواب والذي بدوره عليه أن يستكملها في أقرب وقت ممكن».
وحددت الأمم المتحدة ثمانية قوانين واجبة التشريع، هي «قانون من أين لك هذا؟، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون الضمان الاجتماعي، وقانون حل أزمة السكن، وقانون النفط والغاز، وتعديل قانون تشجيع الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون مجلس الوزراء والوزارات، وقانون مجلس الإعمار».

حثت الولايات المتحدة، مساء الأحد، الحكومة العراقية على إجراء انتخابات مبكرة والقيام بإصلاحات انتخابية، داعية إلى إنهاء أعمال العنف ضد المتظاهرين وايقاف حظر الانترنت في البلاد.
وقال البيت الأبيض في بيان إن واشنطن تريد من «الحكومة العراقية وقف العنف ضد المحتجين والوفاء بوعد الرئيس برهم صالح بتبني إصلاح انتخابي وإجراء انتخابات مبكرة».
وأعرب عن «قلقه العميق من الاعتداءات المستمرة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين ووسائل الإعلام وحظر الإنترنت في العراق». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام في البيان إن «العراقيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي فيما تستنزف إيران موارد بلادهم وتستخدم ميليشيات مسلحة وحلفاء سياسيين لمنعهم من التعبير عن آرائهم بشكل سلمي». وأضاف البيت الأبيض أن «ينضم إلى الأمم المتحدة في دعوة الحكومة العراقية إلى وقف العنف ضد المتظاهرين وإقرار قانون الإصلاح الانتخابي وإجراء انتخابات مبكرة».
في المقابل، أعتبر الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، أن «بيان البيت الأبيض بشأن إجراء انتخابات مبكرة في العراق، دليل على مدى التدخل الأمريكي في شؤون البلد». وقال، عبر تغريدة على حسابه الخاص في موقع «تويتر»، إن «تصريح البيت الأبيض كشف عن حجم التدخل الأمريكي في الشأن العراقي»، موضحا أنه «دليل أن مشروع الانتخابات المبكرة هو مشروع أمريكي بالأساس يراد إحياؤه رغم أن المرجعية الدينية رفضته سابقا عندما أكدت على الانتخابات الدورية».
ورأى أن «الكلمة الأخيرة كلمة المرجعية المعبرة عن مطالب الشباب المتظاهر».
المصدر : القدس العربي