كيف أصبحت إيران قوة إقليمية وعالمية؟

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي……

 

قال تعالى ( ونريد أن نمن على الذين إستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) صدق الله العظيم…
وقال صلى الله عليه وسلم ( لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى)….
وقال تعالى ( إن تنصروا الله فلا غالب لكم )

إيران الإسلامية ومنذ ثورتها وجهت بوصلتها مباشرة إلى فلسطين ووضعت نصب أعينها تحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر ودعم الثورة الفلسطينية وثوارها قديما وفي وقتنا الحالي، وقادة الثورة الإسلامية الإيرانية يعلمون جيدا كيف يتعاملون مع أعدائهم الصهيوغربيين وهم أعداء الأمة كاملة، ويعلمون أن هؤلاء الأعداء وعبر سنين مضت وهم يتحكمون بالأمة وبإستقلالها وبقرارها السيادي وينهبون خيراتها التي حباها الله لها ولشعوبها كأمة إسلامية واحدة موحدة كانت خير أمة أخرجت للناس جميعا…
وإيران ومنذ الثورة الإسلامية أرادت حمل راية الأمة الإسلامية وتوحيد الدول العربية والإسلامية والكل في وطنه وقيادته وجيشه وشعبه تحت شعار أمة إسلامية واحدة ذات رسالة خالدة جاءت رحمة للعالمين…
وحوربت هذه الثورة منذ بدايتها ومعرفة إتجاه بوصلتها من قبل الصهيوغربيين وأدخلوا قاعدتهم المعروفة عبر تاريخهم الإستعماري الطويل (فرق تسد) فقام قادة ذلك الغرب الصهيوني بتحريض قادة الدول العربية المسلمة على تلك الثورة ورسخوا في عقولهم منذ ذلك الوقت لغاية يومنا الحالي بأن الثورة الإيرانية الإسلامية هي خطر عليكم وعلى دولكم وشعوبكم وطائفتكم السنية لأنها ستحتل دولكم وتنشر طائفتها الشيعية على كل الدول لمحو أهل السنة وهذا كلام غير صحيح أبدا وإنما تم نشره في عقول دول أهل السنة لتبقى الفتن بين مكونات المسلمين وأتباع طوائفهم إلى الأبد، لأن الغرب الصهيوني يعلم جيدا بأنه إذا توحد قادة الدول السنية والشيعية عربا وعجما على قلب رجل واحد فلن يبقى لهم وجود أبدا في منطقتنا والعالم…
وللأسف الشديد نقشت تلك الإدعاءات والأكاذيب والحجج الواهية في عقول القادة وبعض علماء الدين المندسين على الأمة وبعض الشعوب العربية و الجيوش…وغيرهم،
بالرغم من إيران الإسلامية وعبر تاريخ ثورتها كانت تبعث برسائل لقادة العرب السنة وتوضح لهم دائما بأننا أمة واحدة ويجب أن نكون جسدا واحدا إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى…
وكانت وما زالت تؤكد لقادة دول الأمة وطوائفها بأنه يجب أن نكون كالبنيان المرصوص نشد أزر بعضنا بعضا دون أن نجعل أية لبنة فارغة يستطيع من خلالها أعدائنا بالدخول والتدخلات بيننا وأن نسير وفقا لما أمرنا به الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام وأن نسير وفقا لما قاله لنا عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وخطبتها تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي وعترتي من آل البيت عليهم جميعا الصلاة والسلام، فسار الصحابة ومن سار على الدرب رضوان الله عليهم على تنفيذ وصية رسولهم وتطبيق ذلك النهج في حياتهم الدنيوية فحكموا الأمة بالعدل ونشروا الإسلام ورسالته الإلهية المحمدية الإنسانية السمحة في كل مكان من العالم…
وكل الخلافات الإسلامية سارت على نفس الوصية وكانت تحدث حروب بين الحق والباطل بين من يعمل للأمة ويحافظ على وحدتها وكرامتها ودينها وجغرافيتها وبين من تأخذه شهوات الحياة الدنيا وينسى أمر الله سبحانه وتعالى ووصية رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ودعوة الإسلام والمسلمين حتى إنتهاء الدولة العثمانية التي حكمت الأمة والعالم أكثر من أربعمائة عام، فنخرها الغرب الصهيوني وأدخلها في حروب عالمية ونخرها يهود الدونمة من الداخل وبدأت المؤامرات والوعود الصهيوغربية لقيادات العرب ليحكموا أنفسهم بأنفسهم وفي النهاية قسمت تلك الدول وكشفت أهدافهم الإستعمارية المبطنة ونفي الشريف حسين وبدأ أبنائه الهاشمين وأبناء الأمة العربية بالثورات الحقيقية لتحرير الأرض والإنسان منهم وقد إستمرت تلك الثورات حتى خرج الإستعمار من دولنا لكن وللأسف الشديد نجح الغرب الصهيوني بتقسيم الأمة إلى دويلات ورسموا الحدود بينهم لتبقى الخلافات بينهم إلى يوم الدين….

وإيران اليوم لا تريد السيطرة على جغرافية دول الأمة كما يروج الأعداء ويحرضون العرب عليها بل تريد من دول الأمة أن تقف صفا واحدا بقياداتها وجيوشها وشعوبها لنهضة أمتنا وخلاصها من تدخلات الغرب الصهيوني وتحكمهم بها وبخيراتها البرية والجوية والبحرية وبسيادتها وبقرارها المستقل، وهي بذلك ومن خلال تعاملها مع الغرب الصهيوني تسير وفقا لأوامر الله ورسوله الكريم وعلى نهج آل البيت الكرام والصحابة أجمعين وفي كل الميادين فنصرها الله سبحانه وتعالى من نصر إلى نصر حتى تصل لنصر الله الدائم على أعدائه وأعداء الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء قريبا بإذن الله تعالى،
وسيتم تحرير المسجد الأقصى وفلسطين كاملة التي طال إحتلالهما من قبل هؤلاء القتلة الصهاينة المجرمين…
وللأسف الشديد لا حياة لمن تنادي فإستخدم الغرب الصهيوني المشترك بعض قادة الدول العربية كأدوات لتنفيذ مشاريعهم التلمودية في منطقتنا والعالم أجمع، وحرضتهم على إيران وأوقعتهم بفتن طائفية وحروب معها للقضاء على ثورتها الإسلامية الحقيقية والتي كانت ومنذ نجاحها باللحظات الأولى داعمة لفلسطين وشعبها ولكل دول الأمة ولكل مظلوم من هذه الأمة العربية والمسلمة…
ورغم كل تلك المؤامرات الصهيوغربية العربية المشتركة على الثورة الإسلامية إلا أنها صمدت لأنها تعلم جيدا بأنها نصرت الله ورسوله الكريم وسينصرها الله دائما على أعدائه وأعداء رسله والأمة والإنسانية كاملة…
وبعد أن وجدت إيران الإسلامية بأن الغرب الصهيوني لا يستطيع مواجهتها وجها لوجه وبأن بعض القادة تم إستخدامهم لمحاربتها وتدمير دول الأمة لنهب خيراتها والسيطرة على شعوبها وسيادتها وإستقلالها إنكفأت بإستراتيجية ممنهجة للتعامل مع العدو الرئيسي وهو الغرب الصهيوني مع بقاء الإتصالات والدعم للدول العربية بشكل سري في حال إحتياجها للدعم الإيراني، وأيضا بدأت وبشكل سري دعم مقاومي فلسطين في الخارج وتشكيل فصائل مقاومة وبالذات على الحدود الفلسطينية المحتلة ومن ثم داخل فلسطين في غزة هاشم ودعمتهم بالخبراء والفنين والسلاح والمال والعدة والعتاد لمحاربة أعداء الأمة وذيولهم في الداخل لتنهض الأمة من جديد وتعود موحدة بكل ما تعنيه الكلمة، مستغلة بذلك أخطاء الأعداء الصهيوغربيين وبالذات أمريكا في المنطقة وكانت تبعث دائما برسائل سرية لبعض القادة العرب عن مخططات أمريكا والصهاينة في المنطقة دون أن تجد رد إيجابي على ذلك التنبيه وقد حصل كل ما كانت إيران تنبه منه قادة العرب فأصبحت المنطقة برمتها ملعبا مفتوحا للأعداء ولأجهزة إستخباراتهم وأوقعوا بعض القادة العرب وجيوشهم ودولهم بحروب وإحتلال ونزاعات وإنقسام بينهم، وإيران ترى وتسمع وتتابع وتبعث رسائل هنا وهناك لعل ضمائرهم تستفيق من نومها العميق وليس غفوتها لكن دون جدوى فزاد تخبطهم وغرقوا بأزمات لا تعد ولا تحصى وما زالوا ولم ولن يعترفوا بأخطائهم أبدا لأن العزة أخذتهم بالإثم…
فقامت إيران الإسلامية وبالتنسيق مع سورية العروبة بالتعامل وبشكل علني ومباشر مع الأعداء الرئيسيين وهم الغرب الصهيوني المشترك وفي كل الميادين دون خوف أو جلل وجعلتهم يتخبطون في كل مكان أو دولة تم إحتلالها من دول الأمة العربية والإسلامية في أفغانستان والعراق ودعمت فصائل المقاومة في تلك الدول دون أن تخاف من أي تهديد أو تستجيب لأي ترغيب أو تستمع لأية إنتقادات وبشكل علني، ودعمت فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين مسلمين ومسيحيين وجعلت أعداء الله لا يعرفون كيف يتخلصون مما أوقعوا أنفسهم به في تلك الدول، وكشفت أمام الأمة والعالم كل خطط ومشاريع الصهيوغربيين في فلسطين والمنطقة والعالم ومراحل سيطرتهم على الأرض حسب فكرهم التلمودي دون وجود أية مقاومة لهم ولمشاريعهم وأحلامهم الشيطانية والمجرمة والقاتلة لشعوب الأمة ولدولها وقادتها وللإنسانية جمعاء….

وبعض القادة العرب يتخبطون لأنهم إتبعوا أعداء الله والرسل والأمة وغسلت أدمغتهم ولقحت بفتن طائفية بغيضة ونتنة كما وصفها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما زالوا يتخبطون وبالذات في السنوات الأخيرة حينما أوقعهم الغرب الصهيوني بحروب الوكالة على دول الأمة وشعوبها وقادتها وجيوشها ولم ولن تنتهي ما دامت عقول هؤلاء القادة مقفلة وتأخذ الأوامر من أعدائنا كأمة…
وصمدت إيران ومحورها المقاوم وكانوا يسامحون الوكلاء العرب بكل مؤامراتهم وإدعائاتهم وجرائمهم التي إرتكبت بحق شعوب الأمة من قواعدهم ودواعشهم وأسيادهم الصهيوغربيين، وكانت تقول لهم بإستمرار بأن تلك المؤامرات الصهيوغربية ليست على إيران الإسلامية وحدها ولكن عليكم وعلى دولكم وجيوشكم وشعوبكم لتبقى خيراتكم منهوبة وفلسطين مسلوبة، وكانت وما زالت تنادي عليهم للجلوس على طاولة واحدة للحوار والشورى فيما بينهم وترك الفتن الطائفية البغيضة التي أوصلت أمتنا العربية والإسلامية إلى ما هي عليه اليوم ودون جدوى أو تلبية لتلك الدعوات…
وبالرغم من أنهم يعلمون بأن إيران وسورية والعراق واليمن …وغيرها ومحورها المقاوم قوتهم الإقليمية والعالمية في تصاعد مستمر وعلى كل الجبهات وإنتصروا على كل المخططات الصهيوغربية، لكن بعض القادة العرب ما زالوا يسيرون وراء مخططات أمريكا المتصهينة والصهاينة المحتلين لفلسطين بالرغم من أنهم وجهوا لهم إهانات كثيرة وما زالت الإهانات توجه لهم وستبقى إذا إستمروا بالسير مع أعداء الله والرسل والأمة هم وأدواتهم السياسية والعسكرية والدينية والإعلامية…وغيرهم في مخططاتهم ومشاريع فكرهم التلمودي اليهودي الصهيوني العالمي في منطقتنا والعالم…
وإيران الإسلامية لها حلفاء أقوياء من الدول الكبرى مثل روسيا الإتحادية والصين …وغيرها من الدول التي تناهض الهيمنة الصهيوغربية والأمريكية بالذات، وأيضا لها حلفاء أقوياء من قادة دول الأمة العربية والإسلامية بغض النظر عن وجود بعض الخلافات بينهم في عدة محاور لكنهم على علاقة جيدة لأنهم يلتقون ويتشاورون بإستمرار للعمل على حل معظم الأزمات التي إفتعلتها الصهيوأمريكية في منطقتنا والعالم مثل الدول الإسلامية المحيطة بإيران ومنها تركيا وباكستان وأذربيجان وعمان وقطر والكويت…وغيرها من دول الأمة…
ولأن بوصلة إيران الإسلامية ومنذ ثورتها كانت وما زالت وستبقى إتجاه تحرير المسجد الأقصى المبارك وفلسطين كاملة وتحرير الجولان ومزارع شبعا وتحرير الأرض والإنسان وتحرير الأمة من الهيمنة والتبعية إنتصرت مع محورها المقاوم في كل الحروب والميادين ولطخت وجه أمريكا والمحتلين الصهاينة في التراب مرات عدة وستحقق النصر دائما لو حاول بعض المغامرين الأمريكان والصهاينة والمستعربين بشن أية حرب عليها أو على محورها إلى أن تحقق النصر النهائي قريبا على أعداء الله لأنها لم ولن تركع أو تتبع إلا الله ورسله والصحابة والصالحين بمحاربة أعدائهم وأعداء الأمة والإنسانية جمعاء…
وبعض قادة العرب والمسلمين والعالم جهرا وسرا وكل الشعوب العربية والإسلامية يعلنون ويثمنون عاليا ما تقوم به إيران الإسلامية ومحورها المقاوم وتعاملهم المباشر والفوري وبكل المجالات والميادين لإفشال مخططات الصهيوأمريكيين وجعلهم يتخبطون في كل مكان ولا يعلمون كيف سيخرجون من مآزقهم ومستنقعاتهم في المنطقة وفي العالم…
لذلك أصبحت إيران قوة إقليمية وعالمية يحسب لها ولمحورها العربي والإسلامي والعالمي ألف حساب حين يتم الحديث معهم، ولان الغرب الصهيوني يعلم جيدا بأن إيران الإسلامية ومحورها المقاوم هم من يمثل الأمة العربية والإسلامية ويحمل لوائها لتحريرها من هيمنتهم القاتلة للأمة وللبشرية جمعاء، وهم يعلمون جيدا بأن إيران تعمل ليلا ونهارا على ذلك لتوحيد الأمة للعودة لإستقلالها وسيادتها وكرامتها وشموخها وعزتها ونهضتها من جديد ولو كره الكافرون…
فهل تستفيق تلك الأنظمة العربية من سباتها العميق الذي طال أمده، وترفض الإهانات والتدخلات الصهيوغربية وتترك الفتن الطائفية الصهيوغربية النتنة والأفكار الجهنمية المندسة على أمتنا بكل طوائفها ومذاهبها وتعيد لحمتها من جديد وتجلس مع إيران ومحورها المقاوم والعالمي على طاولة الحوار الشامل والشورى بينهم لإنهاء كل الأزمات والحروب المفتعلة وتتم الوحدة العربية والإسلامية بالتعاون والتنسيق والشراكة ورص الصفوف وتوحيد الكلمة والخطاب والعودة للنهج الإلهي المحمدي الحقيقي لتعود عزتنا وسيادتنا وكرامتنا ومقدساتنا ونهصتنا…
وحينها لن تستطيع أمريكا والصهيونية العالمية من أن تتعدى حدودها حتى على مستوى كلمة إتجاه قادة الأمة ودولها وجيوشها وشعوبها، لأن الأمة ستكون محررة بكل ما تعنيه الكلمة من الهيمنة الصهيوغربية بقرارها وسيادتها وخيراتها المنهوبة وسيتم تحرير المسجد الأقصى المبارك وفلسطين كاملة من البحر إلى النهر والجولان ومزارع شبعا ودون تدخل جيوش الأمة فقط إذا أطلقنا الأمر بأيدي مقاومي محور المقاومة في لبنان وغزة وكل دول الأمة…
قال تعالى ( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين)
وقال تعالى ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
وقال تعالى ( وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)
وقال عليه الصلاة والسلام (إتركوا البغضاء والفتن فإنها نتنة)
وقال أيضا (المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)

الكاتب والباحث….
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

قد يعجبك ايضا