الاحتجاجات في لبنان تتواصل.. والحريري يباشر مشاورات مع رؤساء الحكومات
وهج نيوز : بعد ليلة عاصفة من الاحتجاجات الشعبية تلت اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري وأوصلت الدولار إلى 23 ألف ليرة، عادت بعد ظهر الجمعة الاحتجاجات وتم قطع عدد من الطرقات في الشمال وبيروت والناعمة، وحصل توتر عند مدخل جبل محسن في طرابلس مع وحدات من الجيش اللبناني التي حاولت فتح الطريق فحصل تدافع بينها وبين المحتجين تخلله إطلاق عيارات نارية ورصاص مطاطي، ما أدى إلى وقوع 10 إصابات بين الشبان المحتجين في مقابل إصابة 5 عسكريين ومصور قناة “الجزيرة” في الشمال خالد الجبشيتي بعد إلقاء قنبلة في اتجاههم، و10 عسكريين آخرين بالحجارة، وعملت فرق الصليب الأحمر على نقل الجرحى وإسعافهم، وتخلل التوتر تحطيم نصب للجيش.
وإزاء المخاوف من انزلاق الوضع الأمني، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال جولة على المواقع العسكرية في منطقة البقاع “أننا لن نسمح بزعزعة الأمن ولا عودة إلى الماضي”، ووجه تحية إلى العسكريين “على شجاعتهم وانضباطهم وتفويت الفرص على من يريد نشر الفوضى وخلق الفتن”.
في غضون ذلك، لم يتم أي تواصل بين قصر بعبدا ومقر الرئاسة الثانية في عين التينة بعد خطوة اعتذار الحريري للتوافق على موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وبدا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان داعما استمرارية الحريري في تكليفه، ينتظر أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الخطوة الدستورية المطلوبة لتحديد موعد الاستشارات وعلى الأرجح بعد عيد الأضحى إفساحا في المجال أمام مزيد من الاتصالات حول الشخصية التي ستتم تسميتها وموقف الرئيس الحريري منها، الذي باشر مشاورات مع رؤساء الحكومات السابقين حول المرحلة المقبلة، في وقت يتردد اسم الرئيس نجيب ميقاتي كأحد المرشحين المحتملين للتسمية.
26 جريحا في احتجاجات جبل محسن مع الجيش وقطع الطرقات يتمدد إلى بيروت والناعمة
تزامنا، بدا رئيس الجمهورية في حالة إنكار للوضع المنهار وحاول إشاعة أجواء تفاؤلية باعتقاده أن “لبنان سيتمكن من تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها حاليا على مختلف المستويات، لأن الأحداث أثبتت أن إرادة الحياة عند اللبنانيين مكنتهم دائما من التغلب على صعوبات كثيرة في الماضي”، مؤكدا “رهانه على الجيل الشاب في بناء مستقبل لبنان الذي نريد”. ورأى أن “لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين على رغم قساوة ما يتعرضون له”، واعدا بـ”بذل كل الجهود للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعانون منها”.
وفي المواقف العربية والدولية من الأزمة الحكومية، أعلنت الجامعة العربية أن أمينها العام أحمد أبو الغيط والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس توافقا خلال لقاء في نيويورك على أن الوضع في لبنان يتجه من “سيئ إلى أسوأ”. وأعرب أبو الغيط عن أمله في أن “يتمكن المجتمع الدولي من مساعدة اللبنانيين على عبور الأزمة التي تُعد الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية”.
وأكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن “فرنسا أحيطت علما بقرار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بالتخلي عن تشكيل الحكومة. وهذا التطور يؤكد أن الأداء السياسي الذي يعتمده القادة اللبنانيون أعاق البلاد لأشهر، وجعله يغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة”. وقال “هناك الآن ضرورة ملحة للخروج من هذا المأزق المنظم وغير المقبول، وإمكانية تشكيل حكومة في لبنان، وهذا يتطلب الشروع الفوري في المشاورات البرلمانية بهدف تعيين رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن”. وأضاف “يجب أن تكون هذه الحكومة قادرة على إطلاق الإصلاحات ذات الأولوية التي يتطلبها الوضع. كما يجب أيضا البدء في التحضير للانتخابات النيابية المقبلة في عام 2022، والتي يجب أن تتم بطريقة شفافة وحيادية، ووفقا للجدول الزمني المحدد”. وختم: “كذلك، تدعو فرنسا لتلبية احتياجات اللبنانيين الذين تتدهور أوضاعهم يوما بعد يوم، وهي تنظم مؤتمرا دوليا جديدا لدعم الشعب اللبناني في 4 آب/أغسطس بمبادرة من رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون وبدعم من الأمم المتحدة”.
على خط مواز، أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها “من استقالة سعد الحريري كرئيس وزراء مكلف”، وقالت “تحتاج الطبقة السياسية اللبنانية إلى تنحية الخلافات الحزبية الصغيرة جانبا بدلا من إلقاء اللوم على بعضهم البعض، من أجل تشكيل حكومة قادرة على معالجة الحالة المقلقة في البلاد”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رأى أن “اعتذار الحريري عن تشكيل حكومة تطور آخر مؤسف لشعب لبنان”، مشيرا إلى أنه “من الأهمية بمكان أن يتم تشكيل حكومة لبنانية قادرة على تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية”، معتبرا أن “الطبقة السياسية في لبنان أهدرت الشهور التسعة الماضية والاقتصاد اللبناني في حالة سقوط حر”، ودعا “القادة اللبنانيين إلى تنحية خلافاتهم الحزبية جانبا وأن يشكلوا حكومة تخدم الشعب اللبناني”.
كذلك، أخذ الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل علما باعتذار الحريري، وأسف في بيان “لاستمرار الجمود السياسي في البلاد، فضلا عن عدم إحراز تقدم في تنفيذ الإصلاحات العاجلة”. وقال “لقد مضى عام تقريبا على عدم وجود حكومة ذات صلاحيات كاملة في لبنان، مما أدى إلى أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة لا يزال الشعب اللبناني يواجه عواقبها المأساوية. وتقع على عاتق القادة اللبنانيين مسؤولية حل الأزمة الحالية الذاتية الصنع. وثمة حاجة إلى الوحدة والمسؤولية لمواجهة التحديات المتعددة للبلاد وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اللبناني”. ودعا الاتحاد الأوروبي “جميع القوى السياسية اللبنانية إلى دعم التشكيل العاجل للحكومة وبدء الاستشارات النيابية لهذا الغرض دون تأخير”.
المصدر : القدس العربي