أعطوا الكويت أولاً

أ. د. بهيجة بهبهاني  …….

أصدقكم القول عندما أقول إنه ينتابني بين الحين والآخر شعور مختلط بين الفخر والدهشة، حيث أطالع بكل فخر واعتزاز عطاءات ديرتنا الحبيبة لدول العالم كافة لإعمارها وتطوير الخدمات بها، ولا غرابة في ذلك، فالكويت تم اختيارها لتكون «مركزاً للعمل الإنساني» عالمياً. ولكن يدهشني الأمر عندما أجد أننا في الكويت أحق بهذه المساعدات، وفي المجالات نفسها التي يتم التبرع بها للآخرين. إن دولتنا الحبيبة تمد يدها بتبرعات سخية لرفع قدرات التعليم في دول العالم، متناسية جهات مشابهة في الداخل تأن تحت وطأة القصور في الإمكانات المالية، بل ويمتد هذا القصور ليطول حقوق القائمين على التعليم فيها، بما يتضمنه من التضييق عليهم بحضور المؤتمرات العلمية وتوفير متطلبات تجهيز المختبرات العلمية لإجراء البحوث اللازمة للترقية الأكاديمية، وتأخير مستحقاتهم المالية للتدريس بالفصل الدراسي الصيفي وعن تدريس الساعات الإضافية. وكذلك على سبيل المثال لا الحصر، ومن واقع تجارب لي استمرت لأربعين عاماً في مجال التربية والتعليم بجامعة الكويت، ومن ثم الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، فإن هناك الكثير من المختبرات العلمية تفتقد الإمكانات الضرورية لتشغيلها على الوجه الأمثل، بل ويضطر الكثير من أعضاء هيئة التدريس إلى إلغاء بعض التجارب المختبرية المهمة بسبب غياب أدواتها الضرورية لأداء الجانب العملي من المقرر الدراسي، مما يفقد التعليم الجانب الأهم فيه وهو الجانب التطبيقي. كما أن غياب أمور أساسية، مثل المكتبات المتخصصة بالأقسام العلمية، والاشتراك بالدوريات العلمية المعتمدة في التخصصات المختلفة، والاهتمام بالسعة المكانية للمختبرات والقاعات الدراسية وتزويدها بالإمكانات اللازمة للقيام بمهامها وتطوير العمل بها ولتتناسب مع الأعداد الطلابية الكبيرة، التي يتم قبولها استجابة للضغوط السياسية، في وقت تتم مطالبة تلك الأقسام بضرورة حصولها على الاعتماد الأكاديمي! وتلك الجوانب الأساسية تعتبر أهم شروط الحصول على الاعتماد الأكاديمي؟! فكيف؟! ونحن لا نستطيع أن نحقق أدنى درجات ضبط الجودة في تلك الأقسام لضعف الإمكانات المادية! كما أن التعليم التطبيقي يفتقد الكثير من الإمكانات البحثية العامة كالمختبرات المركزية، واقتصار البحوث فيه على التمويل الشخصي للأبحاث وغياب الجماعية فيها وهي الجانب الأهم. أرجو ألا يفهم من حديثي التدخل في سياسة الإنفاق الخارجي للحكومة، فهذا له حسابات واعتبارات خاصة أعلمها جيداً، ولكني أردت أن أوضح للقائمين على الموارد المالية في الدولة أن مستوى التعليم في الكويت متدهور، وأيضاً بحاجة ماسة إلى عطاء الحكومة، كما أنها الأوْلى بالعطاء.

أ. د. بهيجة بهبهاني

 

قد يعجبك ايضا