التعليب العقلي !!!

المهندس هاشم نايل المجالي ……

 

العولمة ليست نباتاً نما وبرز واثمر للدول الكبرى بدون اية مقدمات ، ولفهم العولمة لا نحتاج الى منطق القوة بل نحتاج الى قوة المنطق ، وما هي الا محصلة تقلبات حضارية وتراكمات ثقافية ، لصياغة وضع جديد في جميع المجتمعات ليكون مجتمعاً موحداً تحت شعار ( حملة بذور التقدم والتحضر ) .
ولا بد من وجود مثالب ومخالب بمثابة ضريبة لذلك التقدم والتغير ، خاصة مع ثورة المعلومات والتواصل عبر العديد من القنوات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ، لتتشابك المؤثرات فيما بينها لترسم صورة جديدة نعيش بعضاً منها في وضعنا الحالي .
وعلى ما يبدو عليه ان مرور الدول باطوار سياسية حضارية معينة ، فرضت سيادة الدول الكبرى على الدول النامية بشكل او بآخر ، وبسياسة القطب الواحد للولايات المتحدة الامريكية تم نشر الديمقراطية التفاعلية وتفعيل حقوق الانسان والتعددية واحياء المجتمع المدني وغيرهاعلى حساب تقليص مركزية الدولة حتى وان وجد من يرفض ذلك او يتحايل على ذلك .
وان تفاوتت الديمقراطية بين دولة وأخرى تبعاً للخصوصية والوضع العام لها ، لكن بالمحصلة سترضخ للنظام العالمي الذي تم اقراره في ظل سيطرة امريكا على الامبراطوريات الاعلامية ، حيث الذراع الثقافي للعولمة والاكثر انتشاراً وجدلاً .
فالهيمنة الثقافية استعمار لاحتوائها على انماط فكرية تغتال الخصوصية والفردية المميزة لكل مجتمع ولكل حضارة ، فهي استغلال للعقل وغسيل للمخ مع فتح اقنية الحوار الفكري بانواعها لصياغة ثقافية كونية متفاهمة متسامحة متقاربة ، اي اننا امام ما يسمى ( التعليب العقلي ) .
انه عصر جديد يحل محل عصر قديم فلقد اصبح هناك كتب الكترونية ومحلات الكترونية بديلاً لعدم قراءة اي كتاب او مجلة ، لتلغي الحسنات وتقلصها وتحجمها على انها وسائل تقليدية .
واصبح العالم كله يقبع بعد نقطة Dot وما هي الضربات على لوحة المفاتيح للكمبيوتر حتى يكون العالم تحت يديك بغزارة المعلومات ، ومع فتح المعلومات هناك فتح للاسواق تحت مظلة الرأسمالية لتحول كثير من الاسواق من نمور الى قطط ، خاصة ان هناك شركات متعددة الجنسيات عابرة للقارات ، لتزداد الهوة الحضارية والسيطرة بكافة المجالات لصالح الاقوى ، لتبقى بعض الدول عاجزة حتى عن صناعة الجبنة بانواعها وقابعة بالفساد بانواعه .

المهندس هاشم نايل المجالي
[email protected]

 

 

قد يعجبك ايضا