أنباء عن تقدم تيار الصدر في انتخابات العراق واقترابه من تشكيل الحكومة

وهج 24 : أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، الإثنين، النتائج الأولية لعملية التصويت (الخاص والعام) في عموم محافظات البلاد، من دون الإعلان رسمياً عن الكتل أو التحالفات السياسية التي حققت أعلى نسبة تصويت، وحصدت أكثر المقاعد النيابية في البرلمان الجديد، في آلية أثارت إرباكاً لدى الشارع العراقي، والقوى السياسية.
وقال رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلال مؤتمر صحافي، إن «المفوضية أعلنت عبر موقعها الإلكتروني النتائج الأولية للتصويت العام لمحافظات: ديالى والديوانية والمثنى وميسان وواسط ودهوك وصلاح الدين وكربلاء والنجف وأربيل».
وأضاف أن «يوم غد سيتم إعلان النتائج لبقية المحافظات بعد حل المشكلات التي حدثت في بعض صناديقها».
ولم تعتمد المفوضية الآلية المتبّعة في الانتخابات السابقة، المتضمنة الإعلان عن ترتيب القوى السياسية في كل محافظة، فضلاً عن عدد المقاعد التي حصلت عليها، بل شرعت إلى إعلان أسماء الفائزين في الدوائر الانتخابية في كل محافظة (83 دائرة في عموم البلاد) من دون ذكر الكيان السياسي الذي ينتمي له المرشح الفائز، مما فتح الباب أمام معلومات المراقبين والمتابعين للشأن السياسي العراقي، في تحديد مكاسب القوى السياسية المشاركة في السباق الانتخابي.
ومما زاد الأمر تعقيداً، مشاركة مرشحين «مستقلين» في الانتخابات، فضلاً عن تبنّي أغلب القوى والشخصيات السياسية، فرضية تحقيقها «فوزاً ساحقاً» في الانتخابات.
وعلى الرغم من ذلك، تتفق آراء المراقبين والصحافيين مع تصدّر «الكتلة الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، نتائج الانتخابات، وحلولها أولاً، من دون معرفة عدد المقاعد التي حققتها الكتلة (حتى وقت إعداد التقرير) غير إن الترجيحات تشير إلى أن الصدريين حققوا أكثر من 25 مقعداً في 10 محافظات.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين في الساعة السادسة من مساء الاحد الماضي، على أمل إعلان المفوضية النتائج «الأولية» بعد 24 ساعة، غير إنها بدأت بإعلان النتائج قبل الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس الاثنين.
وجاء ذلك الإعلان بعد «تغريدة» لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا فيها المفوضية إلى «الإسراع» في اعلان نتائج الانتخابات، محذراً من «التزوير».
وقال، في تدوينته، إن «مما لا ينبغي إنكاره هو جهود المفوضية العليا القائمة على الانتخابات وما أبدته من مهنية وجهد كبير، إلا أننا في نفس الوقت نشد على يدها للإسراع في إعلان النتائج والنظر في الطعون القانونية لتبعد كل الفرص عن المتربصين بالعملية السياسية ومحاولات التزوير او تعطيل العملية من خلال بعض الافعال غير القانونية».
وأضاف: «كما إننا سنذعن لأي إعلان يتم من قبلها وسنتقبله برحابة صدر، ولن نلجأً لأي شيء لا يكون وفق الشرع والقانون، بل وحفظ السلم الأهلي ووفق التطلعات الديمقراطية».
وبعدها بوقت قصير كتب الصدر تغريدة ثانية، دعا فيها إلى عدم التدخل «الخارجي والإقليمي» بنتائج الانتخابات.
وقال إن «ما يميز الانتخابات أنها جرت تحت غطاء وإشراف أممي ودولي وعربي وقد تم إقرارها منهم، وعليه فلا ينبغي التدخل بقرارات المفوضية العليا للانتخابات، أو تزايد الضغط عليها، لا من الداخل ولا من بعض الدول الإقليمية او الدولية».
وأضاف: «ليكن واضحاً للجميع، أننا نتابع بدقة كل التدخلات الداخلية غير القانونية، وكذلك الخارجية التي تخدش هيبة العراق واستقلاليته».
في السياق، أكد رئيس مجلس المفوضين جليل عدنان، أن المفوضية ستواصل مكاشفة الرأي العام، بإعلان النتائج النهائية للانتخابات.

«رسائل ثقة»

وقال، في كلمة له «دأبت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عبر مجلسها الحالي، منذ توليه إدارة العملية الانتخابية بأن ترسل رسائل ثقة وإطمئنان إلى كل من الشارع العراقي وإلى المتنافسين في الانتخابات، حيث كانت رسالتها الأولى إلى الناخبين بعهدٍ واضحٍ هو أن أصواتَ العراقيين أمانة كبرى أوكلت إلينا وهي أصوات مُصانة ومحفوظة، وهذا ما كانت إجراءاتنا تؤكده وتحققه على أرض الواقع، وها أنتم ترون ذلك في يوم الاقتراع الخاص يوم أمس الأول والاقتراع العام الذي انتهت مدته قبل قليل».

«شفافة ودقيقة»

وأضاف، أن «مفوضية الانتخابات أرسلت اليوم رسالتها الثانية بلغة واضحة إلى كل المعنيين بالعملية الانتخابية وبالأخص المتنافسين فيها وإلى بقية الشركاء الآخرين من المنظمات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية، بأن مؤسستنا شفافة ودقيقة لا تخفي شيئاً عن الناس ووسائل الاعلام، لدرجة أننا بادرنا بشكل سريع للإعلان عن الخلل الفني الذي حدث في أكثر من محطة انتخابية صباح اليوم الأحد، وتمت معالجته فوراً، استمراراً لنهج وخطاب الثقة الذي اعتمدناه، كما واصلنا اليوم مسار مكاشفة الرأي العام، حينما تم اختيار المحطات المشمولة بالعد والفرز اليدوي تطبيقاً للقانون في تعبير مباشر وصريح عن الشفافية في التعامل مع مفردات العملية الانتخابية ومفاصلها، وما هذا التتابع في الإجراءات والأحداث إلا دلائل لكل منصف بأن المفوضية عازمة على إتمام عملية انتخابية رصينة وعادلة، سيكون ختامها بإعلان النتائج النهائية التي نطمح بأن تنال رضا الشارع العراقي وجميع المتنافسين من المرشحين».

زعيمه حثّ المفوضية على الإسراع في إعلانها وحذر من «التدخل الإقليمي»

وتابع: «شكرٌ خاص من المفوضية لكلّ من: موظفينا ومجلس المفوضين والمدراء جميعاً على ما بذلوه واجتهدوا فيه خدمةً للعراق، ومجلس القضاء الأعلى الذي واكب العملية الانتخابية بلجان قضائية انتشرت على مستوى العراق، واللجنة الأمنية العليا للانتخابات وعلى رأسها المشرف عليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس اللجنة الفريق عبدالأمير الشمري، وجموع العراقيين الذين صوتوا والذين لم يصوّتوا أو يتمكنوا من التصويت، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام التي تفاعلت ونقلت كل ما يخص الانتخابات، والمتنافسون والمرشحون، والمنظمات الدولية وفي المقدمة منها بعثة الأمم المتحدة (يونامي) والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية (آيفيس) والاتحاد الأوروبي وأعضاء برلمانه الذي حضروا للإشراف على الانتخابات، والمراقبون الدوليون وضمنهم مراقبو الأمم المتحدة، والجامعة العربية».
ولفت إلى أن «طريق الوصول إلى الانتخابات كان صعباً جداً واجهتنا فيه الكثير من التعقيدات والتحديات، إنها جهود عامين تقريبا كي نصل لما وصلنا إليه اليوم، وليس لنا إلا أن ندعوكم إلى ترقب نتائج الانتخابات الذي سيكون سريعاً وقريباً خلال الساعات المقبلة».
في مقابل ذلك، أعلن مكتب «الاتحاد الوطني الكردستاني» في أربيل، رفضه لنتائج الانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في عاصمة إقليم كردستان، فيما قرر تقديم شكاوى لمفوضية الانتخابات.
وذكر المكتب في بيان، بأن «مكتب الاتحاد الوطني يمتلك أدلة أن أربعة من مرشحيه فازوا في الانتخابات ولكن تم التلاعب بنتائجهم».
وأضاف: «نحن في الاتحاد الوطني نرفض كامل العملية الانتخابية في أربيل وننتظر نتائج الشكاوى، التي قدمناها للمفوضية» مشيراً إلى أن «الاتحاد لديه أدلة أيضاً أن «دوائر 3-4 كان التزوير فيها واضحاً جداً».
من جانبٍ آخر، قدّم الخبير القانوني طارق حرب، شرحاً موجزاً للمراحل والخطوات التي تفصل الكتل السياسية عن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.
ووفقاً لإحاطة أصدرها حرب، فإن البرلمان المقبل، لن يواجه مشكلة الكتلة الأكبر، التي تم حسمها في قانون الانتخابات للعام 2020، والذي سيمنح حق تكليف رئيس وزراء إلى الكتلة التي ستعلن المفوضية فوزها بأعلى عدد من المقاعد، وسيكون على الأخيرة إبرام تحالفات لضمان تصويت الأغلبية المُطلقة بالنسبة للحاضرين في جلسة تمرير الحكومة، كالحصول على أصوات 151 فيما لو كان الحضور 300 نائب في الجلسة.
وأوضح أن «بعد أن تتولى مفوضية الانتخابات إعلان النتائج الانتخابية بشكل رسمي، تكون للمعترضين على النتائج ثلاثة أيام من اليوم التالي لإعلان النتائج للطعن بالنتائج أمام الهيئة القضائية للانتخابات» لافتاً إلى «منح القانون الهيئة القضائية للانتخابات سبعة أيام لإصدار حكم بشأن الطعن ويكون قرار الهيئة القضائية نهائياً».
وطبقاً للخبير القانوني العراقي فإن «بعد إكمال ما تقدم، تتولى المفوضية عرض النتائج الانتخابية بشكلها المعدل وفق أحكام الهيئة القضائية على المحكمة الاتحادية العليا التي تتولى المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات وعادة تستغرق عملية المصادقة من المحكمة نحو ثلاثة أيام».

جلسة للبرلمان المنتخب

وأضاف: «خلال خمسة عشر يوماً من المصادقة على النتائج يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد للانعقاد بمرسوم جمهوري، وفي أول جلسه لمجلس النواب الجديد تعقد الجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سناً، على أن تكون الجلسة الأولى لمجلس النواب مخصصة لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ويكون ذلك بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس أي بموافقة أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس، وحيث أن عدد اعضاء المجلس 329 نائباً فإنه يشترط موافقه 165 نائباً على الأقل».
وزاد: «أول عمل يقوم به مجلس النواب بعد انتخاب رئاسة المجلس يفتح المجلس باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، حيث يشترط موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس في الجولة الأولى، أي موافقة210 نواب باعتبار عدد الأعضاء 329، فإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذا وهو ما حصل في جميع الدورات الانتخابية الأربع، بالنسبة لطالباني ومعصوم والرئيس الحالي، عندها يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ويعلن رئيساّ من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني بغض النظر عن العدد».
ومضى قائلاً: «يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً، وخلافاً للدورات السابقة فقد قطعت المادة 45 من قانون الانتخابات الحالي 9 لسنة 2020 الجدل وقررت منع انتقال النواب قبل تشكيل الحكومة، وذلك يعني أن الكتلة النيابية الاكثر عدداً هي من تحصل على هذا العدد كما أعلنت مفوضية الانتخابات وصادقت المحكمة العليا، وليس الكتلة التي تتكون في مجلس النواب، لأن المادة 45 تمنع الانتقال بين النواب، ثم تبدأ الائتلافات لتحقيق الأغلبية المطلوبة للتصويت».
وختم حرب بالقول: «الأغلبية المطلوبة للموافقة على مجلس الوزراء الجديد هي الاغلبية المطلقة من عدد الحاضرين من النواب، فإذا كان عدد النواب الحاضرين 300 نائب، فإن موافقة 151 كافية لرئيس الوزراء والوزراء».

قد يعجبك ايضا