كتاب: قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية تشرعن جرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية

وهج 24 : صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” كتاب تحت عنوان “قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967” للمحامية سوسن زهر، يستعرض قرارات المحكمة في القضايا المتعلقة بالمساس بحقوق الفلسطينيين.

ويرسم الكتاب صورة شاملة لكيفية إسباغ المحكمة العليا، الشرعيةَ القانونية على الأنشطة العسكرية التي تقوم بها قوة احتلال، وعلى الأسلوب الذي استخدمته من الناحية القضائية لتبرير استمراره. وعلى خلفية ذلك يورد الكتاب معلومات مفصلة عن قرارات الحكم التي أصدرها القضاة أنفسهم وكما تم تسويغها، من خلال وصف الوقائع وتحليل الوضع القضائي بمنظور القضاة ومن وجهة نظرهم.

ويتضح من قرارات الحكم الواردة في الكتاب أن المحكمة الإسرائيلية العليا قدّمت مظلة قانونية ليس لتعزيز الاحتلال واستمراره فقط، وإنما أيضا لتنفيذ العديد من الإجراءات المختلفة التي تشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، وتشكل في جزء كبير منها “جرائم حرب”، كما جرى تحديدها وتعريفها في معاهدة روما.

يعرض الفصل الأول من الكتاب قرارات الحكم الخاصة بمصادرة أراضٍ فلسطينية لغرض إقامة مستوطنات، حيث رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا مناقشة الادعاءات ضد مجرّد شرعية المستوطنات، بتسويغ أنها قضية غير قابلة للمقاضاة لأنها قضية حزبية وسياسية لا يمكن التدخل فيها. وقد قبلت المحكمة الإسرائيلية العليا في العام 1979، للمرة الأولى، التماساً ضد إقامة مستوطنة ألون موريه، بعد أن خلصت إلى أن ما يقف وراء إنشاء المستوطنة هو مصلحة سياسية للمستوطنين وليس مصلحة عسكرية للجيش، لكن مع رفض أن المستوطنة مناقضة للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل سكان من دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة، بدعوى أن البند 49 غير ملزِم للجيش لأنه ليس جزءًا من القانون الدولي العرفي”.

ترسيم الحدود

ويتناول الفصل الثاني من الكتاب موضوع ترسيم الحدود بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وذلك بعد قرار الحكومة الإسرائيلية عام 2002 بالموافقة على بناء الجدار الفاصل العنصري الذي تم تخطيط وإقامة الجزء الأكبر منه داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة. حيث قضت المحكمة الإسرائيلية العليا بأن قرار حكومة  الاحتلال بناء الجدار هو قرار قانوني وأسبابه أمنية، وأن الجدار أقيم لأغراض عسكرية والحفاظ على أمن إسرائيل، وفق ادعاء الدولة. وبناء عليه، فليس هنالك مبرر لإزالة الجدار. وأكدت المحكمة الإسرائيلية العليا التي تدعي أنها رمز العدل في دولة الاحتلال، أنه يحق للجيش الإسرائيلي، بموجب أنظمة لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة، مصادرة أراضٍ لأغراض عسكرية مختلفة حتى لو كانت تلك الأراضي بملكية (فلسطينية) خاصة، وطالما أن الحاجة إلى بناء الجدار هي ضرورة عسكرية، فليس ثمة انتهاك لحق الملكية من شأنه إلغاء صلاحية القائد العسكري إقامة جدار الفصل العنصري. وهكذا، شرعنت المحكمة الإسرائيلية العليا إنشاء حدود مادية ملموسة بواسطة جدار الفصل الاسمنتي والمعدني أما مسألة التمييز بين حدود الخط الأخضر وبين ما يقع وراءه فلم تشغل بال المحكمة العليا أبدًا.

العقاب الجماعي للفلسطينيين

ويتطرق الفصل الثالث من الكتاب الحقوقي إلى قرارات الحكم الأساسية التي صدرت عن المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن طريقة إدارة الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل القائد العسكري في المجالات المدنية واليومية. ويعرض الفصل الرابع من الكتاب قرارات الحكم التي أصدرتها المحكمة الإسرائيلية العليا في مجال تقييد الحريات والعقاب الجماعي. وقد صدّقت المحكمة العليا على الغالبية الساحقة من هذه الإجراءات العقابية، الفردية والجماعية، إلى درجة أنها قد تشكل في المستقبل القريب مرجعية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لإثبات وجود سياسة تعتبر جريمة حرب ترتكبها إسرائيل ضد السكان الفلسطينيين، بما يشكل انتهاكاً لمعاهدة روما. وفي الفصل الخامس من الكتاب متابعة لقرارات الحكم المتعلقة بالديموغرافيا ولم شمل الأُسر الفلسطينية. حيث يتبيّن الدور الرئيس الذي لعبته المحكمة الإسرائيلية العليا في تكريس سيطرة إسرائيل كقوة احتلال على التركيبة السكانية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية، بما فيها الشطر الشرقي من القدس المحتلة.

قطاع غزة المحاصر

ويعالج الفصل السادس قرارات الحكم التي أصدرتها المحكمة الإسرائيلية العليا في الالتماسات المقدمة بشأن انتهاك أوامر القانون الدولي الإنساني بخصوص سكان قطاع غزة، مركزاً على قرارات الحكم التي صدرت عن المحكمة بعد تنفيذ “خطة الانفصال” الإسرائيلية عن قطاع غزة في العام 2005. ويوضح الكتاب الصادر عن المحامية سوسن زهر أن المحكمة الإسرائيلية العليا إذ قدّمت مصادقتها القانونية على إجراءات الجيش الإسرائيلي التي فرضت وعززت الحصار الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة منذ العام 2008 وحتى اليوم.

وتم التطرق إلى أن المحكمة الإسرائيلية العليا طبقت بصريح العبارة عقيدة “رعايا العدو” على قطاع غزة، والتي تنفي وجود وسائل مساعدة قضائية فعالة من خلال التعويض عن الأضرار التي سببتها قوة الاحتلال، وخاصةً عندما تكون الأضرار ناجمة عن عمليات غير حربية أو عسكرية.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا