بيت لحم تستقبل “إضاءة شجرة الميلاد” بإلغاء حجوزات الفنادق.. والسياحة الداخلية قد تعيد بهجة المدينة

وهج 24 : بعد عامين متتاليين من تقليص احتفالات الميلاد في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، تحاول المدينة التي تطلق على نفسها “عاصمة الميلاد” جاهدة استعادة ألقها وحضور احتفالاتها السنوية التي غابت بسبب جائحة كورونا.

تلك الجائحة بحسب مصادر رسمية عملت على تبديل ملامح احتفالات الميلاد في “عاصمة الميلاد” كما لم يفعل أي شيء آخر.

وكانت فعاليات المدينة الرسمية والخاصة والأهلية والدينية قد عقدت الآمال العريضة على تنشيط المدينة وإنعاشها اقتصاديا، وإعادة مجدها في نشر الفرح والبهجة والسلام بعد ركود طال أمده. لكن الأمنيات العريضة على الحركة السياحية الكبيرة تقلصت مع التراجع الكبير في الحجوزات بسبب ظهور الطفرة الجديدة من فيروس كورونا في جنوب أفريقيا وما ترتب على ذلك من اكتشاف عشرات الإصابات منها في دول العالم، وهو ما بدد أحلام نشاط الحركة السياحية والدينية.

الرهان على الداخل

“أسواق الميلاد” كانت إحدى الفعاليات التي راهنت عليها بلدية المدينة من أجل تنشيطها، فأطلقت يوم أمس الحدث الذي سيستمر على مدى 10 أيام متواصلة في منطقة “شارع النجمة” المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

تجمع الأطفال صغار وأهاليهم وبضع عشرات من سكان المدينة مساء أمام المنصة الضخمة التي اشتعلت بالإنارة والزينة وخرجت منها الموسيقى الاحتفالية التقليدية، فيما صعدت كارمن غطاس مدير العلاقات العامة في بلدية بيت لحم على المنصة وهتفت في الحضور قائلة: “المدينة تحاول أن ترجع بقوة هذا العام، هناك طاقة جديدة مصدرها عاصمة الميلاد”.

وتابعت بصوت حماسي حاولت نقله للحاضرين: “على عكس العام الماضي ثمة حركة جديدة”، ومن ثم أعلنت باسم بلدية بيت لحم بداية انطلاق فعاليات “سوق الميلاد” بهدف جذب أكبر عدد من سكان المدينة وزوارها من مدن الضفة الغربية والمدن الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل.

وبدأ “سوق الميلاد” قبل 21 عاما لكنه هذا العام نقل مكانه وتم توسيع فعاليته ليكون أكبر وأوسع من خلال نقله ليكون في “شارع النجمة” حيث سيستمر على مدى عشرة أيام متواصلة من الساعة 3 – 9 مساء.

وتخلل الافتتاح المسائي عروضا فنية راقصة للدمى العملاقة، ووصلة فنية قدمتها فرقة الروك الفلسطينية “صوان”، كما سارت العربات الملونة بالأحمر وخرج منها شخص يرتدي لباس “سانتا كلوز” وأخذ يدق بالجرس ومن خلفه عشرات الأطفال والمواطنين باتجاه شارع النجمة الذي فتح أبوابه لعرض المنتجات الميلادية.

العين على العام القادم

وينتظر سكان المدينة يوم السبت (4 كانون أول/ ديسمبر) وفيه ستضاء شجرة عيد الميلاد تحت رعاية الرئيس محمود عباس وبحضور رئيس الوزراء محمد اشتية تمام الساعة 6 مساء، وهو الحدث الأبرز الذي تشهده المدينة كل عام.

ومن أجل جذب أكبر عدد ممكن من الجماهير وبهدف خلق تجربة مذهلة أدخلت البلدية تقنية RGB المتعلقة بالإضاءة حيث ستعمل على إضاءة الساحة ومحيطها بطريقة رقمية تمكن من خلق حالة شعورية مذهلة.

رئيس بلدية بيت لحم المحامي أنطون سلمان صعد بدوره على منصة إطلاق “سوق الميلاد” وتحدث بحماس معتبرا أن مشهد المدينة التي تعلن عن نفسها بالزينة والإضاءة يتحدث عن نفسه.

واعتبر سلمان أن المدينة نعمة من الله على العالم، وها هي تعود عاصمة الميلاد لأيامها الجميلة والمبهجة.

وأضاف: “سعت البلدية لتحديث فكرة السوق، وعملت على إعادة تنظيمه بالبلدة القديمة (شارع النجمة) لتشجيع أصحاب المحلات للمشاركة بالسوق وتسويق المنتجات”، وتمنى أن يحظى بالقبول وتفاعل المواطنين.

ويعتبر شارع النجمة المدرج على قائمة التراث العالمي واحدا من أقدم الشوارع التجارية في بيت لحم وهو يربط بين الجزء الشمالي من البلدة القديمة بالجزء الجنوبي وقد بنيت معظم المباني على طول الشارع في القرن 19 الميلادي، وفيه أكثر من 160 محلا تجاريا، إضافة إلى “متحف بيتنا التلحمي” أو “متحف بيت لحم للفنون الشعبية” الذي يعد واحدا من أكبر المتاحف في الأراضي الفلسطينية.

وأشار سلمان بدوره إلى أن الفعاليات هذا العام تحاول أن تعيد الحياة للمدينة من جديد، وتمنى أن يعود الحجاج إلى المدينة التي افتقدتهم خلال العامين المنصرمين.

وبحسب سلمان فإن السوق سيتضمن أسواق الحرفيين المرتبطة باحتفالات الميلاد، ومنتجات العمل المنزلي، ومنتجات المؤسسات النسوية والأعمال اليدوية والخزفية والرسم على الزجاج والحلي والتطريز.

وفي تصريحات صحفية سابقة قال سلمان أن أهالي المدينة اتخذوا موقفا من البلدية في العام الماضي، لكونها قلصت الاحتفالات بفعل جائحة كورونا، وهو أمر جاء بعد عام مميز من الاحتفالات شهدته المدينة في 2019.

وأضاف: “نريد أن نجعل من الاحتفالات في الأعياد في نهاية هذا العام فرصة لإطلاق النشاط السياحي من جديد، فنجاح الاحتفالات هذا العام سيلقى أثرا على المدينة في العام القادم”.

وكان موكب حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، قد وصل بيت لحم السبت الماضي قادما من مدينة القدس إيذانا بالبدء باحتفالات أعياد الميلاد المجيدة، وعيد القديسة كاترينا الرعوية شفيعة رعية اللاتين، الذي يصادف الأحد الماضي.

حيث انطلق الموكب صباحا من دير اللاتين في الباب الجديد بالقدس، وصولا إلى دير مار الياس، بعدها تابع تقدمه وصولا إلى دوار العمل الكاثوليكي، استقبل من قبل المحتفلين، ثم ترجل من مركبته، وسار عبر شارع راس افطيس، والنجمة، تقدمه مجموعات كشافة تراسنطة، مرشدات مار يوسف، والسالزيان، وصولا إلى ساحة المهد.

إلغاء الحجوزات

ومع تصاعد المخاوف من متحور كورونا الجديد “أوميكرون” قال رئيس جمعية الفنادق الفلسطينية الياس العرجة إن جميع الوفود السياحية التي كانت ستبيت في بيت لحم خلال فترة إضاءة شجرة الميلاد ألغت حجوزاتها.

كما توقع العرجة أن تزداد نسبة الإلغاء مع تزايد الدول الحمراء التي تصنف على أنها منطقة نشطة وبائيا وبالتالي لا يمكن السفر منها.

وقبل أسابيع بلغت نسبة الحجوزات في فنادق المدينة بحسب العرجة ما بين 70 – 80% من الطاقة الاستيعابية، لكن ذلك عاد إلى نقطة الصفر.

ويراهن العرجة وسلمان على السياحة الداخلية في إنعاش المدينة خلال الاحتفال بالأعياد، فيؤكد أنطوان سلمان أن البلدية عملت على تركيز الدعاية الترويجية للاحتفالات ولسوق الميلاد في مدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني.

وكانت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قد راهنت على هذا الموسم وأعلنت عن بدء استقبال السياحة بعد استكمال كافة الاستعدادات مع الجهات ذات العلاقة مع الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية للحد من انتشار فيروس كورونا على أمل العودة تدريجياً لما كانت عليه الأوضاع قبل الجائحة لكن الرياح جرت بعكس ما تشتهيه المدينة وتتمناه.

ويعتمد أكثر من 80% من سكان المدينة على العمل في السياحة غير أن جائحة كورونا أوقفت قدوم آلاف السياح بشكل يومي وهو ما جعلها تعيش أزمة اقتصادية خانقة.

معيقات إسرائيلية

رئيس البلدية انطوان سلمان قال إن السياحة في المدينة تواجهها عقبتان الأولى مرتبطة بإجراءات الدول المرتبطة بتطورات الوضع الوبائي فيها، “وهو أمر ليس لنا فيه أي تدخل، أما العقبة الثانية فهي مرتبطة بتحكم وسيطرة دولة الاحتلال في عملية دخول الزائرين للمدينة، فهي تسيطر على المطارات والمعابر والموانئ وهو ما يجعلها متحكمة بكل العملية السياحية”.

وتابع سلمان: “إسرائيل تريد أن يأتي السياح إلى بيت لحم لكنها تحصد نتائج ذلك، تريد أن تكون هي المستفيدة الوحيدة من ذلك”.

 وأكد سلمان أن بيت لحم عبارة عن مجتمع فاعل وقادر على معالجة الأمور وتحديدا المرتبطة بالوباء، فالمدينة كانت في شهر أيار/ مايو من عام 2020 أكثر مكان آمن ومعافى من الفيروس في كل دول العالم.

وشدد على أن المدينة التي سجّلت أولى الإصابات بفيروس كورونا، في مارس/ آذار 2020 تفتخر بأنها لم تنقل أي إصابة لأي موقع آخر في فلسطين، وهي إشارة إلى عمل المدينة وتماسكها.

وبحسب أرقام رسمية فإن خسائر القطاع السياحي في فلسطين بلغت في العام 2020، مليارا ونصف دولار، وهي تقريبا نفس الأرقام في العام الجاري.

واعتبر العرجة، رئيس جمعية الفنادق، أن رهان عودة السياحة إلى المدينة يعتمد على الدول التي ما زال تصنيفها الوبائي أخضر، فمنها يمكن أن تأتي السياحة إلى المدينة، معتبرا مصر ونيجيريا دولتين مرشحتين أن تأتي سياحة جيدة منهما خلال الفترة القادمة.

واعتبر العرجة أن الاحتفالات في الأعياد الحالية لا تمنح المدينة الكثير سياحيا لكون الحجوزات قصيرة جدا وتتركز في يومين 4 و24 من الشهر الجاري أما الرهان فهو على شهر أبريل/ نيسان العام القادم حيث الاحتفال بعيد الفصح المجيد.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا