موظفو السلطة الفلسطينية يترقبون صرف الرواتب ويخشون العودة للنظام “الجزئي”

وهج 24 : يترقب موظفو السلطة الفلسطينية، الأيام القليلة المقبلة لمعرفة إن كانوا سيحصلون على رواتبهم كاملة كما في الأشهر الأخيرة، أن سيتلقون جزءا منها، على غرار أشهر كثيرة سابقة؛ بسبب الأزمة المالية، وهو أمر من شأنه أن ينعكس سلبا على عجلة الاقتصاد، فيما لم يرضِ رفع نسبة صرف رواتب موظفي غزة المعينين من حركة حماس، أصحاب الوظائف الدنيا.

صرف كامل أم جزئي

وجاء هذا الترقب بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء محمد اشتية، الذي عن الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها السلطة، وعن العجز المالي في الميزانية، وشح الأموال المتوفرة في الخزينة، وحديثه عن إمكانية عدم قدرة البنوك على إقراض الحكومة كما في الأشهر الماضية.

وفي حال لم يجرِ تأمين مبلغ الرواتب الشهري، والذي يقدر بنحو 200 مليون دولار، فإن الحكومة ستلجأ كما في أشهر سابقة إلى دفع جزء منها، قد يصل إلى 70% أو 50%، حسب الأموال المتوفرة لديها.

وخشية من الوصول إلى حل “جزء من الراتب” تفاعل الموظفون الحكوميون كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا على الصفحات المخصصة للحديث عن الراتب، وهي صفحات أنشأت على موقع “فيسبوك” وتنقل آخر تطورات الرواتب، والتصريحات حولها، كما تقوم بالكشف عن موعد الصرف، وهو موعد غير ثابت شهريا، حيث تصرف الحكومة الراتب أحيانا في اليوم الثاني أو الثالث من كل شهر، وأحيانا تصرفه بعد انقضاء الأسبوع الأول.

يشار إلى أنه في كل شهر منذ قيام إسرائيل باقتطاع جزء من أموال المقاصة، تلمح السلطة الفلسطينية إلى إمكانية عدم قدرتها على دفع الرواتب المخصصة للموظفين.

اللعب بالأعصاب

وعلى تلك الصفحات ومنها “رواتب موظفي السلطة”، و”رواتب سلطة رام الله والمتقاعدين”، وغيرها، كتب المتابعون تعليقات غاضبة على الأنباء التي رجحت عدم حصولهم على الراتب كاملا، وكتب موظف يكنى بأبو إسماعيل: “كل شهر يلعبوا بأعصاب الموظف وبقوت ولاده”، فيما علق آخر بالقول: “لكن في فلوس نص مليون يورو لترميم المدرج الروماني” وكان بذلك يرد على تصريحات رئيس الوزراء. أما نادر نواصرة فكتب مستهجنا: “في شح في رواتب بس فش شح للمشاريع، عند رواتب الموظفين بتصيروا (تصبحوا)  تشحدوا”.

ومن شأن هذه الخطوة لو اتخذت أن تؤثر كثيرا على الوضع الاقتصادي في كافة المناطق الفلسطينية، حيث إن عجلة الاقتصاد مركبة بطريقة تجعلها معتمدة في جزء كبير منها على رواتب الموظفين، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

وفي حال لم يحصل الموظفون على راتبهم كاملا، فإن هذا الأمر سيحد من قدرتهم على توفير الحد الأدنى من احتياجات أسرهم، أو مساعدة أسر أخرى “أقارب” في أزماتها المالية، وفي الأشهر التي كانت تدفع فيها الرواتب منقوصة، كان الموظفون يشتكون من عدم قدرتهم على تعليم أبنائهم في الجامعات، وعدم القدرة على توفير احتياجات أسرهم، فيما كان التجار وأصحاب المحال بشتى أنواعها، يشتكون من الركود، وانخفاض معدلات البيع، حتى أن الكثير من أصحاب محلات البقالة، كان يضع إعلانا في صدر المحل مكتوب عليه “ممنوع الدين للموظفين”.

وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قال “إن الظرف الذي نعيش به ليس سهلا، ولدينا عجز مالي ونأمل خلال الأيام المقبلة أن نتمكن من استكمال احتياجاتنا”.

وأكد اشتية أن الأزمة المالية ليست في تمويل المشاريع، بل بتوفير الرواتب في ظل توقف المساعدات العربية والمنح الخارجية من قبل الإدارة الأمريكية التي لم تدفع قرشا، حيث كانت تقدم 500 مليون دولار في السنة، منها 390 مليونا لوكالة “الأونروا”.

وقال اشتية: “تحدثنا مع الأشقاء العرب ونحن على ثقة أنهم لن يتركونا وحدنا لا من الناحية السياسة ولا المالية والمعنوية”، مشيرا إلى أن إيرادات السلطة تعتمد على ثلاثة مصادر وهي: الضرائب المحلية التي تقدر بحوالي 300 مليون شيقل شهريا، إضافة إلى أموال المقاصة بمعدل 700 مليون شيقل بالشهر، والتي تخصم إسرائيل كل شهر حوالي 220 مليون شيقل منها 100 مليون تصرف لأسر الشهداء والأسرى، فيما تبلغ فاتورة الرواتب لوحدها 920 مليون شيقل، وتحتاج السلطة إلى 1.02 مليار شيقل شهريا (الدولار يساوي 3.17 شيقل).

وأضاف: “لدينا عجز شهري؛ حيث كنا نقترض من البنوك، وهذا الشهر قد لا نستطيع الاقتراض، ونأمل في الأيام المقبلة استكمال الاحتياجات، ووزير المالية يتابع هذا الموضوع”.

رواتب موظفي حماس

ويأتي الحديث عن أزمة الرواتب لدى حكومة اشتية، في الوقت الذي قررت الجهات الحكومية في غزة والتي تتبع حركة حماس، تحسين نسبة صرف رواتب موظفيها في القطاع، لكن الأمر لن يرضي موظفي الطبقة الوسطى والدنيا، لعدم حصولهم على زيادات كبيرة.

ونشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، توضيحات حول رواتب الموظفين، وقال إن قرابة 51 ألف موظف يتقاضون رواتبهم عبر وزارة المالية في غزة، وبلغت قيمة رواتبهم حسب نسبة الصرف المعمول بها حاليا نحو 100 مليون شيقل.

وأشار البيان إلى أنه لسنوات عديدة لم تزد نسبة دفعة الراتب عن 40% بحد أدنى 1200 شيقل، وقال: “عندما تم تخصيص مبلغ 5 مليون دولار من المنحة القطرية لصالح الموظفين، تمكنت الحكومة في حينه من تعديل نسبة الصرف لتصبح 50%، ورفع الحد الأدنى للرواتب ليصبح 1400 شيقل”.

ولفت إلى أنه مع زيادة قيمة المنحة القطرية المخصصة للموظفين لتصبح 7 ملايين دولار، تم زيادة نسبة الصرف حتى وصلت 55% وبحد أدنى 1500 شيقل، وبيّن أن التغير الفعلي على المنحة حاليا هو زيادة بقيمة 3 ملايين دولار، وهو ما أتاح رفع نسبة الصرف بحد أدنى 60% وبقيمة 1800 شيقل.

وقال البيان إن الزيادة الحالية راعت أن يستفيد جميع الموظفين وإن كان بنسب متفاوتة ولكن كانت الاستفادة بشكل خاص لفئة أصحاب الرواتب المتدنية عبر رفع الحد الأدنى بمبلغ 300 شيقل، وهي ذات القيمة التي استفادت بها الفئة العليا من الموظفين بدرجة مدير عام.

وجاء هذا البيان، بعدما عبر موظفو الدرجات الدنيا عن غضبهم من هذه الزيادة، معتبرين أن المستفيدين بالدرجة الأولى منها هم أصحاب الوظائف العليا، منتقدين عدم تحديد نسبة أعلى للصرف، كما تم تحديد نسبة الصرف الدنيا.

يشار إلى أن أزمة دخول أموال المنحة القطرية المخصصة لرواتب موظفي غزة، انتهت قبل أيام، بعد الاتفاق الجديد على آلية دخولها، حيث كانت إسرائيل تمنعها منذ انتهاء الحرب الأخيرة ضد غزة في مايو الماضي.

والمعروف أن موظفي غزة الذين عينتهم حركة حماس بعد سيطرتها على القطاع، لا يتبعون السلطة الفلسطينية. وبسبب قلة السيولة المالية يتم دفع نسب من رواتبهم.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا