لماذا يجب علينا مساعدة أفغانستان…؟!!!
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…….
ما جرى في أفغانستان وما زال يجري هو ظلم كبير لذلك البلد الإسلامي ولشعبه الطيب والمقاوم والذي عانى وما زال يعاني الأمرين، وكل ذلك سببه الإحتلال الأمريكي المتوحش الذي دمر أفغانستان في وقت كان شعب أفغانستان آنذاك بحاجة إلى الدعم العربي والإسلامي والدولي ولم يجده للأسف الشديد، واليوم يترك مرة أخرى وهو بحاجة لكل أنواع الدعم أكثر من ذي قبل ونرجوا أن يجده من الدول المحيطة ودول الأمة العربية والإسلامية قريبا بإذن الله تعالى….
فبعد عشرون عاما من الإحتلال الأمريكي البغيض وقتل مئات الآلاف من أبرياء الشعب الأفغاني على أيادي المحتلين وبسلاحهم المحرم دوليا وبطائراتهم النفاثة خرج المحتلين مهزومين مذلولين على مرأى من العالم أجمع بعد أن إستنجدوا بدولة عربية وهي قطر لمساعدتهم للحفاظ على ما تبقى من ماء وجوههم البغيضة لحماية جنودهم من حركة طالبان التي قاومتهم لمدة عشرون عاما ولم تستسلم لهم أو تسلم الراية للمحتل أو حتى تعترف به أبدا…
وبعد أن سيطرت حركة طالبان على الحكم بعدة أشهر قامت بتشكيل حكومة مؤقتة من الحركة نفسها على أن يتم تشكيل حكومة أوسع في المستقبل، لكن أمريكا وكل الغرب وحتى ينتقموا من هزيمتهم بأفغانستان وضعوا العراقيل الدولية بعدم الإعتراف بتلك الحكومة، وترك الشعب الأفغاني وبلده المنهار من حروب أمريكا العبثية وحيدا يواجه مصيره بلا حكومة معترف بها من الدول المحيطة أو من الدول العربية والإسلامية أو من المجتمع الدولي وبلا مساعدات إنسانية ولا أدوية أو أغذية ولا مؤسسات حكومية وخاصة تستطيع العمل ولا مدارس ولا جامعات وقوف تام، وتطالب حركة طالبان المنهكة من الحروب المتتالية وحكومتها المؤقتة الغير معترف بها بعمل كل ذلك لوحدها…
وحكومتها المؤقتة تحاول داخليا على عدة محاور تسير أمور مؤسسات حكومتها وتشجيع القطاع الخاص على العمل وتأمين الأمن والآمان للشعب الأفغاني ومحاربة الدواعش ومحاورة المعارضين ومحاولة شرح الصورة كاملة للدول المحيطة وللدول العربية والإسلامية والدولية للإعتراف بها وأيضا تطالب أمريكا بإعادة الأموال المحجوزة لديها لإعادة الإعمار وتحريك عمل مؤسساتها وتأمين ما يلزمها وما يلزم الشعب الأفغاني، لكن دون الإعتراف بحكومتها المؤقتة فكيف ستتحرك داخليا وخارجيا وكل ذلك مخطط له لإذلال حركة طالبان وشعبها المقاوم الذي لم ولن يرضخ للمحتل الأمريكي وحلفائه أبدا…
لذلك دعت باكستان إلى عقد قمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي لإنقاذ شعب أفغانستان من الفوضى المتوقع أن يغرق فيها بصمت مخيف إذا لم يتم تقديم الدعم والمعونة المباشرة له لينهض ذلك الشعب الإسلامي ويعود إلى دوره في أمته وفي العالم، وبالرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها الأمة الإسلامية إلا أنه تم عقد المؤتمر وتم الإتفاق على تقديم الدعم للشعب الأفغاني وبتشكيل حكومة شاملة تجمع كل أطياف الشعب الأفغاني…
وبعد عدة أيام من إنتهاء ذلك المؤتمر صرح اليوم الناطق الرسمي للرئاسة الأمريكية بأنه – سيتم إرسال المعونات العاجلة للشعب الأفغاني وسيفرج عن بعض الأموال المجمدة لمساعدة الشعب الأفغاني وعلى الدول المحيطة أن تساعد وتسمح بذلك – ليظهر أمام العالم بأن الدول المحيطة لأفغانستان هي من يعطل ويمنع دخول المساعدات،وهو إفتراء وكذب وإلا لما قامت باكستان بدعوة منظمة المؤتمر الإسلامي للإنعقاد بعد أن يأست من أمريكا والعالم وهي تشرح لهم الصورة المأساوية التي يمر بها الشعب الأفغاني وما تتعرض له حركة طالبان وحكومتها من ضغوط وحروب داخلية مع بعض السياسيين المؤارضين والدواعش وخارجية مع من يشوه صورتها ويمنع إنفتاحها على الدول المحيطة والعالم، فالهيمنة الأمريكية الخارجية تريد أن تبقى حالة التردي والفوضى التي تعيشها أفغانستان لتصيب كل قطاعات المجتمع الأفغاني لتخرجها عن عادتها وتقاليدها وعن قيم الأمة ومبادئها ومرجعيتها الحضارية ودينها السمح، فتصبح بعد ذلك غير قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية لذلك هي تدعم حاليا طرف ضد طرف لتبعثر وحدة الشعب الأفغاني وتمنع نهضته من جديد وتهيمن عليه مرة أخرى عبر حقوق الإنسان الكاذبة والمؤارضة المدعومة من الخارج وحرية المرأة المزورة والتي يريدون لها أن تكون مجرد أنثى تستخدم للمصالح الذاتية، وتصبح كنساء أمريكا وتتنصل وتتبرأ من قيمها ومبادئها وأخلاقها ودينها للأسف الشديد…
لذلك يجب على دول الجوار ودول الأمة حشد كل طاقاتها وتقديم الدعم اللوجستي لشعب أفغانستان ولحكومته المؤقتة للخروج من ذلك النفق المظلم، وتحقيق وحدة الشعب الأفغاني ونهضته الحضارية الإسلامية الحقيقية والتي تمهد لتغيير مجمل الأوضاع المتردية التي يعيشها، ويجب إعادة الحياة في حكومة طالبان المؤقتة وفي كل المؤسسات الحكومية العسكرية والمدنية والمؤسسات الخاصة لتقوم بدورها التنظيمي والحقيقي لمواجهة التحديات والعوامل الداخلية والخارجية المعيقة لتقدمها ولقيادة الشعب الأفغاني إلى المستقبل المشرق والأفضل الذي يعبر عنه ويحقق له الحياة الكريمة والحرة التي تناسبه ويتمناها أي شعب على وجه هذه الأرض، وعلى حكومة طالبان أن تصنع المستقبل الذي يريده شعبها حسب الإتفاق الكامل بينهما على الرؤيا والمنهاج ليتحقق الإستقلال الديني والسياسي والحضاري والثقافي والإجتماعي وأيضا السيادة الحقيقية الخالية من الهيمنة الخارجية بعد بناء واقع مميز يرتبط مباشرة بالأمة العربية والإسلامية ودولها وشعوبها ومع الدول المحيطة ودول أحرار العالم….
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب وباحث سياسي…