التوترات بين المنتجين والمستهلكين أشعلت أسعار الطاقة في 2021

الشرق الأوسط نيوز : شهد العام 2021 ارتفاعاً محموماً في أسعار المواد الأولية المرتبطة بالطاقة، من غاز ونفط وفحم، انعكس بشكل زيادة في تكلفة الكهرباء والكربون، خصوصا بسبب تجدّد التوتّرات الجيوسياسية بين البلدان المنتجة وتلك المستهلكة.
وقالت بربارا لامبريشت، المحلّلة لدى مصرف “كوميرتسبنك” الألماني، أن “الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة هو الحدث الأكثر تأثيراً” هذه السنة في مجال المواد الأولية.
وسُجّل الارتفاع الأشدّ وقعا في ميدان الغاز الأوروبي، حيث شهد مؤشّر “تي.تي.إف” الهولندي المرجعي لأسعار الغاز مستويين قياسيين في مطلع تشرين الأول/أكتوبر ثمّ في منتصف كانون الأول/ديسمبر، حيث بلغ في أول أيام فصل الشتاء 187785 يورو للميغاوات في الساعة، أي أكثر بعشر مرّات من سعره في مطلع العام.
ومردّ تحليق الأسعار هذا اعتماد أوروبا على روسيا التي تمدّها بثلث الغاز المستهلك.
ويشتبه الغرب في أن روسيا تحدّ من تسليم الغاز للضغط على الأوروبيين والظفر بمرادها في عدّة ملفّات، من بينها إطلاق خط الأنابيب الجديد “نورد ستريم2” لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا.
غير أن الناطق باسم عملاق الغاز الروسي “غازبروم” نفى الأسبوع الماضي هذه الاتهامات، وقال أنه “لا أساس لها من الصحة.
وتتواجه موسكو في شدّ حبال آخر مع العواصم الأوروبية عند الحدود بين روسيا وأوكرانيا حيث يحتشد عشرات آلاف الجنود.
وتضاف إلى ذلك مجموعة من العوامل أبرزها، انتعاش قوّي للاقتصادات المترنّحة بفعل كوفيد-19، لا سيّما في آسيا، وقلّة المخزون في مطلع الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ومساهمة ضئيلة لمصادر الطاقة المتجدّدة، خصوصا بسبب قلّة الهواء.
كما أشعلت التوتّرات بين البلدان المنتجة وتلك المستهلكة سوق النفط في 2021، بعد سنة كارثية في 2020 على صعيد الطلب تحت وطأة الفيروس.
وفي مسعى إلى الحدّ من تأثير الانتعاش السريع للاستهلاك على الأسعار والتضخّم المتسارع الوتيرة أصلاً، دعت الولايات المتحدة الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدّرة للنفط وشركاءها في مجموعة “أوبك+”، وبينهم روسيا، إلى زيادة إمداتهم إلى السوق.
غير أن المجموعة، القادرة على خفض أو زيادة الإنتاج بحسب مشيئتها، اكتفت بزيادة الإنتاج بشكل طفيف شهراً بعد شهر بهدف الانتهاء في خريف 2022 من سياسة خفض وتحديد حصص عُزّزت في نيسان/أبريل 2020 في وقت تهاوت الأسعار.
ونتيجة لذلك، ارتفع سعر خام برنت المرجعي بأكثر من 50% في 2021 ليجاور الثمانين دولاراً للبرميل مؤخراً.
وبسبب ارتفاع أسعار النفط وتحليق أسعار الغاز، اضطرت بعض البلدان إلى اللجوء مجدّدا إلى الفحم، وهو أحد مصادر الطاقة الأكثر تلويثا، في وقت تسعى دول كثيرة إلى الحدّ من استخدامه لمواجهة الأزمة المناخية.
وقد بلغ سعر الطنّ الواحد من الفحم المعدّ للتسليم في مرافئ أمستردام-روتردام-أنتويرب مثلاً 280 دولاراً في مطلع تشرين الأول/أكتوبر، في حين كان مستقراً عند حوالى 100 دولار منذ 10 سنوات.
وأدّى الاستخدام المتزايد لمصدر الطاقة المُلَوِّث هذا إلى ازدياد الطلب على رخص التلويث القابلة للتداول، فحقّقت سوق الكربون مستويات قياسية.
ويشكّل تسعير طنّ ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوّي وسيلة لفرض ضرائب على مصادر الطاقة الأكثر تلويثاً لدفع المستهلكين إلى اللجوء إلى مصادر الطاقة النظيفة.
أما كلفة الكهرباء في سوق العمليات الآنية، فقد بلغت مستويات قياسية جديدة في أواخر السنة. ويرخي هذا الارتفاع بظلاله على عدّة صناعات شديدة الاستهلاك للطاقة، مثل معامل سباكة المعادن.

المصدر : أ ف ب

قد يعجبك ايضا