موقف كردستاني موحدّ في بغداد: الأكراد حجر الزاوية في مفاوضات تشكيل حكومة توافقية

الشرق الأوسط نيوز : تفيد المعلومات السياسي الواردة من الشمال، باتفاق الحزبين الكرديين الرئيسين (الديمقراطي الكردستاني، بزعامة جلال طالباني، والاتحاد الوطني، برئاسة بافل طالباني) في إقليم كردستان العراق، على الذهاب إلى بغداد «بوفدٍ موحّد» لخوض مفاوضات اختيار الرئاسات الثلاث، وتوزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة.

وبعيداً عن السجال الدائر في العاصمة الاتحادية، ينتظر الأكراد توحيد البيت الشيعي-المكوّن الأكبر في البلاد، لبدء مرحلة التفاوض المباشرة مع «الكتلة الأكبر» من دون أن يصطفّ الأكراد مع طرفٍ دون آخر، في خطوة يمكن أن تجعل من الأكراد «حجر زاوية» في تشكيل الحكومة الجديدة.
ورغم تصدّر الحزب الديمقراطي الكردستاني، نتائج الانتخابات في العراق- على مستوى التمثيل السياسي الكردي في البرلمان الجديد- بأكثر من 30 مقعداً نيابياً، غير إنه فضّل اشتراك جميع القوى السياسية الكردية بوفدٍ تفاوضي موحد يمثّل الموقف الكردي.
في هذا الشأن، يرى الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، في حديث لـ«القدس العربي» أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيمه مسعود بارزاني، أعلن منذ اليوم الأول لإعلان نتائج الانتخابات، بأنه سيدخل في مفاوضات مع جميع الأحزاب الكردية، سواء المشاركة في الانتخابات أو غير المشاركة (الفائزة والخاسرة) وضرورة أخذ جميع المواقف بعين الاعتبار، مبيناً إن «هذا موقف إيجابي من الحزب الذي يتزعم البيت الكردي، ويمتلك مقاعد في البرلمان الجديد تفوق الـ30 مقعداً».
وأضاف: «توحيد الموقف الكردي يأتي لكسب عامل الوقت وتقليل الجهد في المفاوضات، فضلاً عن خطاب موحدّ للمكون الكردي في العراق، تنتهجه جميع الأحزاب. الخطاب الكردي لن يكون مشتتاً هذه المرة، خصوصاً بعد أن شهدنا إخفاقات في المراحل السابقة في مسألة توحيد الخطاب».
وبشأن إمكانية اصطفاف الأكراد مع أحد الأطراف الشيعية «الإطار التنسيقي» أم «الكتلة الصدرية» أشار البيدر إلى إن «الخيار الكردي المطروح هو إنه لن يتحالف مع طرف على حساب طرف آخر. هذا المبدأ يسير على البيت السنّي والشيعي».
وأوضح إن «الأكراد يريدون أن يوجدوا مناخاً توافقياً، فمثلما يرتبط البيت الكردي بعلاقات مع التيار الصدري، فإنه مرتبط بقوى الإطار التنسيقي أيضاً».
ومضى يقول: «الأكراد انتقلوا من موقف (بيضة القبّان) إلى (حجر الزاوية). في السابق كان الأكراد ينتظرون اللمسات الأخيرة لمفاوضات تشكيل الحكومة، ومن ثم اختيار الجهة التي سيقفون إلى جانبها، أما اليوم نجد الموقف الكردي بأنه جاء مبكّراً» مبيناً إن «هناك توافقاً كردياً واتفاق جميع الأطراف على موقف موحّد».
ولفت إلى إن «البيت الكردي وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني يرفض حكومة الأغلبية، ويؤيد تشكيل حكومة توافقية».
من جهة ثانية، يوضّح البيدر إن «الأكراد أكثر حرصاً على وحدة البيت السنّي، وضمان عدم تشضّيه، فلولا الدعم الكردي لشهدنا أزمة داخل البيت السني، وخسارة السنّة الكثير من الامتيازات».
وبخصوص منصب رئيس الجمهورية، الذي من المقرر أن يكون من حصّة الأكراد، وفقاً لـ«عرف سياسي» متبّع منذ عام 2003 شريطة أن يتولى الشيعة رئاسة الحكومة، والسنّة قيادة البرلمان، أكد البيدر إن «المنصب حُسم لمصلحة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بكونه يمتلك أكثر من نصف مقاعد الأحزاب الكردية في البرلمان الجديد».
وأتمّ يقول: «هناك ثلاثة أسماء يجري الحديث بشأن ترشيحها لمنصب رئيس الجمهورية، أبرزها وزير الخارجية الأسبق، والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري».
وتعدّ المادة 140 الدستورية، بشأن إدارة المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، فضلاً عن نسبة الإقليم في الموازنة المالية الاتحادية، وقانون النفط والغاز وتعامل المركز مع قوات البيشمركه الكردية، أبرز الملفات التي يركّز الأكراد على حسمها في جميع المفاوضات السابقة.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عدالت عبدالله، ان «الأحزاب الكردستانية الفائزة في الانتخابات الأخيرة عليها البدء بمفاوضات جديدة وجدية صوب تشكيل الحكومة الجديدة، بأقرب وقت» موضحا ان «أسس المفاوضات يجب ان تتركز على عدة أمور، أهمها الشراكة الحقيقية في الحكومة المقبلة لان أغلب المشاكل بين الجانبين مصدرها عدم الالتزام ببنود الدستور».
ونقل إعلام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، عن عبد الله قوله: «الوفد الكردي إلى بغداد عليه، حسم ملفات المناطق المستقطعة والمادة 140 من الدستور، وموازنة البيشمركه وتأمين حصة إقليم كردستان من الموازنة المالية الجديدة» لافتا إلى ان «المفاوضات يجب ان تشمل حسم حصة الكرد من المناصب السيادية والوزارية الأخرى».
وأوضح إن «50 مقعدا للأحزاب الكردستانية، وفي ظل اتفاق مبدئي بين الأحزاب السياسية للتفاوض مع الأطراف السياسية في بغداد بوفد موحد، سينعكس ايجابا على المفاوضات» معربا عن أمله بـ«المزيد من التنسيق لضمان حقوق الكرد في العملية السياسية الجديدة».
وحسب مستشار رئيس إقليم كردستان العراق، دلشاد شهاب، فإن الحزبين الكرديين الرئيسين، اتفقا على المشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بـ«ببرنامج موحدّ».
وقال شهاب في تصريح أدلى به للصحافيين، الأسبوع الماضي، إنه «بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات جرت عدة اجتماعات بين الأطراف السياسية العراقية، رغم اختلاف الآراء حول المشاركة من عدمها في الحكومة العراقية من قبل الأطراف الكردستانية، ولكنها مجمعة على ضرورة الحفاظ على حقوق شعب كردستان».
وأشار إلى انه «في آخر اجتماع جمع الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، توصلا خلاله إلى تفاهمات جيدة للمشاركة ببرنامج واحد في حوارات تشكيل الحكومة الاتحادية».
بدوره قال هيمن هورامي، نائب رئيس برلمان كردستان، أنه «بعد الاستماع إلى آراء الأحزاب السياسية في الإقليم، سيذهب وفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومن الاتحاد الوطني الكردستاني إلى بغداد للشروع بالمفاوضات على تشكيل الحكومة».
وقال هورامي للصحافيين أيضا إن «الوفد مؤلف من أربع لجان مشتركة من الحزبين سيزور بغداد» مبينا أن «أحدى اللجان يقع على عاتقها كتابة البرنامج الحكومي».
وأوضح أن «الحزب يرغب بالتوجه إلى بغداد مع وفد مشترك، لكنه قبل الزيارة سيلتقي الأحزاب السياسية الكردستانية للاستماع إلى آرائها حول كيفية المشاركة في الحكومة العراقية».
في السياق ذاته، يقول عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، عباس عزيز، لمواقع إخبارية محلّية، إنه «من خلال زيارات القوى الشيعية للإقليم، فان الكرد أبلغوهم بأنهم لا يريدون أن يكونوا جزءا من المشاكل الموجودة بين طرفي القوى الشيعية» في إشارة إلى «الإطار التنسيقي» و«الكتلة الصدري».
وأضاف: «سوف يحاول الكرد أن يكونوا جزءا من الحل، وقد طالبوا القوى الشيعية بالتوصل إلى خيار وسط لمحاولة إشراك الجميع بالعملية السياسية على أساس التوازن والتنسيق والتوافق والشراكة الحقيقية، وليس المشاركة فقط» مبيناً إنه «إذا لم نكن موحدين ونحاول اجتياز الخلافات فإن البلد سيمر بمراحل حرجة الجميع في غنى عنها».
وردّت المحكمة الاتحادية الطعن على نتائج الانتخابات، قبل أن تقرر المصادقة عليها وإرسالها إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي دعا مجلس النواب الجديد إلى الانعقاد في التاسع من كانون الثاني/يناير الجاري، برئاسة النائب محمود المشهداني، أكبر أعضاء البرلمان الجديد سنّاً.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا