في ذكرى الكرامة والعزة والشموخ يجب أن تكرم أمهات الشهداء
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
حدثت معركة الكرامة المباركة قبل 54 عام بتاريخ
1968/3/21م، أي في مثل هذا اليوم المبارك، والتي كانت أول نصر عربي حقيقي بعد هزيمة ونكسة عام (1967) والتي كانت صدمة للدول والجيوش والشعوب العربية والإسلامية وكان من نتائجها إحتلال فلسطين كاملة من قبل العدو الصهيوني المدعوم من أمريكا وأوروبا المتصهينين وغيرها من الأراضي العربية الأخرى….
فكان نصر معركة الكرامة نصرا لكرامة كل الجيوش والشعوب العربية وليس فقط للجيش العربي المصطفوي الهاشمي وفصائل مقاومة فلسطين، فكان نصرا إستراتيجيا سطر فيه إخوتنا من الجيش العربي والمقاوميين الفلسطينين أسمى معاني الكرامة بالدفاع والتضحية عن ثرى الأردن الطاهر، وعندما إختلطت دماء الشهداء على ذلك الثرى العزيز على قلوب الأمة كاملة كان النصر المؤزر على تلك العصابات الصهيوغربية، وتحقق من خلال ذلك النصر الحصن المنيع في وجه أي مخططات توسعية وعنصرية للعصابات الصهيونية في منطقتنا العربية والإسلامية برمتها….
وقد تحقق النصر آنذاك بوحدة الدم والمصير بين الجيش العربي وبين فصائل المقاومة الفلسطينية وبدعم كامل من أبناء الشعب الأردني من كل الأصول والمنابت فتحققت بذلك معادلة النصر المعروفة والتي دائما وعبر التاريخ إذا إجتمعت وإتحدت فإنها ستحقق النصر للأردن ولكل الدول العربية والإسلامية وستهزم الأعداء وهي وحدة القيادة والجيش والمقاومة والشعب فتحقق النصر العظيم على أعداء الله والرسل والأمة والإنسانية جمعاء….
وفي هذه المناسبة العطرة نتذكر حنكة وحكمة القيادة الهاشمية للمغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جناته وبعض القادة العظماء من الجيش العربي المصطفوي أمثال المرحوم مشهور حديثة وغيره من الضباط والجنود والمقاوميين الذين ضحوا بأنفسهم للدفاع عن ثرى الأردن الطاهر، وعن كرامة الأردن والأمة العربية والإسلامية….
ويوم الكرامة كان يوم مباركا ويوم وحدة ونخوة وشهامة وكرم من الشعب الأردني وبكل أصوله ومنابته الذين كانوا يذهبون إلى مراكز ومواقع وميادين القتال للتطوع والإنضمام إلى صفوف الجيش والمقاومة والمعارك دائرة في كل الجبهات، وكانت الأمهات والزوجات والأخوات يقمن بتجهيز الطعام للجميع ويذهبن بأنفسهن لإيصاله على جبهات القتال والرجولة وتلك النساء هي من تستحق التكريم، والذكريات كثيرة التي نرفع بها رؤوسنا عاليا مفتخرين بذلك النصر العظيم وبمن خطط له ودعم إلى أن تحقق الهدف، وأيضا نرفع رؤوسنا عاليا ونفتخر بمن سار على نهج وقيم وعزة وكرامة معركة الكرامة إلى يومنا الحالي ومن سيبقى سائرا على نهج الكرامة إلى يوم القضاء على هؤلاء الصهاينة المحتلين وطردهم إلى ديارهم الغربية التي جاؤوا منها وتحرير فلسطين كاملة من البحر إلى النهر وتحرير الجولان ومزارع شبعا وغيرها…
وفي ذلك اليوم المبارك هزمت عصابات الصهاينة والجيش الذي لا يقهر كما روج له الغرب كي يخيف الجيوش العربية آنذاك بالرغم من كل الأسلحة الحديثة التي كان يمتلكها وبدعم غربي من الدول الكبرى، فكان نصر الكرامة أيضا نصرا حقيقيا لجم هؤلاء الصهاينة ليعرفوا أنهم أوهن من بيت العنكبوت وأنهم لا شيئ يذكر أمام قوة وحدتنا مهما إمتلكوا من أسلحة حديثة وفتاكة ومحرمة دوليا آنذاك ولغاية أيامنا الحالية، تلك الأسلحة تركوها ورائهم وتركوا قتلاهم وهربوا من ضربات الجيش العربي والمقاومة الفلسطينية وطلبوا وقف إطلاق النار معترفين بهزيمتهم أمام رجال الله على ثرى الأرض الأردنية المباركة…
نعم كبرنا وكنا نسمع في كل سنة تاريخا محفورا في ذاكرة الأمهات والآباء ومن عاشوا تلك المعركة وتابعوا أحداثها ونتائجها التي رفعت رؤوس الأردنيين والفلسطينين والعرب والمسلمين كافة وأشفت صدور قوم مؤمنين ، رغم الدموع التي إنهمرت من عيون الآباء والأمهات على فقدان الأحبة والأعزاء رحمهم الله جميعا وأدخلهم فسيح جناته….
واليوم نقول لأمهات وأخوات وزوجات وبنات الشهداء وكل الأمهات كل عام وأنتن بخير بذكرى معركة الكرامة الخالدة وعيد الأم العالمي وأنتن من يجب تكريمهن بكل ما تعنيه الكلمة لأنكن انجبتن رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وهنيئا لكن يا أمهات الشهداء لأننا نفاخر بكن الدنيا كلها فأنتن من ربى جيل الكرامة على الوحدة والعزة والنخوة والكرامة والشهامة والدفاع عن الوطن الأردني وعن فلسطين وعن الأمة كاملة…
وها هم أبنائكن وأحفادكن في الجيش العربي المصطفوي المقاوم يسيرون على نفس النهج لحماية الشعب الأردني والدفاع عنه من كل ما يهدد أمنه وأمانه ومن كل طارئ يهدد وحدته الشعبية وسلامة أراضيه …
يوم ذكرى الكرامة يقف أبناء جيشنا الأردني المصطفوي بكل حزم وإباء وعزة وشموخ مستذكرا بطولات من سبقوهم من أبائهم وإخوانهم وأجدادهم من شهداء الكرامة، ونحن نفاخر بجيشنا كل الدنيا والذي يخاطر بنفسه في البر والبحر والجو وفي كل مكان من حدود هذا الوطن الحبيب أرض الحشد والرباط لحماية الشعب الأردني من أي خطر محدق بحدوده، حماهم الله ورعاهم…
وذلك بدعم مباشر من القيادة الهاشمية الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين الأمير الحسين وآل البيت الكرام والشعب الأردني بكل ما يلزمهم من أجهزة عسكرية ووقائية وإستكشافية ودفاعية…وغيرها لحمايتهم ولتآمين حياتهم والحفاظ عليها والدفاع عنها أمام كل المخاطر التي تحيط بهم أو تقترب منهم أو من حدود الوطن خلال تنفيذهم للعمليات العسكرية….
وتكريما لدماء شهداء كرامة العزة والشموخ والإباء وتكريما لكل شهداء أبناء الأمة من دول وجيوش وحركات مقاومة خاضت حروب مع ذلك الكيان الصهيوني عبر سنوات مضت وحققت وما زالت تحقق الإنتصار تلو الإنتصار على ذلك الكيان الصهيوني تستمر إرادة الحياة لتثبت للجميع بأننا يجب أن نسير على نهجهم وخطواتهم وقيمهم وكرامتهم ومقاومتهم ووحدتهم لنسطر النصر تلو النصر وتكون بوابة الحياة والمجد والصمود لكل الأردنيبن من كافة الأصول والمنابت ولكل مقاومي وشرفاء وأحرار الأمة من قادة وحكومات وشعوب وجيوش وحركات مقاومة، وسننتصر على كل عدو تسول له نفسه بالإقتراب من وطننا وأمننا وآماننا وأمتنا العربية بإذن الله تعالى كما إنتصرنا في الكرامة على العدو الصهيوني الخبيث وهزمناه بقوة ووحدة القيادة والجيش والشعب والمقاومة، وبإرادتنا وصبرنا وقوة تحملنا وحمكتنا وحنكتنا وإستراتيجيتنا التي عجزت عن السير بها دول كبرى سنتخطى كل الصعاب وسننتصر في كل المعارك وسنقضي على أعداء البشرية على ثرى الأردن المبارك والطاهر وأرض الحشد والرباط إلى يوم الدين، والله على نصرنا لقدير إنه نعم المولى ونعم النصير….
رحم الله المغفور له الملك الحسين بن طلال قائد الكرامة ورحم الله شهداء الكرامة جميعا وأدخلهم فسيح جناته، وحمى الله الأردن وقائده الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه وحمى آل بيته الكرام وجيشه العربي المصطفوي الأردني المقاوم وحمى الشعب الأردني ومحور المقاومة من كل ما يحيط بهم من مؤامرات وفتن وحروب…اللهم آمين…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب وباحث سياسي…