مَرايَا وَطَن

الشاعرة رنا محمود / سورية.. …

 

فِي فُؤادِ الزَّمَنِ السَّعيدِ
كَانَ لنَا بَيتٌ مِنْ شُموعِ المِيلادِ
يَشهَدُ مَواسِمَ الفَرَحِ
وَشَطٌّ تَنَامُ فِيهِ مَرَاكِبُنَا
وَنَجمَةُ صُبحٍ
تَسهَرُ حَتّى تَغفو أعيُنُنَا
كَانَ لنَا شَمسٌ
تَلُمُّ نَدَى الأيَّامِ
بَعدَهَا ….
فِي عَاصِفَةِ الزَّمَنِ الرَّدِيءِ تَشَتّتنَا ” عَراة
فَعَلى أبوابِ هَذَا العَصرِ الدَّخيلِ
أشعَلَ الهَشيمُ ضَفَائِرَ
الأرضِ وَتَعَالَتْ حِمَمُ الحَرائِقِ تَنهَشُنَا بِالسَّعيرِ
فَشَنَقتْ أصَابِعُ الغَدرِ أزاهِيرَ الرُّمَّانِ وَالزَّيتونِ المُقَدَّسْ
حَمَلَتْ العَاصِفَةُ أحلامَنَا إِلَى الهَاوِيَةِ
فَهَوينَا مُمَزَّقَين
فَوقَ الأرصِفَةِ وَالطُّرُقَاتِ
فَمَا لهَا الدُّنيَا .؟
تَبُثُّ فِينَا الفَوضَى العَارِمَةَ
وَعَلى كُلِّ جَنبٍ
تَتَسَاقَطُ الفَراشَاتُ قَتلى الزُّهورِ
فَرَاحَ يَعوي صَوتُ الجَبَلِ المُرتَجِفِ
كَالنِّسَاءِ الثَّكَالَى
مَاعَادَتْ
فِي وَطَنِي تَعلُو تَرَاتِيلُ العِنَاقِ
بَلْ تَبكِي الأُمنِيَاتُ
وَتَضيقُ البِحَارُ
حَتّى تَاهَتْ بِنَا سُفُنُ الصّدَى
وَعَلَى ضِفَافِ العُمُرِ
تَمَزَّقنَا فَوقَ خَريفِ أَجنِحَتِنَا
فَبَكَى الأَمَلُ مرارة الخَيبَاتِ
وَنَحنُ
نَتَفَقَّدُ الضَّائِعينَ
مزق الزَّمَانُ وُجُوهَ أيّامِنَا
وَصَارَ لَونُ الدَّمِ كَسواد
الكُحْلِ فِي وَطَني
لَكِنَّنَا لَنْ نَمُوتَ مادام الأَمَلُ ينبض فِينَا
يَمُدُّ رَأسَهُ الصَّغِيرَةَ
مِنْ وَرَاءِ نَافِذَةِ النّبضَةِ
مِنْ شرفات جِدَارِ السَّمَاءِ
فَمُدَّتْ يَدٌ مِنْ نُورٍ
لِتَرْبُتَ عَلَى أكتاف الحَيَارَى
وَتَصُدَّ غُبَارَ الدَّهرِ عَنْ جِبَاه المُتعَبينَ
و تَقطِفَ مِنْ ثَغرِ الأطفَالِ قُبلَةً
تُحيي القُلُوبَ
علها توقظ مَا غَفَا عَلى خَدِّ النّسيَانِ
وَهِيَ تَنتَظِرُ مَوَاسِمَ الشُّروقِ

قد يعجبك ايضا