الوسيط الأوروبي يدفع الإيرانيين والأمريكيين للتقارب في مفاوضات الدوحة ومخاوف من تعثرها
الشرق الأوسط نيوز : تواصلت في العاصمة القطرية الدوحة جولة المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي، مع محاولات صعبة لحلحلة الخلافات بين الطرفين وصولاً لاتفاق، وسط مخاوف من فشل الجلسات.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن الوسيط الأوروبي يبذل مساعي لدفع الطرفين نحو التزام مرونة أكبر في القضايا الإشكالية والخلافات التي تحول دون التوصل نحو اتفاق نهائي، في ظل ابتعاد الطرفين عن تحقيق المرونة اللازمة.
وأكدت مصادر “القدس العربي” أن الرعاة والأطراف الضامنة للمفاوضات حاولت إقناع الطرفين الإيراني والأمريكي للمضي نحو تخفيف حدة التصريحات وتفادي ما من شأنه تعكير الجو الإيجابي الذي سيطر على المفاوضات غير المباشرة في بدايتها.
وقابل إنريكي مورا الوسيط الأوروبي الوفدين الإيراني والأمريكي كل على حدة لتحديد المسائل العالقة التي تعيق إحياء اتفاق فيينا.
وترعى مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي عبر وسيطها إنريكي مورا المفاوضات التي انطلقت الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة.
وكشف أكثر من مصدر أن الوفد الإيراني ما يزال مصراً على إلغاء إدراج الحرس الثوري الإيراني من لائحة الولايات المتحدة لرعاة الإرهاب، لكنه منفتح في نفس الوقت على بدائل أخرى، وتعويض في المقابل، في حال نوقش حل وسط يرضي الأطراف جميعها.
كما تركز إيران على تفاصيل فنية تتعلق بالعقوبات التي فرضت عليها، كما أن الولايات المتحدة منفتحة على هذه النقطة.
ويبذل الوسيط الأوروبي جهوداً معتبرة لتحقيق اختراق في المسائل الفنية التي كانت نقطة بداية مسار المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
قطر تسعى لإنجاح المفاوضات
تسعى السلطات القطرية لإنجاح المفاوضات بين الطرفين، وتوفير كل الإمكانات التي تسمح للتوصل لتفاهم.
وقالت الخارجية القطرية في بيان إنها تأمل أن تتوج محادثات الدوحة بنتائج إيجابية، وأعربت عن الاستعداد لتوفير الأجواء التي تساعد على إنجاح الحوار.
وأكد المتحدث باسم الوزارة ماجد الأنصاري في تصريح صحافي أن الدور القطري يتمثل في استضافة المباحثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، مشدداً على أن ذلك دليل على ثقة الأطراف في الدوحة وما بذلته من جهود.
وأعلنت إيران إمكانية التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنها لن تتجاوز “خطوطها الحمراء” مع انطلاق المحادثات غير مباشرة في الدوحة الهادفة إلى التوصل لتفاهم لإحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في المفاوضات مع الدول الكبرى في فيينا.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قوله في العاصمة التركمنستانية عشق أباد “نحن جادون ولن نتجاوز خطوطنا الحمراء بأي شكل من الأشكال”.
وبحسب الوزير الإيراني فإنه “إذا كانت لدى الجانب الأمريكي نوايا جادة وتحلى بالواقعية، فهناك اتفاق في متناول اليد في هذه المرحلة وفي هذه الجولة من المفاوضات على مستوى السياسة”.
ووصل الثلاثاء إلى قطر المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري وأعضاء الوفد المرافق له.
وتجرى المحادثات في الدوحة بطريقة غير مباشرة، على أن ينقل وسطاء رسائل بين الجانبين.
والأربعاء، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي “نأمل بالتوصل إلى اتفاق إيجابي ومقبول في حال تخلت الولايات المتحدة عن أسلوب ترامب الذي لم يكن متوافقا مع القانون الدولي”.
شرع الوفد الإيراني المفاوض حول الملف النووي مع الولايات المتحدة الذي وصل العاصمة القطرية الدوحة، في عقد لقاءاته.
وباشر علي باقري كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي اتصالاته قبيل انطلاق المفاوضات غير المباشرة التي تحتضنها قطر.
ورحب حميد رضا دهقاني السفير الإيراني في الدوحة، بوصول باقري والفريق الإيراني المفاوض إلى قطر.
وتمنى السفير الإيراني في تصريح نشرته السفارة الإيرانية “التوفيق لفريق المفاوضات في أداء مهمتهم في تأمين مصالح الأمة الإيرانية، دون أي تحيز أو تعبير عن تشاؤم غير واقعي أو التفاؤل”.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن مسؤولين قطريين عقدوا اجتماعات مع الوفدين الإيراني والأمريكي، لتسهيل المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين.
ولا تستبعد مصادر أن تتحول المفاوضات لمباشرة بوجود الطرف القطري الذي يحوز ثقة الوفدين الإيراني والأمريكي.
وأعلنت المصادر الإيرانية أن المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في قطر، تهدف لإحياء مفاوضات الملف النووي.
وحسب الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، فإن “المحادثات ستركز على رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران”.
وأكدت الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة مستعدة لاستكمال وتطبيق الاتفاق النووي، والعودة إلى الامتثال الكلي والمتبادل للاتفاق. لكنها أضافت أن تحقيق ذلك يتطلب من إيران التنازل عن مطالبها الإضافية التي هي خارج إطار اتفاق فيينا النووي.
تأتي هذه المحادثات وسط مساعي الاتحاد الأوروبي لإنهاء تعثر المفاوضات من أجل إحياء اتفاق طهران النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية.
دور قطري في محادثات الملف النووي الإيراني
وكانت قطر محطة رئيسية في جولة خارجية للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لمناقشة القضايا الإقليمية وملفها النووي على ضوء التحركات الدولية الراهنة.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تسلم دعوة رسمية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للمشاركة في قمة الدول المصدرة للغاز، وذلك خلال استقبال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
واعتبر رئيسي أن “أولوية السياسة الخارجية لإيران في العهد الجديد هي تطوير وتعميق العلاقات والتعاون مع دول المنطقة والدول المجاورة”، وأكد أن “طهران ترى أن التعاون الإقليمي يصب لصالح السلام والأمن والتنمية لشعوب المنطقة وترحب بهذا التعاون”.
وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران. وردّت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.
وسعت إدارة الرئيس جو بايدن للعودة إلى الاتفاق، معتبرة أن هذا المسار هو الأفضل مع الجمهورية الإسلامية على الرغم من إعرابها عن تشاؤم متنام في الأسابيع الأخيرة. وتأتي محادثات الدوحة قبل زيارة مرتقبة لبايدن إلى السعودية منتصف الشهر المقبل.
في فيينا، حققت المفاوضات تقدما جعل المعنيين قريبين من إنجاز اتفاق، إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود منذ آذار/ مارس مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن، خصوصا فيما يتعلق بمطلب طهران رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من قائمة واشنطن لـ”المنظمات الإرهابية الأجنبية”.
المصدر : القدس العربي