الكنيسة المارونية في لبنان تمنع المونسنيور مبارك من الظهور الإعلامي بعد مواقفه المثيرة للجدل
الشرق الأوسط نيوز : لم تمض أيام على قول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إن “ثمة علاقة صداقة تجمعني بالرئيس نبيه بري إضافة إلى علاقة اجتماعية وإنسانية”، حتى خرج أحد الكهنة وهو المونسنيور كميل مبارك لينتقد رئيس مجلس النواب نبيه بري ويتهمه بأنه “عامل السبعة ودمتها”، وبأن “مفتاح الدولة والقوانين بيده، ويحمي أشخاصاً ويُدخِل موظفين”.
ومن المعروف أن مبارك غير مقرب من بكركي بل هو كالنائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون ينتمي سياسياً إلى التيار الوطني الحر وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون، لا بل يجاهر بهذا الانتماء إلى درجة ترشيحه من قبل بعض العونيين ليكون بطريركهم.
ومن يعرف المونسنيور مبارك يعرف أنه بدأ مسيرته من مطرانية الحكمة في الأشرفية وكانت عظاته تستهوي العديد من المشاركين في القداس في مرحلة الوصاية السورية، إلا أنها في السنوات الأخيرة لم تعد كذلك وباتت تثير الجدل والنفور ليس فقط في الأوساط المسيحية بل لدى مكونات لبنانية أخرى، ولا سيما بسبب دفاعه عن العهد وتهجمه على زعماء لبنانيين بينهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث إن مبارك المتحدر من بلدة كفرنيس في قضاء الشوف لا يزال يفتح موضوع التهجير الذي رافق حرب الجبل على الرغم من المصالحة التاريخية التي رعاها البطريرك مار نصر الله بطرس صفير عام 2001.
وإذا كانت الكنيسة المارونية المعروفة بانفتاحها وعدم تحجرها سكتت على مضض في الكثير من المرات على إطلالات الأب مبارك التي كانت تثير الجدل، إلا أنها في آخر إطلالة للمونسنيور لم تقف مكتوفة اليدين، خصوصاً بعدما علمت أن كلام مبارك لم يكن مباركاً لدى الرئيس بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة. وقد اتخذت الكنيسة إجراء تأديبياً بحق مبارك ومنعته من الظهور الإعلامي.
وعلمت “القدس العربي” أن كلام مبارك تردد صداه في أروقة بكركي لجهة تعارضه مع نظرة بكركي إلى علاقتها الجيدة بالرئيس بري والقائمة على الاحترام على الرغم من تباعد النظرة إلى بعض القضايا الوطنية الكبرى. وعلاقة الاحترام تترجم بمشاركة الرئيس بري في القداس التقليدي بمناسبة عيد مارمارون في 9 شباط من كل سنة إلى جانب رئيسي الجمهورية والحكومة، وتلبيته دعوات البطريرك إلى مناسبات وطنية ومن بينها مأتم البطريرك صفير في الصرح البطريركي وبزيارات البطريرك الراعي إلى عين التينة عند الضرورة للبحث في تطورات هامة على غرار ما حصل في أحداث الطيونة التي كادت تهدد بتصعيد وبتوترات على صعيد العلاقة بين عين الرمانة والشياح.
وقد أبدى البطريرك عدم رضاه على كلام المونسنيور مبارك في وقت اتخذ راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر الإجراء الملائم حرصاً على العلاقة الطيبة التي تربط الكنيسة برئاسة مجلس النواب.
ومن شأن منع ظهور مبارك على الإعلام أن يضع حداً للمواقف التي يطلقها ولا تتوافق بتاتاً مع توجهات وثوابت بكركي. فالكنيسة لا تتدخل مباشرة في السياسة بل تبني مواقفها على أسس وطنية ولا تستهدف سياسيين ومرجعيات بحد ذاتها، حتى إن البطريرك في آخر عظة انتقد ضمناً كلاً من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لامتناعهما عن تسمية رئيس مكلف حرصاً على المشاركة واحترام كل المكونات. أما كلام مبارك فلا يندرج في الإطار العام للشأن الوطني بل يدخل في زواريب سياسية ضيقة ويتبنى مواقف طرف سياسي بذاته، منتقداً اتفاق الطائف الذي يصفه بـ”المشؤوم” ويمجد التحالف بين حزب الله والتيار العوني إلى حد وصفه بـ”الزواج الماروني”، وينعت الولايات المتحدة الأمريكية بـ”العدو” ويصل به الأمر إلى حد التنويه بالحرب التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا.
المصدر : القدس العربي