الجزائر: 3 سنوات سجنا لمحاد قاسمي وإحالات بالجملة لقضايا نشطاء على الجنايات.. و”أمنستي” تدعو للإفراج عن سجناء الرأي

الشرق الأوسط نيوز : عادت القضايا الحقوقية لتبرز بقوة خلال الأسبوع الأخير بالجزائر عقب صدور أحكام ثقيلة في حق نشطاء وإحالة ملفات آخرين على محكمة الجنايات، على الرغم وجود تفاؤل عام بحدوث انفراج في ملف سجناء الرأي في إطار مبادرة الشمل التي أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبون، بمناسبة ستينية الاستقلال.

من أبرز القضايا التي استرعت الاهتمام مع نهاية الأسبوع، كانت محاكمة الناشط السياسي والبيئي محاد قاسمي في قضيته الثانية المتعلقة بتهم “التخابر” التي ينفيها المتهم بشدة وفريق دفاعه، وذلك أمام محكمة الجنايات الاستئنافية بأدرار جنوبي البلاد. وجاء الحكم في هذه القضية، صادما لهيئة الدفاع والمتعاطفين مع للناشط، بعد إدانته ب 3 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية ب 300 ألف دينار (2100 دولار)، ما سيبقيه في السجن لسنة أخرى كاملة. وكان يكفي قاسمي، بحسب محاميه، الحصول على أقل حكم بأقل من سنتين سجنا نافذا ليستعيد حريته، خاصة بعد إصدار حكم مخفف عليه في قضيته الأولى المتعلقة بالإرهاب.

عرف محاد قاسمي سنة 2013 بمشاركته في قيادة الحركة الشعبية لمناهضة استغلال الغاز الصخري جنوب الجزائر، وبنشاطه في الحراك

وتوبع الناشط في هذه القضية بخمس تهم تتكون من جناية وأربع جنايات، هي جناية اطلاع الغير على معلومات محاطة بالسرية لصالح الدفاع الوطني وفقا للمادة 67 فقرة 3 من قانون العقوبات وجنح إهانة رئيس الجمهورية وإهانة هيئة نظامية ونشر أخبار كاذبة ونشر خطاب الكراهية.

وعرف قاسمي سنة 2013 بمشاركته في قيادة الحركة الشعبية لمناهضة استغلال الغاز الصخري جنوب الجزائر، وذلك عقب إعلان الحكومة وقتها الشروع في تجارب للتنقيب على الغاز الصخري بمنطقة عين صالح في الجنوب الشرقي. وأثار ذلك مخاوف كبيرة من الإضرار بالبيئة وتلويث المياه الجوفية المتواجدة بغزارة بالمنطقة، مما دفع بالحكومة تحت قيادة الوزير الأول السابق المسجون حاليا عبد المالك سلال للتراجع.

كما برز اسمه بقوة أيضا في مظاهرات الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 شباط/فبراير 2019، وأدى إلى الإطاحة بحكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حيث كان من بين قادة المظاهرات في مناطق الجنوب وساهم في التعبئة لها.

من جانب آخر، كشفت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين وهي هيئة رصد محلية، عن إحالة ملفات 17 ناشطا على محكمة الجنايات، وهم متابعون في قضايا تتعلق بالإرهاب بعد توسيع مفهومه في قانون العقوبات. وأثار قرار غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر إبقاء التهم الجنائية في حق النشطاء قلقا لدى حقوقيين من أن يتم إصدار أحكام ثقيلة في حقهم خلال المحاكمة.

ويوجد من بين هؤلاء الناشط الهادي لعسولي الذي أودع الحبس المؤقت في 24 حزيران/جوان 2021، وأثارت قضيته الكثير من ردود الفعل بعد دخوله في إضراب على الطعام على مرتين، احتجاجا على تركه في السجن دون محاكمة، ما أدى بعائلته لإطلاق نداء استغاثة للإفراج عنه. وعرف لعسولي الذي ينشط في الميدان الفلاحي بمساهمته في إنشاء لجنة لدعم ومساعدة عائلات معتقلي الحراك الشعبي.

من بين المحالين على الجنايات الصحافي في “ليبرتي” سابقا محمد مولوج الذي يقضي 10 أشهر في الحبس المؤقت بعد اتهامه بصلات مع حركة استقلال القبائل المصنفة على قوائم الإرهاب في الجزائر

كما يبرز أيضا من بين المحالين على الجنايات اسم الصحافي في جريدة ليبرتي سابقا محمد مولوج الذي يقضي 10 أشهر في الحبس المؤقت بعد اتهامه بصلات مع حركة استقلال القبائل المصنفة على قوائم الإرهاب في الجزائر. والقاسم المشترك لكل المحالين على الجنايات، متابعتهم بالمادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تم تعديلها في حزيران/جوان 2021 لتشمل “محاولة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية”، وتصل عقوبة هذه التهمة إلى الإعدام.

وتأتي هذه التطورات، قبل أيام قليلة من احتفالات ذكرى ستينية الاستقلال في 5 تموز/جويلية الجاري. ويلحظ المشتغلون على الملف الحقوقي وجود تناقض بين الخطاب السياسي الداعي للم الشمل وبين الأحكام والقرارات القضائية التي ما تزال متشددة في التعامل مع هذه الملفات. وبات المخرج الوحيد لعدد من النشطاء انتظار “الإفراج السياسي” عنهم بمناسبة هذا الحدث الوطني. وكانت عدة شخصيات سياسية التقت الرئيس تبون في الفترة الأخيرة، قد ذكرت أن هناك قرارا ينتظر إصداره لإنهاء ملف سجناء الرأي، وهو ما يترك بصيصا من الأمل للكثير من الملفات التي استعصى حلها عبر المسلك القضائي.

وتزامنا مع ذكرى ستينية الاستقلال، أصدرت منظمة العفو الدولي بيانا خاصا يطلب من السلطات الجزائرية “الإفراج فورًا ومن دون قيد أو شرط عما لا يقل عن 266 ناشطًا ومحتجًا في قضايا رأي”، وأشارت إلى أن هؤلاء المعتقلين سُجنوا بسبب مشاركتهم في مظاهرات الحراك الاحتجاجية، أو انتقادهم للسلطات، أو إدانتهم لفساد الدولة، أو تعبيرهم عن تضامنهم مع المعتقلين. واعتبرت أن العديد من المتظاهرين احتجزوا رهن الحبس الاحتياطي لفترات طويلة جدًا من الزمن، فيما حُكم على آخرين بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات بتهم فضفاضة وملفقة مثل “المساس” بالأمن أو المصلحة الوطنية، و”المساس بالوحدة الوطنية”، و “إهانة” موظف عمومي و”التحريض” على التجمهر غير المسلح ونشر أخبار زائفة والإرهاب.

دعت أمنستي إلى الإفراج فورًا ومن دون قيد أو شرط عما لا يقل عن 266 ناشطًا ومحتجًا في قضايا رأي”، وأشارت إلى أنهم سُجنوا بسبب مشاركتهم في مظاهرات الحراك

وصرحت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، في نص البيان بأن الجزائر بعد مرور ستين عامًا على افتكاك استقلالها، لا تزال فيها الحريات الأساسية وحقوق الإنسان تتعرّض للتجاهل أو الانتهاك أو التقويض عمدًا”. ودعت المسؤولة في المنظمة الحكومية، إلى وضع حد للاحتجاز غير المبرر للنشطاء والمتظاهرين، واصفة “استخدام قوانين قمعية فضفاضة للغاية لمقاضاة الأفراد لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع”، بالأمر “المخجل”.

وفي مقابل ذلك، لا يزال مضمون مبادرة الشمل يحوي فقط عناوين عريضة. وفي آخر تدخلاته، دعا رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، الذي يمثل الرجل الثاني في الدولة، الجزائريين إلى “رص الصفوف والالتفاف حول مبادرة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى لم الشمل وتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الراهنة”، معتبرا أن “الجزائر مستهدفة من كل الجهات، وتعيش مرحلة تقتضي من الجميع التجند كرجل واحد لإعلاء المصلحة العليا للبلاد”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا