كيف جمع بنفيكا البرتغالي مليار يورو من أصوله الثمينة؟

الشرق الأوسط نيوز : قبل 60 عاما، قذف المدرب المجري الراحل بيلا غوتمان، لعنته الأبدية في وجوه مسؤولي بنفيكا، بقسمه الشهير بأن «النادي لن يتوج بأي بطولة أوروبية لمدة 100 عام» في صيف 1962، لكن من حُسن الحظ، لم يُقسم على الموارد المالية والاقتصادية، ليجد الفريق الملقب بالنسور الحمر، ضالته في استثماراته في أصوله الثمينة، بالأحرى مصنع الجواهر الخام، الذي ساهم بشكل أو بآخر في صمود النادي واستمراره على مسافة قريبة من عمالقة القارة العجوز، كواحد من عظماء الزمن الجميل، الذين يجمعون بين شخصية البطل الكلاسيكي وبين جودة ومستوى فئة الصفوة في الدوريات الخمسة الكبرى، مرتكزا على اقتصاده القوي بالنسبة لمحيطه المحلي، بعدما رسم لنفسه شخصية «سيد أسياد الميركاتو»، بفضل جيوش المواهب اللامعة، التي جاءت إلى ملعب «النور» بأرقام شبه رمزية، لتصنع عظامها في فترة وجيزة، قبل تصديرها إلى أثرياء وكبار أوروبا، بما بلغ مجموعه 1.1 مليار يورو منذ بداية الألفية الجديدة.

كلمة السر

يقول المدير الرياضي لبنفيكا بيدرو ماركيز، في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الرياضية، إن «الأكاديمية كانت ناجحة قبل وصولي بـ15 عاما»، ضاربا المثل بكوكبة من ألمع وأشهر نجوم الدوري الإنكليزي الممتاز وباقي الدوريات الأوروبية الكبرى في الوقت الحالي، مروا وتخرجوا من أكاديمية «سيكسال» في بداية البحث عن حلم الاحتراف والشهرة، منهم على سبيل المثال لا الحصر، من ساهم في إذلال العدو العاصمي سبورتنغ لشبونة في إقصائيات دوري الأبطال الأخيرة، والإشارة إلى بيرناردو سيلفا، الذي قاد المان سيتي لاكتساح أصحاب ملعب «خوسيه ألفالادي» بخماسية بلا هوادة في ذهاب دور الـ16، وزميل الطفولة والعنفوان جواو كانسيلو، الذي خطف الأضواء بظهوره اللافت مع فريق الرديف، قبل محطاته مع كبار الليغا والسيريا آه والبريميرليغ، والتي استهلها بإعارة لفالنسيا وأخرى للإنتر، ثم بذهابه إلى يوفنتوس ومنه انتقل إلى السيتي، ويصبح بالنسخة التي يبدو عليها الآن تحت قيادة بيب غوارديولا، وسبقهما في بداية الألفية أسماء بحجم نونو غوميش وتياغو مينديش وسيماو وآخرين صدرهم بنفيكا إلى الأندية الأوروبية بأرقام متواضعة، قبل أن تتبدل الأوضاع، بالقفزات المخيفة في أسعار اللاعبين، والتي بدأت بالتزامن مع الانتشار الكبير لمواقع «السوشيال ميديا» أوائل العقد الماضي، ما أحدث تلك الانتعاشة غير المسبوقة في الخزينة والحسابات البنكية، أشبه بالوضع الحالي في عالم الطاقة والبترول، وتحديدا الدول المستفيدة من التهاب أسعار النفط.

نتائج المغامرة

ويروي نفس المسؤول البارز: «الرئيس (روي كوشتا) هو المثال والمُلهم للاعبين الشبان داخل النادي، لقد تدرج في المستوى من الفريق الأول، وفاز تقريبا بكل شيء في مسيرته، قبل أن يتحول إلى العمل الإداري ويصبح الرئيس، ومن حسن الحظ، أن هناك أشخاص في القمة لديهم هذا الشغف بالأكاديمية وركيزة الاستدامة للمستقبل»، في ما وصفه بـ«النهج» المتبع داخل النادي منذ بدابة الألفية الجديدة، والذي يتركز على شعار «البحث يوميا عن الأجيال القادمة»، بتوفير بيئة مثالية لأصحاب المواهب الحقيقية، لخلق ما يُعرف بالكيمياء أو التناغم بين الشباب الأكثر رغبة وطموحا في منافسة رجال الفريق الأول، والمحظوظ يحصل على أعلى استفادة من أصحاب الخبرات، بامتصاص عصارة خبرتهم، لتحقيق أعلى استفادة متبادلة، مساعدة الفريق على المضي قدما في طريقه نحو الألقاب، مقابل رفع أسهمه في بورصة وسوق اللاعبين، بفضل وجوده في واحدة من «جنان» كرة القدم، التي تحظى باحترام وتقدير أعتى وأشهر مدربي العالم في الوقت الراهن، الأمر الذي ساهم في وصول أرباح النادي من بيع لاعبيه لأرقام فلكية، لدرجة جمع ما يزيد على ربع مليار بعملة القارة العجوز، في آخر 3 صفقات كبرى خرجت من ملعب «النور».

القائمة المختصرة

بالنظر إلى أكثر المساهمين في جمع مبلغ 1.1 مليار يورو، فهو اكتشاف فريق الرديف ونجم حملة 2018-2019، جواو فيلكس، الذي تصارع عليه كبار إنكلترا وإسبانيا، وفي الأخير، أُسدل الستار على المزاد العلني، بانتقاله إلى أتلتيكو مدريد، في صفقة قياسية، بلغت 127 مليون يورو، كأغلى توقيع في تاريخ النادي البرتغالي، وتبعه في 2020 صخرة الدفاع روبن دياز، بانتقاله إلى مانشستر سيتي، حيث كان ثاني أغلى صفقة في سجل الأرقام القياسية مقابل رسوم تحويل لامست 70 مليون يورو، قبل أن يأتي الدور على هداف الحملة الماضية داروين نونييز، لينفرد بالمركز الثاني، في قائمة أغلى صفقات منجم الذهب، بعدما كشر عن أنيابه الهجومية كما ينبغي، سواء على مستوى الدوري المحلي أو دوري أبطال أوروبا، بوصول غلته التهديفية لـ34 هدفا من مشاركته في 34 مباراة في مختلف المسابقات، ما جعله هدفا لعمالقة البريميرليغ، وعلى رأسهم مانشستر يونايتد، إلا أنه فَضل الذهاب إلى مشروع يورغن كلوب مع ليفربول، مقابل 75 مليون يورو، ليحل محل أسد التيرانغا ساديو ماني، بعد مباركة انتقاله إلى بايرن ميونيخ بحوالي نفس مبلغ الوافد الجديد.

العشرة الأوائل

يأتي في المركز الرابع في هذه القائمة، الحارس البرازيلي إيدرسون، الذي خطف الأنظار في الفترة القصيرة مع الفريق بين 2015 و2017، كواحد من الركائز الأساسية التي ساهمت في احتكار الفريق لكافة البطولات المحلية، ليوقع مع بيب غوارديولا مقابل 40 مليون يورو، ليخلص النادي السماوي من كابوس حراسة المرمى، خاصة بعد كوارث الحارس كلاوديو برافو، التي عجلت بخروج الفريق خالي الوفاض في موسمه الأول تحت قيادة الفيلسوف الكتالوني، وبنفس المبلغ، خروج البلجيكي أكسيل فيتسل من النادي عام 2012، بعد اتفاقه مع زينت الروسي على فسخ عقده مع بفيكا، ما كانت خطوة إلى الوراء في مستقبل لاعب الوسط العشريني آنذاك، اكتملت بتجربته المثيرة للجدل في الصين، ومنها عاد إلى أوروبا عبر بوابة بوروسيا دورتموند ثم أتلتيكو مدريد هذا الصيف. أما من المركز السادس إلى العاشر، فتراوحت الأرباح من 33 مليون يورو لـ38 مليوناً بنفس العملة، وهم بالترتيب راؤول خيمينيز مهاجم ولفرهامبتون الإنكليزي، الذي أعاده النادي البرتغالي إلى الحياة، بعد موسمه المخيب للآمال مع أتلتيكو مدريد، ليحصل على فرصة ذهبية بالذهاب إلى معقل الذئاب على سبيل الإعارة، ثم ببيع نهائي في أبريل/نيسان 2019 مقابل 38 مليونا.
وتبعه الظهير الأيمن نيلسون سيميدو، بصفقة انتقاله إلى برشلونة في صيف 2017، بفضل السمعة التي رسمها لنفسه ومستواه الخيالي موسم 2016-2017، والتي جعلت النادي الكتالوني يضحي بـ35.7 مليون يورو، على أمل أن يسير على خطى داني ألفيش، لكن في الأخير، ظهر بنسخة صادمة على مدار 3 سنوات، انتهت بإرساله إلى ولفرهامبتون عام 2020، ثم مواطنه البرتغالي ريناتو سانشيز، بانتقاله إلى بايرن ميونيخ مقابل 35 مليون بعد تألقه في يورو 2016، نفس أرباح الموافقة على إرسال المدافع السويدي فيكتور ليندلوف إلى مانشستر يونايتد في الصيف التالي، بزيادة مليوني يورو عن صاحب المركز العاشر والأخير في هذه القائمة، وهو الأرجنتيني أنخيل دي ماريا، الذي أثار إعجاب الجميع في مواسمه الثلاثة التي قضاها مع ممثل العاصمة البرتغالية، قبل أن يحقق حلمه الكبير بالتوقيع لريال مدريد بعد مونديال جنوب أفريقيا 2010، وقائمة أخرى عريضة جعلت بنفيكا يتحول في السنوات الماضية إلى نافذة أو مصنع لاكتشاف وإعداد مواهب المستقبل لكبار وأثرياء إنكلترا وأوروبا.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا