الذكريات الوحيدة
مجدي الحوراني…
الى السيدة الجالسة بين أحشائي، الملتفة حول اعصابي، المختبئة داخلي في أقاصي اللاوعي، نصفي الآخر، رفيقة كل اوقاتي وأفكاري التي لا تغيب ..
يراودني تساؤل، أود الاستفسار وأريد منكِ إجابة؛
أمَا زِلت علَى ودي وتذكرين أيام الخوالي؟ وجدانك يحتفظ بعَهْدنا الماضي؟ هل أنتِ مثلي حبيسة الذكريات؟
تحنين للزمان الذي مضى
للحال الذي فات وانقضى!
اتذكرين؟ ما كنت تخبريني بأننا جسدان من دخان كطائران هائمان من الفضاء، لنا نبض واحد في قلبان، هل تتلهفين مثلي لعناق الأرواح؟
سيدتي .. بعد كل هذه السنين ساخبرُكِ ان ذكرياتي معكِ حاضرة لا تغيب فأنا؛
صِدْقًا لَمْ أَنْسَاكٌ
وعَهْدًا لَنْ أَنْسَاكٌ
اشتهيكِ دومًا يا سيدة كل آن
اشتهيك في كل وقت ومكان
أذكر إلى الآن ما كان ينتابني قبل المواعيد، كنت أكلم نفسي بالشوارع في الازقة والميادين، تائه كطفل ضائع، باقتراب لقائي تنتابني أعراض مرضية، فأصاب بحرارة اليدين وارتعاش القدمين، وتهزني الاضطرابات والارتباكات، وتشتد توتراتي، وابتلى بتعرقي وهذياني، كنت أعلم انها اعراضي الجانبية التي تسبق اللقاء لما لجمالكِ الرباني من حظ باهر وما لكِ بالاعماق من شوق وافر، اعتدت على تقلبات تلك المشاعر، فأنا مدمن رؤياكِ مُنذ ولادة سنيني فأنت افيوني منذ اقترانك بقريني.
لهذا كنت التواق دومًا لرؤية سحر عيناك، لأسرح واهيم بدفائن جفناك، كنت أعيش هذا الاحساس وانتظره باهتمام واترقب خطورة حضورك، فأغدو أسير ذلك الحدث الهام.
يبدأ اللقاء وتستهل عيناي سرقة النظرات لأشاهد التفاصيل التي أحب، لأعاين خطوط المُقلات ورسم الشفاة وهضاب الوجنات، أصدقك القول كنت اخشى هذه الدقائق وأعتبرها ساعة من ساعات هلاكي، وأخاف من هولها دنو نهايتي.
سيدتي ،، آه لو تعلمين، ما كنت بي تفعلين!؟ لحظة إلقاء السلام، لم يكن بالنسبة لي ذلك مجرد كلام، كان شجون وألحان، آه كم كانت نظراتك واحاديثك تستنزفني وترهق مقالاتي، إلى ان استجمع قواي واستنهض كياني الحائر في وصف أشواقي وحقيقة مشاعري وأمنياتي بعد ان أفيق من صدمتي الأولى وتبدد مخاوفي، واستهل سفري في جزئيات أنفاسك وأسهب في طومحي واحلامي واذهب بها الى ابعد البلاد، ثم اقترب أكثر واجلس جواركِ وأعود الى حالة الشرود والضياع، وهيام بلا إدراك، بهدوء وانصياع، لم ابوح لكِ من قبل، بان اقترابك نحوي وجلوسكِ بجواري؛
كنت اضمكِ واقبلكِ قويًا بعيناي
وأطمح ان اجذبك لاحضاني بقوة بذراعاي ..
سيدتي ،، طَال انتِظَاري لتك الذِّكريَات؟ ومضى عليها الوقت الطويل وأنا المشتاق، نعم مشتاق لأتكلم معكِ بكل اللغات واستعمل جمل الغرام وألطف المفردات، نعم اشتقاق لانفرد بكِ وأحن؛
لالمس يداك
أمس شفتاك
ولأدنو منكِ مسافة المحاربين الملتحمين، حتى التصاق الجثامين، واقتحم اسوارك وانتصر انتصارات الفاتحين، فأنا المشتاق – نعم – اعترف اني أشتاق لتلك الليالي لحرارة الاماسي ولحمم عناقي، لقُبل نتبادلها لساعات، ونتداول احضان كبراء العشاق، نهفو لتلك الصبابة واللوعة بعد غياب، قبل اندلاع الحرائق ونزعات اللذة لروائع ذلك الشُعُور، لنبتعد وحدنا الى ذلك المكان الخفي، ناحية الشموع والقناديل، ما بين الزهور، مع هبات النسيم المحمل برائحة البَخُور ..
ذلك الماضي ولا اذكر سواه، لان مشاعري تجاهك فريدة، فلا وجود بحياتي لشيء آخر لانكِ باختصار الذكريات الوحيدة ..
مجدي الحوراني