جنازة صاحب الدولة بحضور أصحاب الدولة
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .……..
قال تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. صدق الله العظيم .
لقد ودع الأردن قبل أيام قامة وطنية لها أيادي وبصمات على الوطن بجميع المجالات سواء أن كانت بالنواحي الصحية والتعليمية والعسكرية والسياسية ، المرحوم دولة الدكتور عبدالسلام المجالي ذلك الرجل الذي كان يحمل في قلبه وعقله الوطن والشعب وعمل لهما وخدمهما كمن يعمل لمنزله وأولاده .
لقد ذهبت إلى الجنازة وشريط الذكريات لم يفارق ذاكرتي في جلساته وأحاديثه وانتقاداته ونكاته وسواليفه ، وكان أكثر ما يحبه الدكتور هم أصحاب العلم والعلماء بالإضافة إلى تمتعه بمجالسة الصغار سنا من الأطفال والكبار سنا من العجايز والختايرة ويحب أن يمازحهم يحاورهم ويلعب معهم الشدة البرينبا والهند والبناكل .
الدكتور عبدالسلام أحبوه كل من عرفوه أو سمعوا عنه حتى وإن لم يختلطوا به أو يحتكون معه .
لقد شاهدت معظم من كانوا أصحاب المعالي والدولة في الجنازة وشاهدت أيضا من كانوا يطمحون لأن يكونوا أصحاب دولة من أصحاب المعالي ، وقلت في نفسي يا هل ترى هل سيتعظون هؤلاء من هذا العاري المكفن بالقماش الأبيض والمحمول على الأكتاف والمرشح بالعلم الأردني !! هل سيتعظون من المشاهد القادمة والتي سوف يرون فيها أن أبناء المرحوم هم من سيضعونه في القبر وهم من سَيَهيلو عليه التراب ومن ثم يتركوه لوحشة قبره وحُسن عمله إن كان خالصا لوجه الله تعالى .
كلنا يعلم بأن الميت في العالم الآخر (عالم البرزخ ) وكما ورد بالأحاديث النبوية بأنه يرى ويسمع وينادي ولكننا لا نسمعه في عالمنا ولا نعرف منزلته في قبره .
ولكن يا هل ترى لو كان المرحوم يعيش حالة حُلم وشاهد هذه المشاهد كلها من عربة المدفع والمراسم العسكرية وكبار الدولة الذين شيعوه ، ثم صحى من حلمه ووجد هؤلاء كلهم فوق رأسه فبماذا كان سينصحهم ؟؟
إنني متأكد بأنه سيقول لهم كما قال الله تعالى في القرآن الكريم بعد بسم الله الرحمن الرحيم
{ وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدق وأكن من الصالحين} يا ليتني ارجع واتصدق من حرّ مالي وأكون مسؤلا فقط عن حالي وأولادي.
وكما قال الله تعالى(وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْـُٔولُونَ ) فهاهم سيسألون عن الولاية العامة التي استلموها ، وعن الضحايا والأموال والأحوال التي تم التجني عليها ووصلت لعلمهم ولم يقيموا فيها حدود الله .
لقد رأيت بعضا من أصحاب الدولة في الجنازة وهم في سياراتهم الفارهة ومعهم المرافقين والجاه والوجاه والعز في الدنيا ولكنهم الأن يودعون رفيقهم الذي ووريَّ التراب ولن يذهب معه إلا ما عمله من عملا صالحا أو طاعة خالصة لوجه الله تعالى .
وأخيرا الحمدلله رب العالمين العادل القادر على إنصاف المظلومين من الظالمين والحمدلله رب العالمين أن جعل هناك دارا بالأخرة تلتقي فيها الخصوم ويسأل كل إنسانا عن خمس ( عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم)
الحمدلله رب العالمين والرحمة على امواتنا أجمعين والعظة للمتقين الذين يعملون لأخرتهم كما عملوا لدنياهم وأسأل الله تعالى أن يرحم العم الدكتور عبدالسلام المجالي ويجعله من أهل الجنة وكل موتانا أجمعين يا رب العالمين .