إيران اليوم تعمل إلى محاولة تغيير سياستها تجاه الدول العربية
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات….
مناخ الإنفراج الإقليمي وخاصة بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة مع السعودية تحاول إيران الإستفادة منه، ويبدو على مستوى رضا المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامئني عن السياسة الإقليمية لحكومة السيد إبراهيم رئيسي من جهة، وتحركات عميد الدبلوماسية الإيرانية وزير الخارجية الدكتور حسين أمير عبداللهيان أخيراً في المنطقة العربية، تساؤلاً رئيسياً حول مدى تغير أستمرارية السياسة الإقليمية الإيرانية، لتتماشى مع مناخ الإنفتاح الإقليمي عليها ويلبي التغيير الذي تنتظره دول المنطقة، لا سيما التي قبلت الإنفتاح على إيران أخيراً، ومن ثم التساؤل الرئيسي، هل تتغير السياسة الإقليمية الإيرانية أم تستمر على مستوى الأهداف والرؤى وأدوات تنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط ..؟ وللإجابة عن هذا التساؤل، خلال تلك المرحلة التي يتطلع فيها كثير من الدول الإقليمية إلى مسار التحرك الإيراني ومدى توافقه أو تعارضه مع المناخ الإقليمي الحالي، يمكن النظر إلى تصريحات المرشد الأعلى الإيراني خلال لقائه في 20 آيار الماضي مع مجموعة كبيرة من الدبلوماسيين الإيرانيين المعتمدين في الخارج، حيث صاغ في خطابه لهم محددات السياسة الخارجية الإيرانية خلال المرحلة المقبلة في تنبع أهمية خطابات خامئني بحكم منصبه، والتي هي، ووفقاً للدستور، بعيدة المدى، وتمتد لكل مستوى تقريباً في مستويات عملية صنع القرار ومؤسساته، وركز السيد خامئني خلال خطابه المشار إليه، أنه يجب مراعاة ستة محددات للسياسة الخارجية الإيرانية هي”القدرة على التبيين المقنع لمنطق مقاربات البلاد للقضايا المختلفة، والحضور الفعال والموجه في مختلف الظواهر والأحداث والتوجهات السياسية والأقتصادية في العالم، وإزالة أو الحد من السياسات والقرارات ألتي تهدد إيران، وإضعاف المراكز الخطرة، وتقوية الحكومات والمجموعات المتحالفة والمؤيدة لإيران وتوسيع العمق الإستراتيجي للبلاد، والقدرة على تشخيص الطبقات المخفية في القرارات والإجراءات الإقليمية والعالمية، ويذكر ان وزارة الخارجية الإيرانية خلال شهر ايار / ماي الماضي أستدعت ولأول مرة أغلب السفراء المعتمدين في الخارج والقائمين بالأعمال لإيران حيث عقدت إجتماعات مكثفة في رحاب وزارة الخارجية الإيرانية لأكثر من عشرة أيام بحضور مسؤولين من كافة الوزارات والمؤسسات الإيرانية تدارسوا سبل تطوير العلاقات مع الدول المعتمدين بها وإعادة إحياء اللجان المشتركة وتفعيل الإتفاقيات المجمدة مع هذه الدول، والملاحظ أن كل ملاحظة أو محدد أو ضابط ذكره السيد خامئني يوحي بأستمرار السياسة الإيرانية في مسارها كما هي مع التمسك بتوظيف الأدوات ذاتها التي إعتادتها، والخطاب يحمل مشاعر الريبة والشك نفسها في المحيط الإقليمي والدولي، وكأن ثمة إستهدافاً للنظام الإيراني، وذلك في إشارته إلى تشخيص الطبقات المخفية في القرارات الإقليمية والدولية، وهي المعضلة ذاتها التي يتسم بها الإدراك الإيراني في علاقته بالغرب وجيرانه، هذا من جهة ومن جهة أخرى، أكد المرشد الأعلى السيد خامنئي إستمرار دعم وتقوية الحكومات والجماعات المؤيدة لإيران وتوسيع العمق الإستراتيجي للبلاد، وهنا إستخدام كلمة ( الجماعات ) والمقصود بها الفاعلين من الدول، وهو ما يعني إستمرار توظيف العلاقة بين إيران وشبكة من الوكلاء الإقليميين لتحقيق المصالح الإيرانية، بما يطرح تساؤلاً من قبل المراقبين حول هل تستمر في التدخل بالشؤون الداخلية للدول ..؟ وهل يعني تقوية تلك الجماعات والعمل على تقديم المساعدات المالية والعسكرية واللوجيستية لها في مواجهة حكوماتها ..؟ لم تكن تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامئني فقط هي ألتي تطرح تساؤلات حول مدى تغير أو إستمرار سياسة إيران، فمن جهة، منذ أسابيع، كشفت إيران عن تصنيع صاروخ باليستي تفوق سرعته سرعة الصوت، في الوقت الذي تعي فيه إيران أن منظومة الصواريخ الباليستية تشكل أحد مصادر التهديد في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تصريحات القادة العسكريين الإيرانيين تصب في الإتجاه ذاته، فقد صرح القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، منذ أيام، بأن الفلسفة الأساسية للثورة الإسلامية هي أن يرث المستضعفون الأرض، وأن إيران تواجه عالماً من دون حدود في مجال إغاثة ودعم الأمة الإسلامية ومستضعفي العالم، وهو المبرر نفسه للعلاقات الإيرانية بعدد من الجماعات والتنظيمات في الدول العربية، وكانت قد جاءت تصريحات قائد القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني العميد علي رضا تنغسيري حول ضرورة أن على كل سفينة تعبر مضيق هرمز أن تعرف نفسها باللغة الفارسية، وتثار هنا إشكالية مفهوم إيران لأمن الخليج، حيث تشارك شواطئه مع جيرانها من الدول الخليجية العربية وإستمرار محاولة أستعراض القوة به، هذه التصريحات والسلوكيات، والتي توضح إستمرار إزدواجية التعاطي الإيراني مع الإقليم وحدت ازدواجية الإدراك، ففي حين تريد إيران الإنفتاح على القوى الإقليمية وخلق علاقات طبيعية وشفافة وحسن جوار تستفيد منها إقتصادياً، فإن العقلية القائمة على أستعراض القوة والشعور بالأضطهاد ما زالت مستمرة، وأنا هنا أتحدث كمراقب للشأن الإيراني على إيران في عهد السيد إبراهيم رئيسي الإستفادة من حالة الإنفتاح الإقليمي وفتح قنوات التواصل والمحادثات بينها وبين بعض الدول العربية التي كان لديها قطيعة معها لبناء نظام إقليمي يستند إلى الحوار والتعاون والتوافق وإعادة إحياء اللجان المشتركة بينهم وتفعيل الأتفاقيات الموقعة كذلك بينهم، والعمل على إيجاد آليات لتسوية الخلافات بدلاً من العودة للتوترات وعدم الإستقرار.
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات