مقتل ضابط للاحتلال وإصابة 17 آخرين في عملية اقتحام فاشلة لجنين
شبكة الشرق الأوسط نيوز : قتل ضابط إسرائيلي وأصيب 17 آخرون على الأقل في جنين في الضفة الغربية المحتلة، خلال عملية اقتحام فاشلة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، في عملية تبنتها فصائل مقاومة فلسطينية، وعُدّت حسب محللين وباحثين تحدثت إليهم «القدس العربي»، وكذلك حسب الإعلام الإسرائيلي، «ضربة موجعة جدا للاحتلال».
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن العملية في مخيم جنين تمثل «ضربة موجعة جدا. وهي تأتي بعد عامين من استهداف المخيم والمدينة وتجريف وتدمير البنية التحتية، وقصف للمقاومين بالطائرات، ورغم ذلك نرى أن الإمكانيات الخاصة بالمقاومين تتطور» .
وأضاف لـ «القدس العربي» أن» العملية تؤشر على تطور في أدوات المقاومة»، و»هي فعل يلفت الانتباه، ويدلل على خبرة ومهارة، كما يشير إلى أن الخبرة تنتقل من جيل لآخر من المقاتلين، فيما الأدوات والإرادة لا تتراجعان».
وتابع «جاءت الضربة الموجعة في يوم تحذير الأمن الإسرائيلي من أن الضفة الغربية في وضع آيل للانفجار، وما جرى في المخيم مؤشر على ذلك».
ورأى أن فترة صعبة مقبلة في انتظار الضفة الغربية ومدينة ومخيم جنين.
قنابل أكثر تعقيداً
وأكدت إذاعة جيش الاحتلال مقتل ضابط، وإصابة 17 جنديًا وضابطًا بجروح متفاوتة، في كمين للمقاومة أثناء اقتحام جنين ومخيمها فجر أمس الخميس.
وانتظر جيش لاحتلال لساعات حتى أقر بنتائج كمين المقاومة، فيما راقب المواطنون في مدينة جنين سيارات الإسعاف وطائرات عسكرية نقلت المصابين الذين علم أن من بينهم حالتين في وضع خطير، فضلا عن الضابط القتيل، وهو برتبة نقيب وقائد لوحدة قناصة.
وأكدت إذاعة الجيش أنه يواجه في الضفة الغربية تهديدًا متزايدًا من الألغام والقنابل التي أصبحت أكثر تعقيدًاً، مشيرةً إلى أن «عملية التخطيط للتفجير المزدوج اعتمدت على تحليل دقيق لمسار عمليات الاقتحام والانسحاب التي ينفذها الجيش الإسرائيلي» .
وقالت إن عبوتين مزروعتين على عمق متر ونصف تحت الأرض انفجرتا في آليات إسرائيلية خلال اقتحام جنين. بينما قالت القناة الـ12 الإسرائيلية، إن العبوة الأولى انفجرت في مركبة عسكرية طبية من نوع نمر كان يستقلها أطباء وضباط، والثانية انفجرت خلال إسعاف الجنود المصابين.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) إن القتيل هو قائد فصيل من القناصة و»هو النقيب ألون سكاجيو البالغ من العمر 22 عاما من الخضيرة».
وقالت إذاعة الجيش إن أحد الجنود المصابين جراحه خطيرة، كما أصيب ضابطٌ ومسعف وثلاثة جنود بجروح متوسطة. وتابعت أن ضابطًا وجنديًا من قوات الاحتياط وثمانية آخرين في القوات النظامية، أصيبوا بجروح طفيفة. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورة للآلية العسكرية التي تعرضت للتفجير.
وأشارت مصادر محلية إلى أن الاقتحام الذي استمر أكثر من 6 ساعات شهد اشتباكات عنيفة بين المقاومة وقوات الاحتلال، وتخلله تفجير عدد من العبوات في أكثر من موقع.
وقد نُشرت صورٌ تظهر أجزاء من جرافة عسكرية تعرضت لتفجير عبوة ناسفة قرب جامع طوالبة في جنين، في أثناء الاقتحام.
وحسب ترجمة المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة لما نشره مراسل القناة 14 حول تفاصيل التفجير القاتل، فإن القوات الإسرائيلية دخلت مدينة ومخيم جنين في إحدى العمليات من أصل 40 عملية حتى الآن في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية، والتي هدفت لإحباط عمليات للمقاومة، وهذه العملية هي الـ 25 في مخيم جنين نفسه.
وخلال الاقتحام للمخيم، دخلت القوات من خلال إحدى الطرق على متن مركبة عسكرية من نوع النمر، وقبيل الاقتحام قامت جرافة ضخمة من نوع D9 وجرافة بعملية فتح الطريق أمام القوة للكشف عن عبوات زرعت في الطريق. وبعد فتح الطريق صعدت القوة في مركبة النمر على العبوة الناسفة التي انفجرت و»تسببت بجراح خفيفة للجنود في داخلها».
وتم استدعاء قوة أخرى من أجل تخليص مركبة النمر، والتعامل مع المصابين، وترجلت القوات من المركبات، حينها تم تفجير عبوة أخرى بالقوة الراجلة، ونتيجة التفجير الثاني قتل قائد وحدة القناصة، وأصيب جنود آخرون.
عبوة بعمق متر ونصف
وحسب تقارير فلسطينية فإن هناك ارتفاعا حادا بنسبة عدد العبوات الناسفة التي تستهدف جيش الاحتلال في مناطق شمال الضفة الغربية.
من التحقيق الأولي تبيّن أن العبوات التي انفجرت الواحدة تلو الأخرى كانت كبيرة بشكل خاص، ووضعت عميقاً في الأرض، وعلى عمق متر ونصف.
وحسب مصادر إسرائيلية فإنه في السابق اعتاد الجيش الإسرائيلي على أن تزرع العبوات على عمق بسيط.
وقالت صحف عبرية إنه على ما يبدو أن المقاومين يستقون العبر جيداً.
ويؤشر نجاح كمين سهل مرج بن عامر إلى أن المقاومة تحاول أن تتغلب على سياسات تدمير البنية التحتية التي تستخدمها قوات الاحتلال للكشف عن العبوات عبر زرعها في عمق يزيد على المتر الواحد.
وقامت جرافات الاحتلال بعمليات تجريف معتادة لكنها لم تنجح بالوصول للعبوة الناسفة، وهو أمر يعتبره مراقبون في مخيم جنين بمثابة «تكتيك ناجح من المقاومة وفشل الجيش في الانفجار الأول، والثاني على السواء».
ورصد شهود عيان هبوط عدة مروحيات عسكرية إسرائيلية في منطقة مرج ابن عامر شمال جنين، لنقل الجنود المصابين إلى مستشفيات الاحتلال.
وقالت مصادر إسرائيلية إن الجرحى نقلوا إلى مستشفيات عيمك وبيلنسون ورامبام وتل هشومير، وشاركت 3 مروحيات في نقل بعض المصابين.
وأظهر مقطع فيديو تفجير عبوة في آلية إسرائيلية قرب مسجد الطوالبة وسط المخيم. وأظهرت صورٌ أجزاء من الجرافة التي تم تفجيرها قرب المسجد. وتزايد مستوى التحريض على المقاتلين في مخيم جنين حيث قال أليئور ليفي، مراسل قناة «كان» الرسمية الإسرائيلية، «وفق مستوى التهريب الحالي لوسائل قتالية عبر الحدود الأردنية، فإن «حماس» و»الجهاد الإسلامي» يمكنهم خلال عام مراكمة المعرفة والخبرة لإطلاق صواريخ من الضفة الغربية على إسرائيل».
وتابع: «لا يتحدثون عن صواريخ كتلك التي حاولوا إطلاقها من جنين، بل شبيهة بتلك الموجودة لدى حركة «حماس» في قطاع غزة وتطلق على منطقة غلاف غزة».
ويدعي الصحافي الإسرائيلي أن جيش الاحتلال كشف الأسبوع الماضي أن المال والخبرة يصلان عن طريق جهات إيرانية من لبنان عن طريق الأردن.
صحافي إسرائيلي: الفلسطينيون نازيون!
وقال الصحافي الإسرائيلي مراسل القناة 14 العبرية يديديا ابستن: «الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك كانوا يعلمون جيداً أن هناك عبوات ناسفة في جنين، إذا أنا كنت أعلم فهم يعلمون، السؤال لماذا أدخلوا قوات لهذه المصيدة من أجل اعتقال مطلوب، بدلاً من قصفه هو والبناء الموجود فيه وكل محيطه من الجو، هل يمكن أن نعلم لماذا حياة «النازيين» أهم من حياة جنودنا؟».
واقتحمت قوات الاحتلال جنين ودفعت بتعزيزاتٍ عسكريةٍ ونفذت أعمال تجريفٍ متواصلة، حتى ساعات الصباح. كما نشرت قوات الاحتلال القناصة في محيط العمارة الملكية في مدينة جنين، وأطلقت قنابل إنارة في محيط منطقة التفجير، وأغلقت الشوارع المؤدية إلى مستشفى جنين الحكومي.
«الجهاد» تتبنى
واعتقلت قوة خاصة من جيش الاحتلال القيادي جمال حويل، والأسير المحرر جمال زبيدي، والشاب عبد الغني أبو الهيجا خلال اقتحام مخيم جنين.
وقال «أبو حمزة» الناطق العسكري باسم «سرايا القدس» – الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي» في مخيم جنين: «لقد تمكن مجاهدونا الأبطال في كتيبة جنين من تفجير آليتين عسكريتين كمقدمة لكمين مركب في منطقة سهل مرج بن عامر شمال جنين وأوقعنا طاقمهما بالكامل بين قتيل وجريح ومن ثم الاشتباك المباشر والالتحام مع قوات النجدة التي أوقعنا فيها أيضاً إصاباتٍ محققة».
وتعقيبا على «كمين جنين» قال القيادي في حركة «حماس» عبد الحكيم حنيني، إن عملية جنين الأخيرة التي قتل فيها جندي إسرائيلي وأصيب 17 آخرون، هي تأكيد على مضي الشعب الفلسطيني على خيار المقاومة والتصدي للاحتلال. وأشاد في تصريح صحافي ببطولات مقاومي كتائب القسام وسرايا القدس وكل الأجنحة العسكرية في جنين «الذين أثخنوا في جنود الاحتلال وخاضوا اشتباكات ضارية أرعبت العدو وأربكت حساباته، وأوصلت له رسالة واضحة أن توغله في جنين لن يكون نزهة وستبقى فاتورته باهظة».
وأكد أن كل محاولات الاحتلال لاجتثاث المقاومة في الضفة هي «محاولات يائسة لن تمحو العار من جبينه ولن تجلب له الأمن، بل ستكون كابوسا يلاحقه، وسيلقى ردا يؤلمه مع كل توغل وإجرام».
ونشرت كتيبة جنين – الإعلام الحربي بوسترا حمل نصا مفاده: «نحن رعبكم الدائم» .
المصدر : القدس العربي