السودان: توثيق 250 جريمة عنف جنسي ممنهج من قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة

شبكة الشرق الأوسط نيوز: كشفت تقارير حديثة عن جرائم مروعة وازدياد للعنف الجنسي المرتكبة من قبل عناصر الدعم السريع في ولاية الجزيرة وسط السودان، بالإضافة إلى رصد حالات اعتداء طالت عشرات النساء على يد رجال مسلحين في إقليم دارفور.
وقالت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي “شبكة صيحة” في مؤتمر صحافي الإثنين، إنها وثقت حوالي 250 حالة عنف جنسي ضد النساء في جميع أنحاء السودان بما في ذلك جرائم الاغتصاب منذ اندلاع الحرب من بينها 75 حالة عنف جنسي تشمل الاغتصاب الجماعي ارتكبت بواسطة قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بعد الاستيلاء على عاصمتها في ديسمبر العام الماضي.

فظائع منسية

وأصدرت شبكة صيحة تقريراً بعنوان “ولاية الجزيرة الفظائع المنسية ـ تقرير عن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع”، وقالت المديرة الإقليمية لـ” شبكة صيحة” هالة الكارب إن الشهادات التي حصلوا عليها تؤكد توسع رقعة جرائم العنف الجنسي في ولاية الجزيرة، مؤكدة بأن قوات الدعم السريع تمارس العنف الجنسي بشكل منهجي في الولاية بهدف بث الرعب وضمان السيطرة والإخضاع وليست مجرد حالات فردية لجنود يتصرفون من تلقاء أنفسهم.
وأوضح التقرير، أن قوات الدعم السريع تستخدم عدة أنماط للعنف الجنسي منها الصدمة والتي تحدث في الساعات الأولى عند اجتياح بلدة أو منطقة معينة حيث يتم اطلاق الأعيرة النارية ونهب الأسواق والمجمعات التجارية ومن ثم الانتقال إلى البيوت وإمعاناً في الترويع يستخدمون العنف الجنسي بحق النساء داخلها.
ووثق التقرير لإفادات إحدى الشهود في مدينة “المدينة عرب” غرب “ود مدني” حيث تقول : “تعرضنا لهجوم في المنزل على يد نحو 10 رجال مسلحين، دخلونا منزلنا قائلين أنهم يبحثون عن جنود نظاميين وهددونا بالاغتصاب وقالوا ليس لديكم جيش لحمايتكم وسنستخدمكم كيفما نشاء لماذا لم تغادروا سلفاً”.
أضافت:” بعد المغرب سمعنا صوت صراخ من منزل جارنا وذهبنا لإنقاذهم فوجدنا أنهم اغتصبوا الأم وبناتها الثلاث وكان وضعهن سيئاً للغاية ورفضن مغادرة المنطقة وقالوا إنهن تعرضن للاغتصاب فما الفائدة من المغادرة الآن “.
وتابعت: “قررنا مغادرة “المدينة عرب” في الساعة السابعة عند المساء وخلال تنقلنا في الحي سمعنا صراخ نساء وفتيات وهن يتوسلن إليهم إلا يغتصبوهن وسمعنا جنود الدعم السريع يأمرون النساء بخلع ملابسهن”.
ولفت تقرير “صيحة” عن رصد حالات مشابهة في ا”لمدينة عرب” وقعت في الحادي عشر من مارس/آذار الماضي حيث تعرضت أم تبلغ من العمر 38 عاماً وابنتاها القاصرتان للاغتصاب الجماعي داخل منزلهم بطريقة مماثلة، كذلك حالة أخرى وقعت في السابع عشر من أبريل/نيسان الماضي في مدينة الحصاحيصا شمال “ود مدني” حين اقتحمت قوات من الدعم السريع منزل بائعة شاي نازحة كانت خارج البيت للعمل ولما لم يجدوا ما يكفي للسرقة ضربوا ابنتها البالغة من العمر 17 عاماً وأهانوها واغتصبوها جماعياً وكانت حادثة مؤلمة ومدمرة للعائلة.
وبيّن التقرير وجود عمليات اختطاف وزاوج قسري أو مقايضة الفتيات مقابل المال الذي يدفعه أفراد الميليشيا للأسر التي لا تملك حق الرفض، كاشفاً عن ورود تقارير خلال أشهر مارس/آذار وأبريل/نيسان عن إجبار أعداد كبيرة من الفتيات على الزواج من أفراد الدعم السريع ـ الكثير منهن من الأطفال ـ في مناطق ودمدني وضواحيها، بالإضافة إلى رصد حالات اختطاف واسترقاق جنسي.

اختطاف واحتجاز واغتصاب

وفي إحدى الحالات التي وثقتها “صيحة” دخلت قوات الدعم السريع منزل امرأة في الحصاحيصا وعندما قاومت المرأة تم اختطافها واحتجازها لمدة خمسة أيام ثم عثر عليها خارج منازلها مصابة بجروح بالغة تشير إلى أنها تعرضت للاغتصاب مراراً على يد عدة جناة.
كذلك وثقت لحالة مماثلة وقعت منتصف مارس/ آذار الماضي في نفس المدينة لفتاة تبلغ من العمر 16 عاماً اختفت وامرأة تبلغ من العمر 29 عاماً اتضح لاحقاً أنه تم اختطافهما من قِبل الدعم السريع واحتجازهما لأربعة أيام تعرضتا خلالها للاغتصاب الجماعي والتعذيب.
النساء في تلك المناطق اتخذن تدابير مختلفة في محاولة الحفاظ على سلامتهن مثل تجمع نحو 40 امرأة للمبيت مع بعضهن في منزل واحد بعد أن سمعن روايات اغتصاب النساء ودخول الدعم السريع إلى المنازل، وهؤلاء النسوة وفقاً لـ”صيحة” يتفرقن كل صباح للاختباء من قوات الدعم السريع، وفي إفادة لأحداهن قالت: “عناصر الدعم السريع أجبروا امرأة على المغادرة معهم، وعادت في وقت لاحق مصابة بكدمات وتورم” ،مبينة أن هناك أعدادا كبيرة من النساء والفتيات محتجزات لدى قوات حميدتي ويتعرضن للاغتصاب الوحشي والتعذيب.
وأوضح التقرير:”استُهدفت العاملات في مجال الرعاية الصحية والعاملات في القطاع غير الرسمي بمعدلات أكبر بالعنف داخل ولاية الجزيرة، كما تعرضت بائعات الأطعمة والشاي في أسواق الحصاحيصا والمعليق والدباسين والمحيريبا لأعمال وحشية وانتهاكات قاسية وتم إجبارهن على تقديم الطعام والشراب مجاناً وتقديم الخدمات للجنود.”
وقال التقرير “إن بائعة شاي تعرضت للاغتصاب الجماعي في الشارع بتاريخ 26 فبراير/شباط وعندما قاومت محاولات الدعم السريع تم اختطافها وإخفاؤها قسرياً” بالإضافة إلى تقارير عن حالة اغتصاب جماعية لبائعة شاي أخرى في الشارع العام وعمليات ضرب ونهب بتاريخ 8 مارس/آذار في الحصاحيصا.
وكانت نقابة الأطباء السودانيين أصدرت منتصف مارس / آذار الماضي بيانا ذكرت فيه أن قوات الدعم السريع اغتصبت إثنتين من النساء المرافقات لأطفالهن في مستشفى الحصاحيصا وعندما حاولت ممرضة تعمل بالمستشفى اعتراضهم جرى احتجازها واغتصابها أيضاً.
وتقول “شبكة صيحة” أن هذه الجرائم والممارسات تؤدي إلى فرض أسوار من العزلة والخوف وعدم المقدرة على القيام بأي نوع من المقاومة والاحتجاج حيث يصبح السكان غير قادرين على اللجوء إلى المؤسسات للحصول على الخدمات الأساسية ويعيشون أشبه بالسجناء في منازلهم وأحيائهم السكنية.
وتناول تقرير “صيحة” شهادات لناجيات تعرضن لعنف في الطرق السفرية، كذلك وثّق حالات لنساء أجبرن للخدمة والطهي لصالح جنود الدعم السريع وتلبية احتياجاتهم، وذكر أن هناك نساء فوق سن الـ 70 عاماً في أمدرمان، أجبرن على تقديم الخدمات لقوات حميدتي وبعد ذلك يُطلب منهن الرقص في حين يطلق أفراد الدعم السريع الرصاص في الهواء ويضحكون عليهن. وقالت امرأة في الثمانين من عمرها أنها تعرضت للملاحقة واللمس غير اللائق من جنود الدعم السريع أثناء سيرها للحصول على الطعام في مدينة ود مدني وفقاً لما أورد التقرير.
وحذرت شبكة صيحة من تفاقم أزمة الغذاء في الجزيرة بعد أعمال النهب التي طالت المحاصيل الزراعية والمحال التجارية والمدخرات وتسببها في أن تصبح النساء والفتيات عرضة على نحو متزايد للاستهداف والاستغلال الجنسي والإكراه في العمالة، لافتة بأنها تلقت أيضا روايات عن نساء وفتيات في الجزيرة يشترط لحصولهن على الغذاء استعدادهن للسكوت عن العنف الجنسي من قبل الدعم السريع.
وأكدت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي أن قوات الدعم السريع تتحكم في الأنترنت الفضائي “ستار لنك” مشيرة إلى أنها وسيلة غير آمنة للإبلاغ عن الانتهاكات كما أنها خدمة غير متوفرة في مناطق كثيرة في الولاية.
ودعت المبادرة إلى محاكمة قائد الدعم السريع في ولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل محاكمة جنائية على غرار محاكم رواندا كما طالبت البعثة الدولية لتقصي الحقائق في السودان الوصول إلى المعلومات خاصة في الجزيرة مشددة على ضرورة عدم الإفلات من العقاب.

عنف عشوائي

وفي سياق متصل، قالت منظمة أطباء بلاحدود في تقرير حديث نشرته أمس الثلاثاء، إن المجتمعات المحلية في السودان تواجه عنفاً عشوائياً بحيث تتعرض المرافق الصحية والعاملون الصحيون لهجمات متكررة منذ اندلاع الحرب، وأوضحت كذلك رصدها لحالات عنف جنسي قائم على النوع الاجتماعي خاصة في دارفور. وكشفت أطباء بلا حدود عن أن 90% من 135 ناحية من إقليم دارفور تعرضت للاعتداء على يد رجال مسلحين في يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2023.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.