الحكومة المغربية تلغي مبادرة «مليون محفظة» وتعوّضها بدعم مالي سنوي للأسر الفقيرة

شبكة الشرق الأوسط نيوز : لم يتردد عدد من المغاربة في التعبير عن تخوفهم من القرار الجديد الذي اتخذته الحكومة بشأن مبادرة «مليون محفظة» وتعويضها بالدعم المباشر للأسر التي لديها أبناء في سن التعلم.
قرار الحكومة جاء على شكل مصادقة مجلسها الذي انعقد الأربعاء، على مشروع مرسوم يتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، قدمه الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.
وأوضح بيان للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن «هذا المشروع يندرج في إطار المبادرة الملكية الرائدة (مليون محفظة)، حيث سيتم صرف مبالغ مالية إضافية للأسر المستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر، برسم كل دخول مدرسي جديد، مما سيساعد الأسر المعوزة المستفيدة من هذا الدعم على التخفيف من تكاليف وأعباء الدخول المدرسي، وما يقتضيه من اقتناء الكتب واللوازم المدرسية».
ووفق البيان نفسه، فقد تم تحديد قيمة المبالغ التي ستمنح للأسر في إطار إعانات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، بخصوص أولادهم المتعلمين في السلك الابتدائي والسلك الثانوي الإعدادي والسلك الثانوي التأهيلي، المسجلين بالمؤسسات التعليمية العمومية، وذلك في حدود ستة أولاد، بحيث يصرف مرة واحدة برسم شهر أيلول/ سبتمبر من كل سنة.
تخوف المغاربة من تغيير طريقة الاستفادة المباشرة من «مليون محفظة» مدرسية التي كان قد أطلقها العاهل المغربي محمد السادس قبل سنوات عديدة بهدف دعم الأسر الفقيرة وتوفير لوازم التعلم لأبنائها، مردّه إلى تحويل المبادرة إلى دعم مالي مباشر، بشروط استفادة ألحقتها الحكومة بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، كما حددت السقف المالي وعدد الأبناء وحسب سلك الدراسة، وما قد يشوب ذلك من تعثر، مستشهدين بما يعرفه الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة من عثرات على مستوى إثبات الأحقية بناء على معايير محددة تتغير مؤشراتها وفق شروط المعيش للمستفيدين.

بين ترحيب المهنيين وتخوف بعض المواطنين

باعة الكتب المدرسية من جهتهم لم يترددوا في الترحيب بالقرار الحكومي، واعتباره إنصافاً لقطاعهم وإنقاذاً له من الإفلاس الذي كانوا قد سطروا تفاصيله في بيانات سابقة لعدة أسباب، منها عدم استفادتهم من افتتاح الموسم الدراسي الجديد بشكل عادل مع مكتبات وشركات التوزيع كبرى أو مؤسسات خاصة تبيع الكتب والدفاتر ولوازم التعلم وهو ما اشتكاه هؤلاء مراراً وتكراراً.
وعبّر الحسن المعتصم رئيس «رابطة الكتبيين بالمغرب»، في تصريح لـ «القدس العربي»، عن موقف هيئته المهنية من قرار الحكومة، مؤكداً أن تعويض مليون محفظة بالدعم المباشر هو أمر إيجابي للغاية وخصوصاً باعة الكتب الصغار.
واعتبر المعتصم «هذا القرار إنصافاً» للكتبيين الصغار و»رد الاعتبار» لهم، موضحاً أن «الجميع يعلم أن أغلب من يستفيد من مبادرة مليون محفظة هي شركات كبرى وبعضها ليس لها علاقة بالمهنة، مما كان يضيع على كتبيّي القرب الرواج التجاري المهم في ذروة الموسم الدراسي الجديد».
وأضاف رئيس «رابطة الكتبيين بالمغرب» أن «هذا القرار مما لا شك فيه، سيعزز من حرية المستهلكين في التوجه إلى المكتبات القريبة منهم لشراء الكتب والأدوات المدرسية وخصوصاً في القرى (الأرياف) وفي المدن الصغيرة التي يعتمد فيها أغلب الكتبيين هناك على الرواج التجاري مع طلاب المدارس العمومية، مما سيتيح لبعض المكتبات في تلك المناطق الصمود أمام ظاهرة إغلاق بعض المكتبات الصغيرة».
وختم المعتصم حديثه لـ «القدس العربي»، بالإشارة إلى أن «رابطة الكتبيين بالمغرب» تسعى دائماً «إلى دعم وتشجيع كل ما يدفع بعجلة استمرار وتطور هذه المهنة الشريفة التي تلعب أدواراً مهمة في المجتمع المغربي».
بعض المغاربة ساروا في درب التنويه مثل الكتبيين، واعتبروا الأمر إنقاذاً للمكتبات الصغيرة التي تعيش وضعاً مالياً صعباً جراء انعدام الرواج التجاري باستثناء الدخول المدرسي والذي بدوره لا يشملهم كلياً أسوة بمكتبات كبرى.
لكن البعض الآخر من المغاربة سارت مواقفهم في درب التخوف من تعسير الأمر على الأسر التي كانت تجد المحفظة جاهزة لأبنائها بمجرد بداية الموسم الدراسي، دون عناء إثبات الفقر مثلما سيكون الأمر عليه مع الصيغة الجديدة للاستفادة من الكتب واللوازم الدراسية، عبر مبلغ مالي سيصرف زيادة على الدعم الاجتماعي المباشر.
قرار مجلس الحكومة أعطى الضوء الأخضر لتغيير صيغة الاستفادة من مبادرة مليون محفظة عبر مبالغ مالية محددة، كما حدد كيفية الحصول عليها، وذلك بإضافتها إلى نظام الدعم الاجتماعي المباشر، بمعنى أن الأسر الموجودة في القائمة هي التي ستستفيد من ذلك.
عموم المغاربة، خاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ركزوا على الاستشهاد بما يقع للأسر بخصوص الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، وتغير المؤشر الذي على أساسه تستفيد الفئات الفقيرة من مبالغ مالية تعينها على تحمل تكاليف المعيش، ليبرز السؤال الكبير والمقلق بالنسبة لهم: هل سيتكرر السيناريو نفسه مع الدعم المالي الذي سيعوض مبادرة مليون محفظة؟ وبرزت أسئلة أخرى تتحدث عن «المصلحة الفضلى للمتعلمين» مثل ما ورد في تدوينة نشرتها صفحة تدعى «مستجدات التربية والتعليم» على الفيسبوك، و»هل تغيير نظام الدعم الاجتماعي للطلاب من مليون محفظة إلى دعم مادي يخدم تعميم التعلم الإلزامي؟»، مشيرة إلى أن «الأسر غير واعية بتعليم أبنائها ومحتاجة لهذا الدعم» في تدبير يومياتها.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.