الأستاذ موسى الزريقات المسيحي الأردني كان معلمي
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .…..
الأستاذ موسى الزريقات ( ابو الرائد )من مدينة الربة شمال الكرك ، هذه المدينة التي كانت بالماضي نتقاسم أراضيها نحن عشيرتا المجالي وعشيرة الزريقات التي تدين بالديانة المسيحية كما كنا نتقاسم لقمة الخبز أيضا ، كان الأستاذ موسى الذي تخرج من معهد تأهيل المعلمين يدرسنا اللغة العربية حيث كان يذهب إلى المدرسة بأناقة عالية في الهندام من حيث البدلة ذات اللون الرصاصي والربطة المنسقة والحطة البيضاء مع العقال الذي يتوسط الرأس مثله مثل أقرانة من الأساتذة عبدالوهاب المجالي وفهيم وعادل الزريقات الذين توفاهم الله ونسأل الله لهم الرحمة والمغفرة .
الأستاذ موسى كان يعلمنا اللغة العربية من محفوظات وآيات قرآنية ويشرحها لنا إعرابيا ويفهمنا ما فيها من مقاصد للشريعة الإسلامية وأخلاق عربية سامية .
الأستاذ موسى كان صادقا وأمينا ومُحِبا للتعليم وللغة العربية كما أنه كان مُحبا لجيرانة ويسعى في إصلاح ذات البيّن ،وكان يتمتع بخُلُقا ساميا وراقيا وهو ما تعلمه من ديانتة المسيحية وهي نفسها التعليمات الأخلاقية التي جاء بها رسولنا وسيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ليتممها بعد البعث والرسالة كما ذكرت بالحديث النبوي والتي قال فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
كان إخوتنا المسيحيون من عشيرة الزريقات يصلون لله بالكنيسة ونحن بالمسجد فكلنا نعبد الله ونصلي له ، وكان عندهم خوري وكان عندنا شيخ وإمام ، كان الأستاذ موسى وكل أبناء عشيرة الزريقات مثلنا يبدؤون حديثهم بالطلب من المستمعين بالصلاة على رسول الله ثم بعد ذلك يحلفون بالرب ومحمد والمسيح والصليب والقرآن والإنجيل .
كانت صلاة إخوتنا المسيحية بالربة يوم السبت بكنيستهم لأن الخوري يذهب للصلاة يوم الاحد في كنيسة أخرى بمدينة الكرك ، وكنا نحن نذهب لحضور مراسيم الصلاة على موتاهم بالكنيسة والمقبرة ، كما كانوا هم يحضرون مراسيم الصلاة على موتانا في المسجد والمقبرة ، حتى ان شيخهم وكبيرهم الشيخ غانم الزريقات والد سعادة النائب عبدالله قد قيل أنه قبل موته كان قد طلب أن يدفنونه بمقبرة المسلمين بجانب قبر المرحوم عمي مفظي المجالي لقوة علاقة الأخوة بينهما .
لم نكن نختلف معهم لا بالإنتماء ولا بالولاء للوطن والقيادة ، ولا من حيث الأخلاق والقيّم أو العادات والتقاليد التي تحافظ على أعراضنا وشرفنا وكرامتنا ، كنا أذا اختلفنا فإننا نختلف بطرق ووسائل العبادة لله ، فهم يتبعون تعاليم سيدنا المسيح عليه الصلاة والسلام في صلاتهم ونحن نتبع سنة ونهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
الأستاذ موسى الزريقات تخرج على يديه الآلاف من القيادات من عشيرتينا ومن بلدتنا والبلدات المجاورة والكثير من الأطباء والمهندسون والمثقفون والكُتَّاب وكانوا يعتزون بأن من أسسهم في صفوفهم الإبتدائية هو الأستاذ موسى الزريقات عليه رحمة الله تعالى وأقرانة من الأستاذ فهيم وعادل وبطرس علي جراد وعبدالوهاب وسعد الدين .
التعليم والنهضة والتطور يبدؤا منذ الصِغر في البشر حيث الصفوف الإبتدائية ، وكان الأستاذ موسى يتنبأ بمستقبل طلابه ويقول لذويهم ان إبنكم هذا سيكون طبيب مشهور أو مهندس أو ضابط كبير أو أستاذ ودكتور جامعي وفعلا كان ما تنبئ به الأستاذ موسى .
كانت المناهج في الصفوف الابتدائية رائعة لما تحتوي عليه من العلم والأدب والثقافة العالية ، وكانت الهيئة التدريسية أيضا على مستوى عالي من الحرفية بالتدريس والثقافة حيث كان أستاذ اللغة العربية ضليعا بمواد العلوم والدين والرياضيات والجغرافيا والتاريخ وكانت ثقافته تمكنه من تغطية كل المواضيع التي يتم تدريسها بالمدرسة .
العملية التعليمية منظومة كاملة متكاملة تبدأ من المناهج أولا ثم المدرس ثانيا ثم النظام والمكان ، فإذا فقدنا أحد عناصرها فإنها حتما ستختل وستفقد قيمتها ولسوف تصبح عبئا ووبالا على الشعب والوطن والقيادة .
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا وينفع أمتنا. اللهم ارحم من علمني حرفا ونفعني بالعلم مسلكا وحياة وعيشا.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.