( دافعو عن تشيكوف و عن توليستوي و دوستويفسكي) و ذلك لمعرفته بقيمة تلك القامات الأدبية في ضمير الأمة الروسية و لا حقا في الضمير العالمي.

سامر ابو شندي …..

 

ولد توليستوي في العام ١٨٢٨ في قرية ياسنايا بوليانا في روسيا القيصرية، توفيت والدته و هو ابن سنتين و توفي والده و هو بعمر تسع سنوات لينتقل للعيش مع جدته، كان اسمه عند المولد ليف نيكولايفيتش توليستوي.
و عندما يشتد عوده ينتقل إلى مدينة (كازان) حيث يلتحق بدراسة اللغات الشرقية و منها العربية حيث كان طموحه أن يكون دبلوسيا بعد إنهاء تلك الدراسة لكنه يفشل باكمال الدراسة بعد رسوبه في الامتحانات التحضيرية فيذهب إلى كلية الحقوق و يدرس فيها مدة أطول من المدة التي أمضاها في اللغات الشرقية إلا أنه لا يكمل الدراسة و لا يحصل على إجازة الحقوق.
كان إلى جانب طموحه محبا للأدب فكان في شبابه يلبس قميصا منقوشا عليه ابيات قصيدة للمفكر الفرنسي الشهير جان جاك روسو.
قرر بالتشاور مع العائلة أن يلتحق بالجيش حيث كان شقيقه الأكبر ضابطا في الجيش القيصري، و كان ذلك في العام ١٨٥١ و أثناء خدمته العسكرية و التحاقه بالفرق القوقازية تتفجر موهبته و يستهل مشواره بالترجمة فترجم عن اللغة الفرنسية التي كان يتقنها شأنه شأن معظم مثقفي عصره من الروس فكان أن ترجم رواية ( رحلة عاطفية) و ترك الترجمة بعدها و لم يعد إليها و ألف روايته الاولى و كانت بعنوان ( طفولتي) و بعدها بسنتين رواية المراهقة ثم رواية الشباب حيث نالت هذه الثلاثية اعجاب الكاتب الروسي نيكولاي تشيرنيشيفسكي الذي كان بنفس عمر توليستوي و الذي أعجبه في هذه الرواية هو صراع الروح أو ما يسمى بالحوار الداخلي و هو ما يستمر في معظم اعمال توليستوي، و تعتبر الروايات الثلاث بمثابة معالجة فنية لسيرة توليستوي الذاتية معبرة عن آراء توليستوي في الحياة، و التي تتلخص في أن قيمة الحياة تتجلى بما نقدمه من خير للآخر.
في العام ١٨٥٧ يدرك توليستوي أنه موهوب و يترك الخدمة العسكرية و يتفرغ للكتابة و يشرع  في عمله الروائي الكبير  رواية (الحرب و السلام) و التي يجمع النقاد و المؤرخون بأن من يقرأها يقرأ تاريخ روسيا لأنها تسجل بعين الكاتب النفاذة تاريخ الصراع الروسي من خلال حرب روسيا مع نابليون و كيف نهضت روسيا من ركام الدمار، و هي من الروايات الملحمية و تم تأليفها بلغتين في نفس العمل هما الروسية و الفرنسية ففيها صفحات كاملة بالفرنسية و أخرى بالروسية، شطح فيها الكاتب و ضمنها رؤيته الفلسفية في صفحات طوال فلم يلتزم القالب الفني للرواية الأوروبية.
و من تواضع كاتبنا الجم أنه رفض نشرها بينما كانت زوجته المخلصة ( صوفيا) تصر على ذلك و قامت بنسخها و تبييضها ١٨ مرة حتى اقتنع توليستوي و ارسلها للمطبعة.
في العام ١٩١٠ يتحدث عنه (لينين) قائد و مفكر الثورة البلشفية من خلال سبع مقالات.
فيمكننا القول إن أعمال توليستوي هي من بشرت بثورة  ١٣ اكتوبر الروسية و ال�

ن أعمال توليستوي هي من بشرت بثورة  ١٣ اكتوبر الروسية و التي يعادلها اليوم و بكل فخر ٧ اكتوبر العربية.
حصل كاتبنا  من جانب والده على لقب كونت،  وعلى لقب أمير من جهة والدته، و عندما تم توزيع الميراث كانت حصته عبارة عن قرية كبيرة تحتوي على ٣٥٠ عائلة، كان نصيرا للفقراء و المستضعفين و طبقة الفلاحين و عندما اشتهر و ذاع ذكره كان يفضل ان يلبس اللباس الطويل الخاص بالفلاحين على ان يلبس لباس النبلاء و الاثرياء، حتى أنه في أحد المرات عندما كان في إحدى محطات القطار رأته فتاة فظنت أنه من الفقراء فطلبت منه أن يحمل شنطتها إلى القطار فقام و حمل الشنطة دون أدنى جدال و قامت الفتاة باعطاءه ما يعادل عشرة قروش فأخذها، إلا أنه قبل أن يغادر انتبهت صديقة الفتاة إلى أن صوره تملأ المجالات و أنه كاتب مشهور فضحك و قال إنه سعيد بخدمتها.
وزع كثير من ممتلكاته و أراضيه على الفلاحين الذين كانو يعملون بها.
و المنزل الذي كان يسكنه و هو يتكون من عدة مبان تحول اليوم إلى متحف يعمل به ١١٢ شخصاً بما يوازي دائرة حكومية بمقاييس اليوم.
رحل توليستوي جسدا عن دنيانا في العام ١٩١٠ لكن بقي خالدا من خلال أدبه و مؤلفاته، ففي الحرب العالمية الثانية و لإدراك القيادة السوفياتية لأهمية كتابها يكتب جوزيف ستالين في خطابه للجنود الروس على الحبهة

( دافعو عن تشيكوف و عن توليستوي و دوستويفسكي) و ذلك لمعرفته بقيمة تلك القامات الأدبية في ضمير الأمة الروسية و لا حقا في الضمير العالمي.
سامر ابو شندي كاتب من الاردن

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.