*فادي السمردلي يكتب: صحوة من القبور ✌️✌️✌️ فهل ستستمر ؟*

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_اقوال*

في عالم المناصب والكراسي، لا تحرك الإنسان المبادئ ولا تدفعه المسؤولية في كثير من الأحيان، بل يحركه الخوف من السقوط، الخوف من الفقدان، الخوف من أن يتعرى أمام الجميع وتنكشف حقيقته فهذا الخوف، الذي يوقظ من في القبور، يظهر جلياً حينما يشعر هؤلاء المتشبثون بالمناصب بأن كراسيهم بدأت تتزعزع فهؤلاء الذين كانوا أقرب إلى الأموات، بلا حراك، بلا روح، ينهضون فجأة بجنون مذعور، كأنما طعنوا بخنجر في القلب ويتحركون بلا هدف سوى البقاء ليس حفاظاً على المسؤولية، وليس سعياً لتحقيق إنجازات، بل لمجرد الجلوس على تلك الكراسي التي منحهم إياها الزمن دون استحقاق.

إن الخوف من فقدان المنصب أشبه بالذعر الذي يشعر به الغريق، الذي يكافح يائساً ليبقى على سطح الماء وتراهم يتخبطون في كل اتجاه، يحاولون القيام بأي شيء يثبت أنهم لا يزالون موجودين، وأنهم يستحقون تلك المناصب، ولكن هل حقاً يستحقونها؟ في كثير من الأحيان، هذه التصرفات ليست سوى ردود فعل نابعة من خوف حقيقي من الانكشاف أمام الجميع فهم يخشون أن تظهر حقيقتهم كأشخاص بلا رؤية أو أهداف حقيقية إنهم يعيشون تحت عباءة وهمية من السلطة، معتقدين أنهم لم يُكشفوا بعد، ولكن الواقع عكس ذلك فالمناصب بالنسبة لهؤلاء ليست مجرد فرصة لخدمة المجتمع أو تحقيق التقدم، بل هي درع يحمون به أنفسهم من مواجهة الحقيقة التي تقول إنهم، بدون هذه الكراسي، لا رؤية، لا طموح، لا مشاريع حقيقية فقط أجساد تتحرك في الظلام، أشباح تتبع الخوف بدلاً من المسؤولية يتحركون فقط عندما يواجهون ما يهدد وجودهم، وما يجعل تحركهم شبيهاً بحركة الأموات هو أن هذه الحركة عشوائية، بلا هدف ولا معنى لانها لا تصدر عن قناعة ولا تنبع من إحساس حقيقي بالمسؤولية، بل عن غريزة للبقاء بأي ثمن.

ولعل أبرز ما يميز هذه الحالة هو الانفصال التام عن الدور الحقيقي للمناصب فهؤلاء لا يرون في المنصب فرصة للتأثير الإيجابي أو لتحمل المسؤولية تجاه الآخرين بالنسبة لهم، المنصب مجرد غطاء يخفون تحته عجزهم وفشلهم وعندما يقترب خطر فقدان هذا المنصب، يتحركون كالمذعورين في كل الاتجاهات، ظناً منهم أن هذه الحركات العشوائية ستثبت أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
في ظل هذا الواقع المليء بالخوف والتشبث بالمناصب، تبرز أهمية تفعيل اللجان والمكاتب والدوائر والفروع بشكل فعّال على أرض الواقع، وليس مجرد استعراضات وصور للترويج الشخصي( كما يفعل البعض حاليآ ) أو استدامة السلطة الشكلية فالتفعيل الحقيقي لهذه المؤسسات يجب أن تقوم على أسس عملية ومنهجيات مدروسة تضمن تقديم خدمات حقيقية وملموسة للمجتمع.

إن تفعيل هذه المؤسسات أمر بالغ الأهمية، لأنه يعيد الدور الحقيقي للمناصب إلى جوهره الأساسي خدمة المجتمع وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها فاللجان والمكاتب ليست مجرد واجهات لعرض الإنجازات الوهمية، بل هي آليات فاعلة يجب أن تسهم في تحسين حياة الناس ولكي يتحقق هذا التفعيل، لا بد من تجاوز النمط الاستعراضي الذي يقتصر على الظهور الإعلامي، إلى العمل الميداني الذي يلمس حياة المواطنين ويحقق التغيير الحقيقي.

عندما يتم تفعيل الاستراتيجيات بشكل صحيح، فإنها تتحول إلى أدوات فعّالة في يد القادة الحقيقيين، الذين يسعون لتحقيق الصالح العام، لا إلى وسيلة لإطالة أمد سلطتهم الشخصية وهذا التفعيل يتطلب الشفافية والمساءلة والتقييم المستمر، لضمان أن هذه المؤسسات لا تتحول إلى مجرّد ديكورات أو وسيلة لتلميع صورة المسؤولين.
لكن للأسف، إذا كان الخوف هو ما يحرك هؤلاء اليوم، فإن هذا الخوف سيظل عقبة في طريق أي تفعيل حقيقي للمؤسسات فالخوف من الانكشاف، من أن تتساقط الأقنعة، هو ما يمنع هؤلاء المسؤولين من القيام بخطوات جريئة نحو الإصلاح الحقيقي إنهم يخشون أن يتضح للجميع كم كانوا ضعفاء، وأن منصبهم لم يكن سوى درع يحميهم من مواجهة الحقيقة فهذا الخوف يجعلهم في حالة جمود التي كانوا فيها قبل أن يوقظهم خطر فقدان السلطة
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن لهؤلاء أن يتحولوا يوماً ما إلى قادة حقيقيين؟ قادة يدركون أن المنصب ليس مجرد كرسي يحمون به أنفسهم، بل مسؤولية تتطلب التضحية والعمل الجاد من أجل الآخرين نأمل أن تكون هذه الحركة الناتجة عن خوفهم خطوة نحو الاستيقاظ من سبات اللامبالاة ونأمل أن يدركوا، ولو متأخرين، أن القيادة الحقيقية لا تأتي من الجلوس على الكراسي، بل من القدرة على العطاء والتغيير فالقيادة ليست امتيازاً، بل تضحية ومسؤولية.

ولكن إذا استمر الخوف هو المحرك الأساسي لهؤلاء، فإنهم سيعودون إلى حالة الموت بمجرد أن ينقشع هذا الخوف وستظل الكراسي هي سيدهم، التي يلهثون وراءها لانها حبل النجاة.
وإذا لم يستيقظوا فعلاً، فسيبقون أسرى لهذا الخوف، مسيرين لا مخيرين، لا يحركهم سوى الهلع من أن تُسلب منهم تلك القوة الزائفة التي منحها لهم المنصب فالخوف قد يوقظ الميت، ولكنه لا يعيده إلى الحياة الحقيقية ولن يعود هؤلاء إلى الحياة إلا عندما يدركون أن المنصب ليس هدفاً بحد ذاته، وأن الكرسي ليس قيمة بحد ذاته فإذا لم يتجاوزوا هذا الخوف، فسيظلون مجرد أشباح تتحرك في الظلام، لا تملك من أمرها شيئاً سوى الخوف الذي يقودها إلى نهايتها المحتومة.
إن تفعيل اللجان والمكاتب والدوائر والفروع بشكل حقيقي يمكن أن يكون البداية لإحياء هذه المؤسسات من جديد، شرط أن يرافقه إدراك حقيقي لدور القيادة والمسؤولية، بعيداً عن هواجس الخوف والخداع..فاحذروا من العودة للقبور

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.