*فادي السمردلي يكتب:الأردن بين التحديات الإقليمية والدولية..صمود سياسي في مواجهة الضغوط والمخاطر*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
يعيش المشهد السياسي الأردني مرحلة دقيقة تتسم بتحديات متشابكة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تفرض التحولات الجيوسياسية واقعًا جديدًا يستدعي إعادة تقييم الاستراتيجيات الوطنية للحفاظ على الأمن القومي والسيادة فالأردن، الذي لطالما شكل عنصر استقرار في المنطقة، يواجه اليوم ضغوطًا غير مسبوقة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، والتدخلات الخارجية، ومحاولات إعادة تشكيل الخارطة السياسية وفق مصالح قوى توسعية تسعى لفرض أجنداتها على حساب الدول المستقلة وبينما تتزايد المحاولات للتأثير على الموقف الأردني من القضايا الإقليمية الكبرى، يواصل الأردن تمسكه بثوابته الوطنية والعربية، رافضًا الانخراط في أي تحالفات قد تضر بأمنه القومي أو بأمن المنطقة بشكل عام.
ورغم التشكيك المتكرر في مواقفه، ظل الأردن ثابتًا في دعمه للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يواصل رفض أي حلول سياسية أو اقتصادية تهدف إلى تصفية حقوق الفلسطينيين أو تغيير الوضع القائم، انطلاقًا من دوره التاريخي في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية. وفي الوقت ذاته، يحذر الأردن من مخططات إعادة رسم ملامح المنطقة وفق مصالح قوى إقليمية ودولية، مؤكدًا أن أي محاولات لفرض واقع جديد تتجاهل حقوق الشعوب واستقرار الدول لن تؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات والصراعات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
على الصعيد الاقتصادي، يواجه الاردن ضغوطًا متزايدة نتيجة الأزمات الإقليمية وتأثيرها على القطاعات الحيوية، حيث أثرت النزاعات في سوريا والعراق على حركة التجارة والاستثمار، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية، وزيادة معدلات البطالة والفقر كما أن تراجع الدعم الدولي وضع الأردن أمام اختبار حقيقي فيما يتعلق بقدرته على تحقيق الاستدامة الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد على المساعدات المشروطة، وهو ما يستدعي تبني استراتيجيات اقتصادية أكثر تنوعًا تقوم على تعزيز الإنتاج المحلي، وجذب الاستثمارات، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي مع الدول الصديقة.
أما على المستوى الداخلي، فإن التحديات السياسية والاجتماعية تتطلب نهجًا جديدًا يعزز العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويضمن مشاركة أوسع في صنع القرار، من خلال تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتعزيز دور المؤسسات الدستورية، وإيجاد حلول مستدامة للمشكلات الاقتصادية التي تؤثر على الاستقرار الاجتماعي فالمرحلة الحالية تفرض على الأردن إعادة ترتيب أولوياته، وتطوير سياساته بطريقة أكثر ديناميكية ومرونة، بحيث يتمكن من التكيف مع المتغيرات دون المساس بثوابته الوطنية.
ومع اشتداد الضغوط الدولية، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم النهج السياسي والاستراتيجي للاردن ، من خلال بناء تحالفات جديدة ومتوازنة، تحافظ على استقلالية القرار السياسي، وتحمي المصالح الوطنية من أي تدخلات خارجية فالأردن اليوم أمام مسؤولية كبيرة تتطلب إدارة حكيمة للملفات السياسية والاقتصادية، ورؤية استراتيجية قائمة على استثمار الفرص المتاحة لتعزيز الأمن القومي والاستقرار الداخلي.
في النهاية، يبقى الأردن نموذجًا للدولة التي تواجه التحديات بصلابة ووعي، متجنبًا الانجرار وراء سياسات قد تضر بمستقبله، ومتمسكًا بسيادته واستقلالية قراره رغم كل الضغوط ومع استمرار التغيرات الإقليمية والدولية، فإن قدرة الأردن على المناورة، وتبني سياسات أكثر ابتكارًا ومرونة، ستكون العامل الحاسم في ضمان بقائه قوة فاعلة في المنطقة، تحافظ على استقرارها وأمنها في وجه أي تهديدات أو تحديات مستقبلية.