“بن سلمان لا ينسى خصومه”.. هل يضطر ترامب يوماً للاختيار بين السعودية وإسرائيل؟

جلال البنا  ….

 

وقعت هذا الأسبوع انعطافة مشوقة بين الدولتين المسيطرتين في الشرق الأوسط، حليفتي للولايات المتحدة، إسرائيل والسعودية.

عقب تصريح نتنياهو حول إقامة دولة فلسطينية على أراضي السعودية إذا ما رغبت السعودية في ذلك.

السعوديون يهاجمون نتنياهو بشكل شخصي، ويصفونه بـ “متطرف للغاية”. هذا ليس تصريحاً مميزاً لنتنياهو، الذي أكثر في السنوات الأخيرة بالتباهي باتفاق التطبيع مع خمس دول عربية وبأن مزيداً من الدول العربية ستنضم إلى الاتفاقات، بل ونشر أنه سبق والتقى ولي العهد محمد بن سلمان.

 الرد السعودي في البيانات الرسمية التي وصفت نتنياهو كـ “رئيس حكومة الاحتلال” لم يكن هو الآخر مميزاً، ولأول مرة منذ سنين، توجه وسائل الإعلام الرسمية السعودية انتقاداً لاذعاً لإسرائيل، يركز على نتنياهو. في قسم من النقد الجماهيري يستخدم تعبير “العدو الصهيوني”، الذي غاب في السنوات الأخيرة عن القاموس السعودي، بل وعن الأجوبة والردود من جانب وزارة الخارجية السعودية في سياق الحرب في غزة.

 منذ بضع سنين والسعودية تتجنب الوقوف ضد إسرائيل علناً. تصريح رئيس الوزراء كان بمثابة كسر للقواعد، لكنه لم يعتبر وقوفاً ضد إقامة دولة فلسطينية، بل كنوع من الاستخفاف والإهانة بالسعودية، التي أعربت غير مرة عن استعداد للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل يضم كل الدول العربية.

بتقديري، إحساس الإهانة والغضب لدى السعوديين قد يؤدي ليس فقط إلى إبعاد التطبيع الذي بدأ لتوه بين الدولتين، بل إلى ثأر سعودي أيضاً. بن سلمان لا ينسى خصومه.

ثمة لاعب مهم جداً لم يطالب بعد بالتطرق إلى المسألة الإسرائيلية السعودية، وهو الرئيس ترامب الذي قد يجد نفسه يدير أزمة دبلوماسية بين صديقيه وخصميه في الوقت نفسه. ترامب لن يسارع إلى إغضاب أو إهانة السعوديين، الذين يتوقع منهم استثماراً بحجم ميزانية دولة إسرائيل لـ 4 أو 5 سنوات، بخاصة عندما يدور الحديث عن رئيس يرى كل شيء بعين تجارية.

 هذا التطور، إضافة إلى خطة ترحيل سكان القطاع، التي تؤثر على مصر والأردن، هو سبب مركزي لإبعاد التطبيع بين إسرائيل والسعودية، التي اتخذت خطوات عملية تجاه التطبيع. الخطوة الأولى هي فتح سماء المملكة لعبور طائرات إسرائيلية أدى إلى تخفيض أزمنة الطيران بين إسرائيل والشرق الأقصى، وإعطاء مباركتها لخمس دول عربية وقعت على اتفاقات إبراهيم ومتعلقة بها اقتصادياً وسياسياً بل وأمنياً – مثل المساعدة السعودية في أثناء الحرب للهجوم على الحوثيين في اليمن، وتغيير الحكم في سوريا.

يبدو أن حلم ترامب للتطبيع بين إسرائيل والسعودية آخذ في التبدد، والفجوة بين الدولتين تتسع في ضوء التطورات الكبرى. ومن الصعب الافتراض بأن الاتفاق سيوقع في أثناء ولاية الرئيس ترامب، أساساً في ضوء تركيبة الائتلاف التي سترفض كل اقتراح من الدول العربية بتسوية القضية الفلسطينية. لن يتخلى ترامب عن السعودية كشريك له أو أساساً كممولة لخططه. وعليه، فإن الإسناد لإسرائيل قد يكون محدود الضمان، والتطورات قد تسرق الأوراق.

جلال البنا

 إسرائيل اليوم

قد يعجبك ايضا