*فادي السمردلي يكتب: الأردن لن يكون ضحية لأجندات الآخرين ودعوات الانتحار السياسي لن تمر*
*بقلم: فادي زواد السمردلي* ……
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في كل مرة يشتد فيها الخناق على الإقليم، وتشتعل الأزمات على أكثر من جبهة، يعود الحديث عن “الدور الأردني” وكأن الأردن مطالب دومًا بأن يكون حلًا جاهزًا، وساحة مفتوحة لتجارب الآخرين، ومكانًا لتفريغ أزماتهم السياسية أو الأمنية أو حتى الاقتصادية وهذه النظرة المجحفة تتجاهل حقيقة جوهرية أن الأردن ليس دولة رديفة، بل دولة ذات سيادة، قرارها مستقل، ومصالحها الوطنية هي البوصلة التي توجه مواقفها.
الأردن، الذي دفع أثمانًا باهظة في سبيل استقرار الإقليم، واستقبل موجات اللجوء، واحتمل الضغوط، لم يعد في موقع من يمكن أن يُطلب منه التضحية بنفسه من أجل تسويات لا يُستشار بها، ولا تُراعى فيها مصالحه فنحن دولة تمتلك مؤسسات راسخة، وقيادة حكيمة، وشعبًا واعيًا، نعرف تمامًا حجمنا، ونُدرك دورنا، ولكننا في الوقت ذاته، نرفض أن نكون كبش فداء لتفاهمات غامضة أو أجندات مفروضة من الخارج.
الذين يراهنون على أن الأردن سيقبل بأي دور يُسند إليه دون نقاش، يتجاهلون أن الوعي الشعبي الأردني اليوم أكثر نضجًا من أي وقت مضى، وأن الصبر الأردني الذي طالما كان فضيلة، لا يعني الغفلة، ولا يعني القبول بسياسات الأمر الواقع لقد تعب الأردنيون من الخطابات المواربة، ومن الضغوطات الناعمة، ومن محاولات التلميح ثم التمهيد ثم الإملاء. نحن لسنا دولة تُدار بالهمس، ولا تقبل بأن تُعامل كأنها الطرف الأضعف.
من حق الأردن أن يرفض الأدوار التي تُعرض عليه إن كانت لا تخدم مستقبله أو تنال من ثوابته ومن حقه أن يقول لا، حين تتحول “الشراكات” إلى استنزاف، وحين تُختصر “الروابط” بمحاولات تحميله ما لا طاقة له به فلسنا مطالبين أن ندفع فاتورة الصراعات المستمرة في الإقليم، ولسنا مُلزمين بأن نقدم التنازلات لنيل رضا هذا الطرف أو ذاك. احترام الأردن لا يكون بالكلام المعسول، بل باعتبار مصلحته جزءًا من أي حل، لا مجرد تفصيل هامشي فيه.
نقولها بوضوح لن نقبل أن نكون البديل لأحد، ولن نقبل أن نُختزل في دور ظرفي لا يليق بمكانتنا فالأردن ليس طاولة يُعاد ترتيب أوراقها بحسب المزاج، وليس رقعة يمكن رسم مسارات جديدة عليها دون الرجوع إليه فالسيادة الأردنية ليست قابلة للتجزئة، ولا للمساومة، وأمن الأردن ليس ملفًا يمكن تأجيله أو تعليقه بل هو خط أحمر، تُبنى عليه كل الحسابات.
نحن مع العدالة، ومع الحق، ومع قضايا الأمة، لكننا لسنا مع العبث، ولسنا مع التضحية بمجتمعنا واستقرارنا وثوابتنا من أجل إرضاء أطراف تتغير مواقفها بتغير مصالحها فالمصلحة الوطنية العليا، هي التي تُرشد خطواتنا، وتوجه سياساتنا، وتحدد حدود التفاعل والانخراط في أي مشروع إقليمي أو دولي.
ما يُطلب من الأردن اليوم ليس تعاونًا ولا شراكة، بل هو انصياع مقنع، ومحاولة لفرض واقع جديد يُصوَّر كأنه حل شامل، بينما هو في الحقيقة قفز على الحقائق ومحاولة لتصدير الأزمة على حساب كيان الدولة الأردنية. وهذا ما لن نقبل به.
الأردنيون، الذين بنوا بلدهم بشق الأنفس، وواجهوا تحديات صعبة طوال عقود، لن يسمحوا بأن يتحول وطنهم إلى مسرح لتمرير أجندات لا تمثلهم، ولن يكونوا شهود زور على مشاريع لا تخدم سوى أصحابها فالأردني اليوم أكثر وعيًا، وأكثر حذرًا، وأكثر استعدادًا للدفاع عن وطنه، ليس فقط ضد التهديدات الأمنية، بل أيضًا ضد أي محاولات للضغط أو الالتفاف أو التحايل.
ندرك أن هناك من يسعى لتمرير مشاريع تُغلّف بمسميات براقة مثل “الحلول العادلة” أو “المصير المشترك”، ولكنها في جوهرها تحمل تهديدًا حقيقيًا للهوية الوطنية الأردنية والسيادة والاستقرار وهذه الدعوات، مهما تغيرت أشكالها، ستُقابل بموقف أردني حازم، ثابت، وواضح.
نحن لسنا معزولين، ونفهم تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، ولكننا نُصر على أن نكون طرفًا فاعلًا وفق إرادتنا، لا تابعًا، ولا مجبرًا، ولا مُختارًا كخيار طارئ ومن هنا، فإن كل من يراهن على ضعف الموقف الأردني، أو على ليونة في القرار، سيُفاجأ بموقف أكثر صلابة مما يظن.
إن هذا الوطن الذي شُيّد بالحكمة، والثبات، والتضحيات، لا يمكن أن يكون محطة مؤقتة في حسابات الآخرين، ولا يجب التعامل معه كأن استقراره مضمون مهما كانت الضغوط فلكل شعب طاقته وحدوده، ولكل دولة حساباتها ونحن اليوم نُعلنها بكل وضوح الأردن ليس للبيع، ليس للتفاوض، وليس للتجريب.
*الأردن ليس رقعة شطرنج، ولن يكون بيدقًا في لعبة الآخرين.*