*فادي السمردلي يكتب: الصراعات الداخلية والانشقاقات داخل الاحزاب(٣٦/٩)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب(٣٦/٩).”*
ماذا يعني الانشقاقات الداخلية والانشقاقات داخل الأحزاب؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
الصراعات الداخلية والانشقاقات داخل الأحزاب السياسية ليست مجرد خلافات عابرة، بل هي أعاصير مدمرة تهز أركان الحزب وتدفعه نحو هاوية التلاشي فتبدأ هذه الصراعات عادة بشكل خفي، كاختلاف في وجهات النظر أو تباين في المصالح، لكنها سرعان ما تتفاقم لتصبح معارك مفتوحة بين القيادات، حيث يسعى كل طرف إلى فرض سيطرته بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الحزب ومصداقيته أمام الجمهور وفي كثير من الأحيان، تكون هذه الصراعات مدفوعة بالمصالح الشخصية أكثر من كونها نابعة من رؤية سياسية حقيقية، إذ تتنافس القيادات على المناصب والنفوذ والامتيازات، متجاهلة تمامًا المبادئ التي تأسس الحزب من أجلها. وحين تصل هذه الخلافات إلى نقطة اللاعودة، يكون الانشقاق هو السيناريو الحتمي، حيث يخرج أعضاء بارزون من الحزب ليؤسسوا أحزابًا جديدة، يروجون لها على أنها الامتداد الشرعي للفكر السياسي الذي كان يمثله الحزب الأصلي لكن في الحقيقة، هذه الانشقاقات ليست إلا انعكاسًا لحالة من الفشل في إدارة الخلافات الداخلية، وعدم القدرة على تقديم نموذج سياسي ناضج قادر على استيعاب التنوع داخل الحزب.
الآثار المترتبة على هذه الانقسامات كارثية، فهي تزعزع ثقة القاعدة الشعبية بالحزب، حيث يرى الناخبون أن قياداته غارقة في الصراعات الشخصية بدلاً من التركيز على قضاياهم ومطالبهم وهذا يؤدي إلى عزوف جزء كبير من الناخبين عن دعمه، إما لانضمامهم إلى التيارات المنشقة أو لفقدانهم الأمل في قدرة الحزب على تحقيق تطلعاتهم كما أن هذه الصراعات تخلق حالة من الفوضى التنظيمية داخل الحزب، إذ تتشكل تيارات متصارعة تتبادل الاتهامات والتخوين، مما يعمّق حالة الانقسام ويشل قدرة الحزب على العمل بفاعلية ونتيجة لذلك، يصبح الحزب أكثر ضعفًا في مواجهة خصومه السياسيين الذين يستغلون هذه الحالة لإضعافه وإبعاده عن المشهد بل إن بعض القوى السياسية قد تتعمد تأجيج هذه الصراعات من خلال دعم أحد الأطراف ضد الآخر، بهدف تفكيك الحزب وإضعافه أكثر.
أما على مستوى الانتخابات، فإن تفتت الحزب يعني بالضرورة تشتت أصوات مؤيديه، وهو ما يقلل من فرصه في تحقيق نتائج جيدة.فعندما ينقسم الحزب إلى عدة تيارات أو كيانات متصارعة، يصبح من المستحيل أن يجمع الأصوات التي كان يحصل عليها سابقًا ككتلة موحدة، مما يمنح خصومه السياسيين فرصة ذهبية لتعزيز نفوذهم على حسابه والأسوأ من ذلك، أن هذه الصراعات قد تؤدي إلى انهيار الحزب تمامًا، خاصة إذا استمرت لفترة طويلة دون حلول جذرية، حيث يفقد الحزب هويته السياسية ويتحول إلى مجرد منصة للصراعات الداخلية، غير قادر على تقديم برنامج سياسي مقنع أو استقطاب كوادر جديدة قادرة على استعادة قوته.
إن استمرار هذه الصراعات دون تدخل حاسم من القيادة لمعالجتها قد يجعل الحزب مجرد ظل لما كان عليه في السابق، حيث يفقد قدرته على التأثير في القرارات السياسية ويتحول إلى لاعب هامشي في المشهد السياسي والأسوأ من ذلك، أن بعض الأحزاب التي تعرضت لانقسامات متتالية لم تتمكن من استعادة وحدتها أبدًا، فانتهى بها المطاف إلى التفكك الكامل أو الاندماج في أحزاب أخرى، بعد أن فقدت هويتها ومكانتها في الساحة السياسية.لذا، فإن أي حزب يواجه مثل هذه الصراعات عليه أن يتعامل معها بحزم وذكاء، عبر إعادة بناء الثقة بين قياداته، وفتح قنوات حوار حقيقية، وإعلاء مصلحة الحزب على المصالح الشخصية الضيقة، وإلا فإنه سيجد نفسه في طريق اللاعودة، متجهًا نحو الزوال المحتوم.