*فادي السمردلي يكتب: هُسسسسس رن الجرس!*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️

فرصة المدرسة… تلك اللحظة التي يُفترض أن تكون فسحةً للراحة والتقاط الأنفاس، لكنها في الحقيقة تتحوّل إلى عرضٍ مسرحيّ ساخر، من نوع الكوميديا السوداء، حيث تختلط فيها الأدوار بين الطالب والمصارع، وبين الرياضي ورجل العصابات، وبين الحالم بكرة القدم والمتربّص بالحسابات القديمة فالجرس يرن، لتبدأ ملحمة لا تُكتب في الكتب، ولا تُدرّس في الحصص، بل تُعاش بكل تفاصيلها الفوضوية وبطولاتها الزائفة.

ما إن يخرج الطلاب من الفصول حتى تبدأ الانقلابات فلا أحد يخرج ويجلس بهدوء فالكل يركض، يصرخ، يلوّح، يتوعد كلمات مثل “والله لأوريك!” أو “رح احاسبك” تتطاير في الأجواء كأنها بيانات حرب فالبعض يدخل مباشرة في مشادّات لفظية، والبعض الآخر يتبنى سياسة “اضحك الآن وانتقم لاحقاً”، فيُجهّز قائمة الأعداء والأماكن الاستراتيجية خلف المدرسة حيث لا كاميرات ولا رقابة ولا “وكيل يطل من النافذة”. والبعض، وهؤلاء نخبة النخبة، لا ينتظرون، بل يبدؤون التصعيد فوراً، فيتحوّل الممرّ إلى ساحة معركة مصغرة، وتُصبح مقاعد الباحة حواجز دفاعية، والحقائب أسلحة تكتيكية.

وفيما يشتعل الطرف الأول بخطابات التهديد واستعراض العضلات، تجد على الجانب الآخر من الساحة فريقاً آخر، هادئاً من الخارج، متربصاً من الداخل لاعبو كرة القدم… أو لنقل الطامعون بلقب “ملك الساحة”. هؤلاء لا يشاركون في صراخ المتهورين، بل يراقبون الكرة كما يراقب الصياد فريسته فكل ما ينتظرونه لحظة شرود، تراجع، أو سقوط الكرة عن السيطرة عندها ينقضون كذئاب جائعة، يسرقونها، ويتحولون فوراً إلى “قادة اللعب”، يتحكمون في كل شيء، يمسكون زمام الملعب وكأنهم وُلدوا على العشب الإسمنتي.بعضهم يستخدم القوة، يدفع، يصرخ، يفرض سلطته البدنية والبعض الآخر، وهو الأخطر، يستخدم الدهاء… يدخل اللعبة من الخلف، يتودد، ثم يسحب الكرة كأنها حبة عنب من يد طفل.

أما المشهد العام؟ فمسرحية لا يخرج منها أحد بكرامته فالملابس ممزقة أو على الأقل غير مرتبة، الشعر كأن عاصفة عبرت رؤوسهم، والروائح؟ لا تسأل مزيج غريب من عرق، تراب، وشيء لا يمكن تعريفه علميًا أما الضوضاء؟ فبإمكانك أن تغمض عينيك وتظن نفسك في أحد أسواق السمك، لا ساحة مدرسة فكل ذلك يحدث خلال عشر دقائق فقط، وكأن الزمن يُضغط لتُعاش فيه حياةٌ كاملة من التوتر والحماسة والفوضى.

لكن المفاجأة الكبرى؟ هي أن كل هذا المجد الزائف، كل هذه المعارك البطولية، تسقط دفعة واحدة بلحظة واحدة فقط عندما يرن الجرس نعم، الجرس، ذلك الصوت، فجأة صوت الرعب والهيبة صمتٌ تام فالكرة تتوقف في الهواء، الصراخ يخفت، وحتى أكثرهم شراسة يختفي خلف قناع البراءة يتفرق الجمع، يعودون إلى الفصول كأن شيئاً لم يكن. لا أحد يتحدث عن التهديدات، ولا عن الكرة المسروقة، ولا عن الحذاء الذي طار في الهواء كصاروخ بلا هدف.

وفي النهاية، يبقى شيء واحد واضح لا خلاف عليه المدير نعم المدير هو من يقرع الجرس، هو البطل الخفي الذي يملك مفاتيح النظام وسط هذا الجنون، ولو لثوانٍ معدودة أما الساحة؟ فتبقى كما هي… شاهدة على عبثيّة تلك “الاستراحة”، التي لم تكن يومًا استراحة، بل كانت معركة مؤجلة تبدأ مع الجرس، وتنتهي بصوته.

قد يعجبك ايضا