وحدة الصف بين السنة والشيعة.. فريضة شرعية وضرورة حضارية
محي الدين غنيم … ..
في عالم يموج بالأزمات، وتمزّقه النزاعات، تبقى وحدة الصف الإسلامي بين السنة والشيعة من أهم التحديات التي ينبغي مواجهتها بوعي وحكمة. إنها ليست فقط مطلبًا شرعيًا نابعًا من روح الإسلام، بل ضرورة سياسية وإنسانية لبقاء الأمة وصمودها في وجه الأخطار الداخلية والخارجية.
والمفارقة أن ما يجمع المسلمين من عقيدة وتاريخ ونبي وقرآن أكبر بكثير مما يفرقهم، ورغم ذلك لا تزال الفتن الطائفية تحصد الأرواح وتدمّر الأوطان. أليس من العدل أن تُعطى القواسم المشتركة الأولوية؟ أليس من الحكمة أن نرتقي بخلافاتنا إلى حوار راقٍ بدل أن نغرق في تبديع وتكفير بعضنا البعض؟
إن علاج الانقسام الطائفي لا يكون بالسكوت أو بالتجاهل، بل بالتحاور الجاد المبني على الاحترام المتبادل والعقلانية. العلماء والمفكرون مسؤولون اليوم أكثر من أي وقت مضى عن إطفاء نيران التحريض، وتجديد خطاب الوحدة، ومحاربة الجهل والتعصب.
وفي الوقت الذي يُهوَّد فيه المسجد الأقصى، وتُحتل فيه الأراضي، وتُفرض الهيمنة على مقدّرات الشعوب الإسلامية، نجد أنفسنا مشغولين بخلافات داخلية تُضعفنا وتمزّق صفوفنا. هذا الانقسام هو الثغرة التي ينفذ منها أعداء الأمة، والباب الذي تُستباح من خلاله كرامتنا وسيادتنا. لذلك علينا جميعًا إيقاف كل أشكال التحريض الإعلامي والديني ، والعمل على إحياء المشتركات العقائدية والأخلاقية بين المذاهب وتعديل المناهج الدراسية لتكريس ثقافة التعدد والاحترام ؛ وسنّ تشريعات تجرّم الطائفية وتحمي التعايش ،
و تعزيز العمل المشترك في القضايا الكبرى كفلسطين، والعدالة، والتنمية.
الوحدة لا تعني الذوبان أو التنازل عن العقيدة، بل تعني أن نحترم اختلافاتنا، ونمنع الفتنة من أن تفتك بأمتنا .
فلنكن على قدر هذه المسؤولية، ولنجعل من وحدة الصف الإسلامي مشروعًا مشتركًا للأمة، لا شعارًا يُقال في المؤتمرات ثم يُنسى.
الكاتب من الأردن