الطائفية والمذهبية في الإسلام: انحطاطٌ يفتك بوحدة الأمة

محي الدين غنيم  ….

 

رغم أن رسالة الإسلام جاءت لتوحيد الناس على مبادئ الرحمة والعدل والمساواة، فإن التاريخ الإسلامي لم يخل من مظاهر الانقسام المذهبي والطائفي، والتي تطورت من اختلافات فقهية مشروعة إلى خلافات حادة، أضعفت الصف الإسلامي وأفسدت النسيج الاجتماعي. واليوم، باتت هذه الانقسامات واحدة من أخطر مظاهر الانحطاط التي تهدد حاضر الأمة ومستقبلها ، وخير مثال ما يحدث الآن بعد إنهيار الدولة السورية من مجازر بحق بعض الطوائف.

ولن ندخل في جذور الطائفية التي بدأت بعد وفاة الرسول حينما اختلفوا حول مسألة الخلافة والقيادة والخلافات بين الحق والباطل، في حين كان  من المفترض أن تُثري هذه المذاهب الفكر الإسلامي، إلا أن النزعة الطائفية حوّلتها إلى أدوات للتفرقة والتصنيف والتكفير.

وبكل آسف استغل الطغاة والحكام على مر العصور الانقسامات المذهبية لتعزيز سلطاتهم، فأشعلوا الحروب، وروّجوا للكراهية، وشوهوا روح الدين السامية. وساهم الجهل، وضعف الوعي، وخطاب الكراهية الديني، في تعميق الهوة بين المسلمين، حتى بات الانتماء المذهبي يُقدّم على الانتماء للإسلام نفسه.

والطائفية ليست مجرد خلاف فكري، بل وباء يُهدد المجتمعات ويقوّض الدول، والتي أدت إلى تفكيك الوحدة الإسلامية: إذ تؤدي الطائفية إلى انقسام المسلمين وتناحرهم، ما يُضعفهم أمام خصومهم ؛ وكذلك أدى ذلك  إلى إضعاف مؤسسات الدولة حين تُبنى الولاءات على المذهب لا على الكفاءة والوطنية، وكذلك ومن الآثار السلبية للفكر الطائفي البغيض إشتعلت الحروب كما حصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان، حيث تحولت الخلافات الطائفية إلى صراعات دموية وحروب أهلية طاحنة.

ونتيجة الخلافات المذهبية قامت قوى الشر بتشويه صورة الإسلام عالميًا ؛ إذ يُستغل الانقسام الطائفي لتصوير الإسلام على أنه دين عنف وتناحر، وليس دين سلام ووحدة.

ومع انهيار السلم الاجتماعي؛ فبدلًا من أن تتعزز المحبة بين أبناء الوطن الواحد، تنتشر الكراهية والتحريض والعنف. لذلك علينا جميعا  مواجهة الطائفية والتي تبدأ  بالاعتراف بخطرها، والعمل على معالجتها من خلال ؛ نشر ثقافة التعايش واحترام التنوع المذهبي داخل الإطار الإسلامي الواحد ؛ وتحييد المنابر الدينية والإعلامية عن خطاب التحريض والكراهية ؛ والإصلاح التربوي والتعليمي بتضمين المناهج مفاهيم التسامح والحوار والانتماء الجامع ؛ وهنا يأتي دور العلماء والمفكرين في ترسيخ خطاب الوحدة والانفتاح على الآخر .

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا