الشباب والنهضة !!!

المهندس هاشم نايل المجالي  …

يشكّل مشروع النهضة لأي دولة جسرًا واصلًا بين المجتمع الناهض ومجتمع التخلّف، وأنّ الانتقال من التخلّف إلى تحقيق النهضة دفعة واحدة لَيُعَدّ أمرًا في غاية الصعوبة، لذلك فالمقصود هو أهميّة الانتقال إلى مرحلة تأسيسية، وهي مرحلة اليقظة، بتعزيز الجهاز المعرفي الذي عليه أن يُبيّن واقع الحال والواقع الذي نَصبو إليه ونتطلّع إلى تحقيقه.
فالواقع هو تصوّرات وأحداث وأزمات كثيرة ومتنوّعة، لذلك علينا صناعة تيّار داخل المجتمعات، قادر هذا التيّار الواعي المُدرك لأهمية التغيير على مخاطبة المجتمع بكافّة أطيافه، وإيجاد ثقافة قِيَميّة، أخلاقية، علمية، واعية، لمواجهة المتغيّرات والتكنولوجيا بإيجابياتها وسلبياتها، وكيفية تعزيز الولاء والانتماء لتحقيق مختلف أنواع التنمية الفكرية والمجتمعية والعملية.
فالنهضة عملية تغيير تدور حول عدّة عناصر أساسية، أوّلها: أين نحن اليوم من كل هذه المتغيّرات والأحداث؟ وثانيها: إلى أين نريد الذهاب، والثالث: ما هي الخطط والاستراتيجيات التي يجب أن نضعها للانتقال من هذا الواقع إلى تلك الرؤية، وأخيرًا ما هي الصعوبات والمقاومة التي سنواجهها تجاه ذلك، وكيف سوف نتغلّب عليها.
إنّ نجاح الأمم وبناء الحضارة لا يكون إلّا من خلال تحقيق النهضة، وعلينا أن نغيّر واقع الحال نحو الأفضل، وهذا التغيير لا يكون إلّا بوجود قادة حقيقيين على قدر من الكفاءة لتحقيق ذلك، وهذا يجب أن ينبع من الذات، لكل فرد من أفراد المجتمع.
قال تعالى: (إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم)، وعلينا أن نسعى إلى النهضة لنواجه أزمة الفكر بالإعلام والتعليم السليم، لننشر الفكر العقلاني، ليكون هناك فكر متجدّد، لا متحجّر. كذلك علينا أن نسعى لمواجهة أزمة القيادة العملية في كل مجال من مجالات العمل والحياة، وهذا يحتاج إلى إيجاد برامج تدريب وتأهيل لقادة شبابية واعية قادرة على تحقيق التغيير الإيجابي، وليكون هناك تغيير في السلوك الإيجابي، وفي السلوك المجتمعي لمواجهة الانحلال بأشكاله وأنواعه.

كذلك علينا مواجهة أزمة الفاعلية، حيث نجد أنّ الفرد في عمله ضعيف الإنتاجية، وكل ذلك يُؤهّلنا لمواجهة التنافس الذي يحدث من حولنا نحو تحقيق النهضة، وديننا الحنيف يشير إلى ذلك: (أفلا تتفكّرون)، (أفلا تعقلون)، (أفلا يتدبّرون).
والعمل عبادة إذا اقترن بالنيّة الصالحة والإتقان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه.” ويقول صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليفعل.”*
كذلك، إيجاد العلم المعاصر في كافة أماكن التعلم الأكاديمي والمهني والعملي، وتطوير المناهج نحو الأفضل، كلّ هذه العناصر إن وُجدت في مجتمع واحد، فإنّها تُشكّل قوة الوحدة، لأنّ المتفرّقين تذهب ريحهم.
كذلك، انتشار وتزويد المعلومات في كافة المجالات كفيل بخلق وعي فكري ومجتمعي مشترك، كنسيج واحد، ولتحقيق هدف واحد، وكلّنا يعلم أنّ أمتنا اليوم تعيش واقعًا مليئًا بالأزمات والمتغيّرات والأحداث، وعلينا تحليل ذلك الواقع لتجنّبه، ولنجد واقعًا أكثر تحضّرًا ووعيًا، لتحقيق الأمن والسلام والطمأنينة.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا