دعونا نعيش بسلام
محي الدين غنيم …..
في عالم يضج بالصراعات والانقسامات والحروب، باتت دعوة “دعونا نعيش بسلام” أكثر من مجرد أمنية، بل أصبحت حاجة إنسانية ملحّة وشرطًا أساسيًا لبقاء البشرية على قيد الأمل. السلام ليس شعارًا يُرفع في المؤتمرات، ولا مجرد كلمة تُردد في المناسبات، بل هو سلوك يبدأ من داخلنا، من الأسرة الصغيرة، ويتوسع ليشمل المجتمع، ثم المجتمعات، حتى يصل إلى العالم بأسره.
والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع. حين يسود الحب والتفاهم والاحترام بين الزوجين، وينشأ الأبناء في بيئة آمنة يسودها الحوار لا الصراخ، والاحتواء لا العنف، فإننا نؤسس لجيل سويّ يعرف كيف يحب، وكيف يختلف دون أن يؤذي، وكيف يقدّر الآخرين.
طفل نشأ في بيئة يسودها السلام، سيكبر وهو يرفض الكراهية، وسيبني علاقاته على الاحترام، ولن يكون سهل الوقوع في فخ الطائفية أو العنصرية أو العنف.
وحين تنعكس قيم السلام الأسري على المجتمع، نبدأ برؤية التغيير الحقيقي: نرى حوارات راقية بدلاً من شتائم، ونقاشات بنّاءة بدلاً من تخوين، وتعايشًا بين أطياف الناس بدلاً من الإقصاء والتهميش.
السلام المجتمعي لا يتحقق إلا إذا شعر كل فرد بأن له قيمة، وله مكان، وله صوت. فكلما شعر الإنسان بالأمان والعدالة والانتماء، كلما تراجع لديه ميل العنف أو التطرف أو الانغلاق.
والسلام بين المجتمعات والدول لا يمكن أن يتحقق دون ترسيخ قيم التفاهم والتسامح والتبادل الثقافي واحترام الآخر، مهما اختلف في العرق أو الدين أو اللغة.
لقد آن الأوان أن ندرك بأن العالم ليس حلبة صراع، بل حديقة متنوعة، فيها من كل لون ونسق وصوت، وأننا حين نحترم هذا التنوع، نكون أكثر قوة لا ضعفًا، وأكثر إنسانية لا همجية.
دعونا نعيش بسلام… نعم، دعونا نبدأ من داخلنا، من بيتنا، من كلماتنا اليومية، من طريقة تعاملنا مع المختلف. دعونا نزرع في أبنائنا بذور المحبة، لا الكراهية. دعونا نتسامح، لا ننتقم. نتفهم، لا نتشاجر. نحتوي، لا نُقصي.
إن أردنا السلام في العالم فلنزرعه أولاً في قلوبنا
الكاتب من الأردن