فادي السمردلي يكتب: بين النعيق والنهيق والنباح الأردن في مرمى التحريض الممنهج
بقلم فادي زواد السمردلي ….
#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال
في الزمن الرديء، لم يعد هناك فرق يُذكر بين النعيق والنهيق والنباح، طالما أن الصوت الخارج منها موجّه ضد الأردن، وضد استقراره وكرامته فهذه الأصوات، رغم اختلاف أشكالها وطبقاتها، تتكامل وتتعاضد عندما يتعلق الأمر بإضعاف هذا البلد الصغير بحجمه، الكبير بتاريخه ودوره وموقفه فالنعيق يصدر من الغربان التي تحوم فوق أي بلدٍ يحاول النهوض، تنعق بالأكاذيب والشائعات، وتنشر مناخًا من الرعب والخيبة والإحباط والنهيق يأتي من الحمير التي لا تميز بين وطن ودعاية، بين مصلحة عليا وشهوة تخريب، تردد ما تسمعه دون فهم، وتكرر الإساءة وكأنها تحليلاً سياسيًا أما النباح، فهو صوت الكلاب التي تنتظر لحظة ضعف، تنبح من الخارج عبر أبواق الإعلام والمواقع المدفوعة، لكنها تحاول عضّ الداخل عبر ألسنة مأجورة ترتدي عباءة “النقد”، وتخفي السمّ في ثنايا الكلمات.
الأردن، بهذا الثلاثي المشؤوم من الأصوات، يتعرض لحرب من نوع خاص ليست حربًا عسكرية، ولا حتى اقتصادية فقط، بل هي حرب نفسية – إعلامية – سُمّية، هدفها ضرب المناعة الوطنية، واستنزاف الثقة بين المواطن والدولة، وبين الشعب وهويته، وبين النجاح والشرعية واللافت أن هذه الحملات لا تظهر عندما يُخطئ الأردن فحسب، بل تتضاعف تحديدًا عند كل محاولة للنجاح، أو عندما يُظهر موقفًا مستقلاً، أو حين يثبت أنه قادر على الصمود في وجه العواصف فالنجاح هنا يصبح تهمة، والإنجاز مدعاة للريبة، والموقف السيادي يُفسَّر على أنه تحدٍّ “غير مقبول”.
النعيق الذي يأتينا من الخارج، غالبًا ما يكون مُعدًا بعناية تُكتب نصوصه في غرف مظلمة، وتُرسل عبر منصات ظاهرها “الإعلام المستقل”، وباطنها أجهزة ومصالح وممولون فالنهيق الذي يتلقفه البعض هو ترجمة لتلك الرسائل، لكنه يخرج على شكل ردح وتحليل بائس، يُلبِس الأكاذيب ثوب النقد، ويدّعي البطولة في التشكيك، بينما هو مجرد بوق مكرر والنباح، ذلك الصوت الذي يُراد له أن يُرعبنا، هو جزء من الترهيب المستمر فلا تفرحوا بنجاح، لا تثقوا بوطن، لا تأملوا بغد، لأن من في الخارج قرر أن الأردن لا يليق له أن ينهض.
هذه ليست مبالغة، بل واقع فكل مرة يحاول الأردن أن يمشي خطوة نحو الثبات أو التقدم، يخرج له هذا الثلاثي كارذل كلاب الحراسة، تحذّره وتخوّنه وتُربكه. وكل مرة يُثبت الأردن قدرته على الصمود، تُكثف هذه الأبواق هجومها لتُعيده إلى المربع الأول من الشك والتشكيك ولكن ما لا يدركه هؤلاء هو أن الشعب الأردني، رغم تعبه وغضبه وتذمره، لا يُباع بهذه السهولة. هو يعرف الفرق بين من يختلف معه حبًا، ومن يحاربه حقدًا.
لذلك، لا بد من وعي وطني جماعي بأننا لسنا فقط في مواجهة أزمة اقتصادية أو تحديات داخلية، بل في مرمى تحريض خارجي يُدار بذكاء ويُروَّج بدهاء فما يُنشر، ما يُضخ، ما يُعاد تدويره على شكل “رأي عام”، ليس بريئًا، ولا عفويًا، بل هو جزء من مشروع يهدف إلى إسقاط آخر ما تبقى من دول الاعتدال والاتزان في هذه المنطقة.
النعيق والنهيق والنباح، كلها أصوات تهدف إلى التشويش والتخريب، ولكنها لا تملك مشروعًا فالأردن، رغم كل ما يُقال ويُشنّ، لا يزال يملك مشروعه البقاء، السيادة، والوطنية وهذا وحده كافٍ لأن يرفع منسوب الصراخ من حوله.
الكاتب من الأردن