فادي السمردلي يكتب:الانغلاق الولاء والخوف ثلاثية الغباء في التنظيم الحزبي
بقلم فادي زواد السمردلي …..
#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في العمل الحزبي من اللحظة التي يُغلق فيها باب الإصغاء داخل الحزب، حين تُرفض الأفكار التي يطرحها الأعضاء فقط لأنها لا تأتي من “المركز” أو من “القيادة”، ويُختزل الحوار في دائرة ضيقة مغلقة على ذاتها وحين يتم التعامل مع كل فكرة جديدة كتهديد بدلاً من كونها فرصة فيتجلى أول وجوه الغباء السياسي: غباء الخوف من التغيير ففي هذه البيئة، يُسكت الأعضاء المبدعون، ويُهمّش أصحاب الرؤى المختلفة، ويُكافأ أولئك الذين لا يجيدون سوى تكرار ما يُطلب منهم، بلا فهم، بلا تساؤل، وبلا رغبة في التطوير وهذا الانغلاق الفكري لا ينتج فقط عن خلل تنظيمي، بل عن ذهنية سياسية تعتبر الاجتهاد خيانة، والاختلاف انقسامًا، والحوار علامة ضعف. وهكذا تتحول المؤسسة الحزبية إلى سجن مغلق، لا يُسمح فيه سوى بالصدى، ويُطرد منه الصوت الحقيقي.
الغباء في العمل الحزبي لا يتوقف عند رفض الأفكار فحسب، بل يمتد ليصبح أسلوب تفكير وسلوكًا إداريًا يوميًا فيظهر هذا في العناد غير المبرر أمام التحولات السياسية والاجتماعية، وفي التمسك بخطابٍ لم يعد يُقنع أحدًا، وفي الإصرار على شعارات انتهت صلاحيتها منذ زمن فالحزب الغبي الذي لا يجيد قراءة الواقع، بل يُعيد إنتاج ماضيه باستمرار، ظنًّا منه أن الثبات نوع من القوة، في حين أنه في السياسة قد يكون أقصر الطرق إلى الضعف كما أن الغباء يتجلى بوضوح في افتعال المعارك الهامشية، وتحويل الاختلافات التنظيمية البسيطة إلى خصومات وجودية، وإهدار الطاقات في دوائر الانقسام والصراع الشخصي بدلًا من توجيهها إلى بناء مشروع سياسي واضح المعالم.
أما على المستوى الداخلي، فإن الغباء الحزبي يتغذى من ثقافة الولاء الأعمى التي تُقدَّم على الكفاءة، ومن غياب المساءلة الذي يُنتج قيادات فوق النقد ففي هذه الحالة، يُقصى العقول النقدية، ويُعزز النفوذ لمن يردد ما يُقال دون نقاش فيتحول الحزب إلى هرم مقلوب، قاعدته مضطربة، ورأسه مشغول بإدارة الولاءات لا بإنتاج الحلول وحين يصبح “التقرب من القيادة” هو السبيل الوحيد للتقدم داخل الحزب، فإن التنظيم يفقد روحه، وينهار ببطىء ومع الوقت، يصبح الحزب كيانًا شكليًا موجودًا على الورق، غائبًا في الشارع، مقطوع الصلة بالجمهور، لأنه فقد القدرة على التجدد، والتفاعل، والتأثير.
السياسة لا تحتمل الغباء. هي بطبيعتها فنّ تقدير الممكن، والموازنة بين المصالح، والتكيف مع التحولات، وهو ما يتطلب عقلًا مرنًا، ومؤسسة تسمح بالاختلاف، وتشجع على التفكير الجماعي أما حين تُخنق كل هذه القيم، فإن الحزب الغبي لا ينهار بضربة واحدة، بل يتآكل من الداخل، ويخسر أهم ما يملكه: ثقة الناس، وقوة الفكرة. إذ لا قيمة لأي حزب مهما كان تاريخه، إذا صار عبئًا على مجتمعه بدلًا من أن يكون أداة وعي وتغيير.
وفي الختام، لا يُقصد بهذا الطرح أي حزب بعينه، ولا أي شخص بذاته، بل هو توصيف عام لحالة قد نجدها في التجارب السياسية، عربيًا وعالميًا، حين تطغى الأهواء على المبادئ، ويُستبدل العقل بالولاء، ويُفضل الجمود على الاجتهاد إن الغاية من هذا الطرح هي التحفيز على التفكير والنقد، لا الإساءة أو التصنيف، لأن الغباء السياسي ليس قدرًا، بل نتيجة لمجموعة من الاختيارات الخاطئة يمكن تداركها ما دام هناك في داخل الحزب من يؤمن بأن السياسة تبدأ بالفكر، وتُدار بالعقل، وتُبنى على الصدق والانفتاح.
الكاتب من الأردن