فادي السمردلي يكتب:بالكيماوي لفاسدي المنظومات لأن الفساد سرطان لا يرحم

بقلم فادي زواد السمردلي  …..

 

#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال

👈 المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.👉

الفساد ليس خطأ عرضيًّا، بل فعل متعمَّد ينطوي على نية خبيثة لتقويض المنظومة من الداخل وهو لا يبدأ بصفقة كبرى ولا رشوة فاضحة، بل بخطوة صغيرة يصاحبها صمت مريب فسكوتٌ واحد، تبريرٌ واحد، وغضّ طرف مرة واحدة، ثم تنفتح أبواب الجحيم فحين يتحول المؤتمن إلى أداة لخدمة المصلحة الشخصية، أو مدير يستغل منصبه لتثبيت مقربين، أو مسؤول يعقد صفقات مشبوهة تحت غطاء “المنظومة”، فذلك ليس فسادًا فقط، بل خيانة صريحة ،خيانة للوظيفة، للمجتمع، ولأبسط معاني الشرف.

الفساد ليس نوعًا واحدًا فهو وجوه متعدّدة لمرض واحد فهناك فساد إداري حين يُمنح المنصب لغير أهله، وتُقصى الكفاءات لصالح العلاقات وهناك فساد مالي حين تتحول الأموال العامة إلى غنيمة، والعقود إلى فرص للتربح وهناك فساد أخلاقي، وهو الأعمق، حين تفقد المنظومة حسّها بالعدل، ويعتاد الاعضاء والموظفون على القبح دون مقاومة وحتى في المؤسسات المفترض انها تدافع عن المواطن والمجتمع والتي ترفع شعارات المساءلة والشفافية، يتغلغل الفساد بصمت عبر لجان وانظمة صورية، وقوانين مطاطة، ومناقصات ومناصب تُفصَّل على قياس فئة بعينها.

الفساد لا يقتصر على الكبار، كما يُروَّج فالصغار أيضًا ينهشون، كلٌّ حسب موقعه فموظف او عضو يماطل في إلاجاز لأنه لم “يُكرَم” مدير إداري او مشرف يساوم على تقييم الأداء ومدير يكمم الأفواه وحتى المساعد الإداري قد يستخدم سلطته الصغيرة في ابتزاز من لا يملك وسيلة للدفاع والبعض يبرر ذلك بضعف المنفعة، أو بـ”الجميع يفعلها”، أو بحجة أن المنظومة فاسدة أصلًا ولكن التبرير لا يُطهّر الجريمة وإن كان المنظومة بأكملها فاسدًة، فالسكوت خيانة مضاعفة، لا عذر.

الفساد لا يعيش في فراغ فهو يتغذى على الخوف، واللامبالاة، والسكوت فيتحصّن بالتطبيع، ويزدهر كلما اعتاد الناس رؤيته دون أن ينكروه فيبدأ فرديًا، ثم يتحول إلى جماعي، ثم يصبح مؤسسيًا، مغطىً بالانظمة والقوانين المفصلة تغصيل للمنظومة والتقارير الموجهه والأسوأ أنه لا يظهر مباشرة، بل يتراكم ببطىء، حتى تكتشف أن المؤسسة تحوّلت إلى كيان بلا روح، بلا عدالة، بلا ثقة فالاعضاء والموظفون محبطون، والنتائج ميتة فعليا عكس الصورة التي يروج.لها ، فالقرارات لا يحكمها العقل، بل المصالح.

من يقول إن الفساد “طبيعي” أو “موجود في كل مكان”، هو ببساطة يبرر وجوده، ويشارك فيه قلا يوجد فساد مقبول وآخر مرفوض ولا يوجد “قليل من الفساد لا يضر”. الفساد لا يتجزأ، ولا يهادن فوجوده، مهما كان محدودًا، هو إشارة خطر. التعامل معه كأمر واقع هو انحدار بطيء نحو الانهيار التام.

لا فرق بين من يسرق، ومن يعرف ويسكت فلا فرق بين من يوقّع صفقة مشبوهة، ومن يُصادق عليها دون مراجعة ولا فرق بين من يُقصي الكفاءات، ومن يصفّق له خوفًا أو مصلحة ففي بيئة العمل، السكوت عن الفساد شراكة فعلية فيه، مهما كان الدافع فلا حياد هنا ولا تبرير ولا منطقة رمادية إما أن تقف ضده، أو أن تكون جزءًا منه، ولو بكلمة صامتة.

الفساد لا يُحل بالتمنّي، ولا تُصلحه أوراق السياسات إذا كانت النفوس مريضة فالفساد يُحل بالرفض العلني، بالمواجهة، بالمحاسبة، وبخلق بيئة ترفض الفساد، لا تتعايش معه فما لم يتم اجتثاثه من الجذور، فلن تبقى ألمنظومة واقفة، مهما كان اسمها أو حجمها. لأن الفساد، في النهاية، لا يدمّر المنصب فقط… بل يدمّر الوطن.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا