خدعة جدعون 2 بغزة
الكاتب : عبد القادر جعيم …
مقدمة /
أضاعت إبرة بوصلة البعض من المحللين السياسيين والعسكريين وأصحاب مراكز الدراسات الإستراتيجية ، من وجهتهم الحقيقية ، ليحطوا رحال تحليلاتهم تلك وتقديراتهم ويجدوا أنفسهم ومن يقودون معهم في محطة أخرى غير التي يبتغون أو الوجهة الصحيحة ، فهم إما لم يحددوا شمالهم الحقيقي ويوجهوا بوصلة تحليلاتهم إليه قبل الإنطلاق ، ونقصد أسس نقطة توجههم وهدفهم والإنطلاق منها ( فلا إنتماء هنا لشيئ محدد )، وإما خارطة عملياتهم رسمت بإحداثيات خاطئة لإفتقار واجهوه أو لسبب ما ، أو أن إنحرافهم عن الطريق ذاك نتاج أن بوصلتهم عندما قرأوها تأثرت بمعدن يرتدونه هم ، فأثرت على إبرتها بالجذب فإنحرفت ، ونقصد هنا تبنيهم وتأثرهم لآيدولوجيات تخص كل على حدا فتشتتوا ومن معهم كل حسب وجهته .
سننطلق بمقالنا هذا محاولين التوجه نحو الهدف الحقيقي لعدونا دون إنحراف مقصود أو خطأ نقع به نحن ، موجهين بوصلة تحليلنا بالإتجاه الصحيح ، و مفرغين إحداثياتنا للخريطة التي بين أيدينا بعلم قراءة وتحليل المعطيات كما يجب ، ونازعين مسبقآ لأي عامل جذب يحرفنا عن ما يحدث بالواقع .
* – عملية جدعون – ١ و ٢ – .
تلك العملية التي جاءت بمنتصف الطريق لحرب غزة التي شارفت على العامين حتى الآن ، بل ستتمهما فعلآ لمرحلة ثالثة قادمة ، لاقت عند إنطلاقها تعليقات وتحليلات وتقديرات بفشلها المسبق من كثير من محللينا ، بل وذهب البعض للإستهتار بها وتقزيمها ومنهم بعض ” المحللين الإسرائيليين قاصدين ذلك ” ، فتم الطعن بمن وضعها شخصيآ وتحديدآ بشخص رئيس هيئة أركان قوات العدو ، والبعض الآخر ذهب للطعن بتكتيكاتها الفقيرة لأسس حرب المدن ، أو ما يسمى بالعصابات أو الغوريلا .
وإنجر الإعلام خلف تلك الآراء موجهين كاميراتهم نحو ما يخدم تأكيد أنهم على حق ، ومن يقودون خلفهم من غالبية الجمهور المشاهد المتلقي .
وهذه هي الخدعة المحكمة للعدو والتي وقع بها الكثير ، فلا حرب هناك بين خصمين ، ولا معارك مدن بمفهومها العسكري الدقيق ، ولم يتعدى الأمر سوى بطولات فردية حتى وإن كانت بالآلاف كتعداد نسبتآ لملايين يلاقون حتفهم بين قتل وتجويع وأمراض بيولوجية متطورة ، كمحاولات منهم لصد هجوم جدعون المرسوم مسبقآ ردآ على خطف عشرات وبعض الخسائر الغير مؤثرة ، وإن أراد بعض إعلامنا ومحلليه تعظيمه لنا رغمآ عنا ، فنحن تسوقنا العاطفة ، وحلمنا أن نرمي لعدونا الصهيوني التاريخي والديني بالبحر .
– إن عملية جدعون العملياتية تلك وبمراحلها المتعددة التي نشاهد تنفيذها الآن قد بدأت قبل ٧ أكتوبر بسنوات تعدت بها العقد وثلثيه ، ومهد لها قبل ذلك لعقود .
ففكريآ ممنهجآ دست بنودها بإتفاقيات مؤقته تركت الباب مشرعآ لتنفيذها لاحقآ لأنهم لا وعد لهم ولا صلح ، ومرحليآ بدأت ملامحها تتجلى بإنسحاب شارون الأحادي من قطاع غزة ! ، ومرت بمحطات عدة بعدها متدحرجه من كضم قرى وتجمعات سكانية هنا وهناك بالضفة ، و خنق متدرج لإقتصاد الشعب الفلسطيني وإغراقه بالمديونيات على المستوى العام أو الخاص والفردي ، وبدأت البدايات بالإنشقاق الفلسطيني وبغض بصر جدعون لمدة ١٨ عام عن ” ما يحاك له منا ” ، بل وتغذيته بمحطات كثيرة ، وهناك بالجانب الآخر الكضم كما أسلفنا مستمر بموازاة مستوطنات عتية وتجييش لعصابات فتية التلال المجرمين والمنحدرين ، وخنق يتلوه خنق لشعب غارق بتأمين متطلبات الحياة التي تسوء ظروفها شيئآ فشيئا بشكل مفتعل ، حتى جاء وقت تنفيذ مخطط جدعون بهدفه الكامل .
ما نشاهده الآن هو ليس عمل عسكري بحت ، وإنما قرار سياسي تخدمه آلة حربية مرحلية التفعيل ، نفذت ضربات عندما حانت ساعة صفرهم ، تسمى بالأرض المحروقة والتي لا تصلح لشيئ بعدها إلا بجهد لن يستطيع الفلسطينيين ولا حتى العرب وحدهم إعادته كما كان لأن جدعون لم يكن قرار رئيس أركان العدو ولا حكومته وإنما قرارآ أمريكي القطب الواحد .
ففلسطين لم يرسل اليهود إليها كشعب بلا أرض كما أفهمنا ، وإنما كمرحلة إنتقالية لأرض ستكون بلا شعب ، تستثمر أمريكيآ بموقعها الجيوسياسي الحساس وثرواتها الطبيعية الهائلة ومركزيتها التجارية التي لا مثيل لها المتوسطة للعالم ، وها نحن نسمع الحقيقة من فاه ترامب الذي مهد له كل من حكم أمريكا قبلة من الجناحين لينطق بها .
فالجميع يترقب دخول مدينة غزة خلال أيام وبعدها حرب ضروس الرحال ، وأخذنا البعض لمصطلحات حربية وفتح قوات وغلق ووضع موطأ قدم وكمائن ، والقتال من نقطة الصفر والخواصر ، ومكونات المقذوف وآليات عملها …إلخ ، ونظريات لمناهج عسكرية عامة يتلقاها من إلتحق بالكليات والمعاهد العسكريه أو حتى من أراد الثقافة العامة فعليه بالذكاء الصناعي من جهاز بين يديه ، يسأله ليجيب .
وأخيرآ ولكن ليس آخرآ أبدا ، ستنتهي جدعون ٢ وتنطلق جدعون ٣ وأخرى بمسميات أسفار ، لمخطط ” لنجعل أمريكا الأعظم” ، ولن تتعدى العمليات في فلسطين وإيران وسوريا وهو …، سوى عمليات خاطفة وإغتيالات وإفقار إقتصادي وحروب وكالات أهلية ، وهدم أنظمة بلاد ممن يقطنوه غير آبهين ، وخلق مناطق حكم ذاتي وأخرى أقليات عرقية من مشبوهين ، وإعلام يموج بنا موج البحر ، حتى نرطتم بالصخر ونصحوا من دوارنا ، ف الله تعالى كتب لنا النجاة مسبقآ بإذن وعده .