“شاخَ العالمُ، وكثرت تجاعيده”
بقلم/كِفاء عبدالرحمن الوجيه ….
شاخَ بعدكَ يا سيّدَ القوّة، ويا قائدَ الحروبِ النبيلة.
بالأمسِ كنّا نهتفُ باسمك قوةً،
واليومَ تنزفُ العيونُ دمعًا من وجعِ الغياب.
تمنّيتَ الشهادة، فنلتَها.
طلبتَها بصدقِ السالكين، فجاءتك بيضاءَ كالنور.
نلتها دفاعًا عن وجهِ الإنسانية،
ونلنا بشهادتك شرفَ الانتسابِ إليك.
فهنيئًا لك يا أبا هادي،
و تبت أيديهم وأوهامهم.. من ظنّ أن بموتكَ سيندثرُ اسمُك،
أنّنا سنغادرُ دربَك،
ونخونُ العقيدةَ التي سِرتَ بها نحو الحقّ.
والذي نفسي بيده، ما زادتنا حربهم إلا يقينًا،
وما زادنا حقدُهم إلا تَمسُّكًا بطريقٍ أنتَ أولُه ونهايته،
طريقٌ شرفتْهُ قدماك،
وغسلتْه دماؤك،
وأيُّ نصرٍ يُرتجى إن لم تكن يدُك ممسكةً برايتِه، وخُطاك تُمهّدُ الطريق إليه؟
آهٍ لو يعلمون كم غمرنا الفخرُ،
وأنتَ تُلقي كلماتك الأخيرة بثباتِ الأنبياء،
وصوتِ من تربّى في حجرِ الحسين،
في وقتٍ كان الطغاةُ يُعدّون خناجرهم للنيل منك،
لكنهم ما نالوا، وما انتصروا،
ولن يفعلوا.
فليصبروا، فإنّ الدورَ آتٍ كما الوعد.
نحن – بكلّ ما فينا من إيمان – نقول كما قالت زينب:
“ما رأيتُ إلا جميلاً”
جميلٌ كفوزكَ الأخير،
جميلٌ كالموتِ حين يصيرُ انعتاقًا من قيدِ الحياة.
رحلتَ عنّا،
لكنّ حبك ما مات،
ذكراك لا تهرم،
ووجهك الطاهرُ ما زال مرآتنا في زمن العتمة.
أيها الحسينُ الثاني،
كُنا نواجهُ الدنيا بابتسامتك،
ونحتمي بصوتك،
فحين رحلتَ، بقيتَ فينا.
بقيَ اسمُك محفورًا على جبينِ التاريخ،
وروحُك ترفرفُ بيننا،
ولو افتقرنا لكلّ شيء،
فقد أغنانا الله بحبّك.
يا سيّد العشق،
أ نبقى مكتوفي الأيدي بعدكَ؟
لا والله،
ما خُلِقنا لنخذلك،
وما بقينا على قيد الحياة إلا لنكملَ ما بدأتَ.
سنكون معكَ، كما كان أصحابُ جدّك مع الحسين،
لن نتركك،
ولن تنادي: “هل من ناصر؟” ونحن صامتون.
بل نقولها بقلبٍ يشتعلُ ولاءً:
لبيّك يا نصر الله.
الكاتبة من اليمن