** إلى نصر الله (٤ ) **

أشواق مهدي دومان  ….

 

سيد حسن : سأخبرك الآن أنك حين استشهدت فلم تستشهد وحدك ، لقد استشهد حرفي .. قلمي .. بوحي .. جرحي .. صمتي .. صوتي .. دفقات دمي .. أنات ودادي .. حلمي .. كَلِمي .
حين استشهدت ماعدت القادرة على رصّ صفوف الكلمات الثائرة في جوفي، كلمات صرخت صرخات الثكلى المكلومة ،
و لحظات شروق الشمس من كنت العاشقة لها ماعادت تنتظم في رؤيا قلبي المفطور ،
حتى أسراب الطير ماعادت تعشق مهجعها الحاني !
لا أدري إن لعب الأرق بجفنيها مثلي أو هبت ريح عاتية عصفت بجمال الآمال المرسومة في عينيها ؟!
لقد غرق بين شراييني خيط الفجر الأبيض و تحدّاني الليل الأسود !
يا سيد : فانفجرت كل براكين العشق و اندثرت و انطفأت كما انطفأت روحي الوهاجة قبلا ،
يا سيد فاسمعني: زلزال وقع في أصداء الروح ، علامات تعجب تتناوبني و علامات استفهام ؟ !
حتى الورقة تاهت عنّي و تاه الشعر و نسيت كل أسامي الشعراء .
يا سيد ماعاد النّاي ليأسرني صوته ، وحتى العيد بات يجاملني لا يفرح بي ،
يا سيد حسن : و قد انكتمت كل أسارير الفرحات ، لقد صرخ القلب نحيبا و قراح .
يا سيد : كذّبتُ الدهر و أرخيتُ سدول الشك في أن تكون قد رحلت فعلا ، و أعميت البصر و أصممتُ الآذان حتى لا أسمع أن سماحتك استشهدت، و واعدت العالم و حكيت لهم بأنك لم ترحل عنّا لكن كان الخبر خطأ من أفدح ما قدّمه الإعلاميون، كذّبتُ القنوات الإخبارية ، و أنصت لخفقان الروح فصدّقتُ فؤادي وحده ..
صدّقت بأنك لن ترحل عن روحي ما عشت ؛ فليحيوا كل تباريح الوجع .. فوجعي أكبر ،
يا سيد حسن : يقتلني تاريخ كنت على منبرك تخاطب أمتك الممتدة إلى كلّ القارات ، و أنا أتلهف لسماعك .. رؤيتك و رفعة إصبعك تهددهم فتصدق في وعدك و تنفذ .. ياسيد حسن يا صنو القائد عبدالملك و عضده و السند ،
يا أشجع من قاد النصر لأمتنا النوّامة : فإن تتركنا فهذا العَلَم لها يصدق وعدا و يرعب إسرائيل و يقمعها .. يرهبها و يحاربها و يقتلها بذات السيف البتّار ،
فاهنأ في فردوسك يا عشق الروح الأبدي مع كل الشّهداء .
ياسيّد : فإلى الله مكانك و مقامك ،
و إلى الروح عزاء.

ياسيّد : و في ذكراك الأولى للفقد
خفتت كل الأنجم و سطعت كما القمر شهيدا وضّاء .
أمّا عنّي الآن : فقد قُطّعت الأوصالُ بروحي ، هُدّمت الجدران ..

زلزلتَ كياني المنثور كما صوت العصفور تطارده طلقات من فوهة البندق في كتف الصياد ..

سيّدنا : تضطرب حروفي.. كلماتي فهل أدركت حجم الفاجعة في هذي الروح ؟
هل استوعبت بأنا من نستشهد بعدك في كل اللحظات ؟ ، و لكنّ شهادتنا لم تنقلنا إلا لضجيج الفقد ،
لم نستشهد لكن الموت أصاب الأرواح ، موت يسميه أطباء العصر (سريريا ) ، فعليك سلام الله ، و لنا الآهات .

أشواق مهدي دومان

الكاتبة من اليمن

قد يعجبك ايضا