الصيد في المياه العكرة!!
من الملاحظ للذين يتابعون القضايا العامة أن هناك ظاهرة التشكيك وكثرة وسائل وأساليب النيل والتصيد من مختلف الشخصيات التي تتصدر العمل في الشأن العام، سواء كانت سياسية أو تربوية أو ثقافية أو اجتماعية وغيرها، فبمجرد أن يصدر خطأ أو شبهة خطأ من إحدى تلك الشخصيات، تنهال عليه التعليقات وسيوف التشكيك والتخوين، وقد يصل الأمر إلى الطعن في النيات، لتتبعها تعليقات للمتابعين من نفس الفصيل، شتائم وتقليل من القدرة والكفاءة لتلك الشخصية بطرق وأساليب مختلفة.
ويتناغم بين المعلقين المتطفلين على التقييم والسياسة والتحليل، الذي يحمل بين طياته المنافع الذاتية والحقد الدفين، ولا يخفى على أحد أن هذا السلوك له مخاطر على الوطن وعلى المجتمع وعلى رجالاته، حيث إن هناك من يراقب من داخل وخارج الوطن ليتصيد أي حدث ليبهره كما يريد بأسلوبه وطرقه التي تخدم أهدافه.
إن التشكيك والتخوين يختلف بلا شك عن النقد الموضوعي الهادف البناء، الذي يخدم المصلحة الوطنية والمصلحة العامة، فليس هناك من هو معصوم عن الخطأ، فالتخوين والتشكيك يطعن في النيات ويفتري على الشخص بما لم يعقل أو يقصد.
فنجد أن النقد يركز على الخطأ أو الهفوة عند وقوعها، فهناك مثلًا لتفاديه في المرات القادمة، ومن أهم مقاصد الشريعة حفظ سمعة الشخص من أن تُلطخ من تلك التعليقات التي لا تليق بمكانته، وسمعة الإنسان وكرامته من أهم ما يملكه الشخص في حياته ويستمر معه حتى بعد موته.
فيجب أن يكون الثناء عليه بعد التقويم والإصلاح، والشهادة له بالخير، ولقد ورد في دعاء إبراهيم عليه السلام ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين) ويعني الثناء الحسن بالخير، وكما نعلم أن هناك أمرًا دينيًا بحفظ اللسان (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته ) .
فلماذا يسعى البعض باتهام وإسقاط تلك الشخصيات بأدنى شبهة، ولقد ترسخ لدى البعض في عقولهم ونفوسهم تعميم الوصف بالفساد وخيانة الأمانة، فهناك البعض من حالات نفسية مندفعة، فصار لدى البعض في المجتمع حساسية شديدة تجاه كل من لا يوافقهم في مواقفهم، لدرجة اتهامه بأي شيء ينال من مكانته وشخصيته.
فعلى أي شخص التروي والتمحيص ودقة التعبير، وليس على هواه، وليس عليه أن يخفي الحقيقة كما هي على الواقع، إن ذلك كله يكسر الحواجز الدينية والأخلاقية، والتي علينا من الواجب الديني والوطني أن نحد منها ونمنعها، إن هذا هو الصيد في المياه العكرة، والذي يعلمه الجميع.