غزة عدوّها الشتاء والاحتلال وبائعي الوهم

بقلم د. تيسير فتوح حجّه. …..

الأمين العام لحركة عدالة.
غزة… المدينة التي تُقاتل وحدها في كل الفصول، تفتح عينيها كل صباح على ثلاثة أعداء يتناوبون عليها: شتاءٌ لا يرحم، واحتلالٌ لا يشبع، وبائعو وهمٍ يطعمون الناس كلامًا لا يدفئ بيتًا ولا يطفئ جوعًا.
في غزة، المطر ليس موسم خير، بل اختبار صعب لأسقفٍ مثقوبة وشوارع تغرق بأسرع مما تُعدّ فيه وعود الإعمار. الشتاء هناك ليس طقسًا، بل معركة جديدة تُضاف إلى سجل المعاناة اليومية، حيث البيوت البسيطة تواجه الريح بلا سند، والأطفال ينامون على أصوات البرد لا على أصوات الحكايات.
ثم يأتي الاحتلال، العدوّ الدائم الذي لا ينتظر فصلًا ولا ظرفًا. حصارٌ يشتد، قصفٌ يتجدّد، وموتٌ يتسلّل كلما قرر العالم أن يغضّ النظر. الاحتلال لا يفرّق بين صيفٍ وشتاء، بين بيتٍ قائم أو ركام، بين طفلٍ يحلم أو جريحٍ ينتظر الدواء.
أما العدو الثالث… فهو الأكثر خِسّة: بائعو الوهم. أولئك الذين يتقنون الصراخ أكثر مما يتقنون العمل، يرفعون شعارات أكبر من حجمهم، ويقدّمون لجمهورٍ متعب كلماتٍ تلمع من الخارج لكنها فارغة من الداخل. يرفعون اسم غزة ليرفعوا صورهم، ويستثمرون في الألم بدل أن يرفعوه عن الناس. يبيعون وعودًا لا تصل، وتصريحاتٍ لا تُطعم عائلةً واحدة.
غزة اليوم لا تحتاج خطابات، بل تحتاج عدلًا، وموقفًا، وإرادةً لا تساوم على حقها في الحياة. وحركة عدالة ترى أن أول واجب هو حماية كرامة الناس، ومحاسبة كل من تاجر بآلامهم أو استخدم صمودهم شماعةً لتبرير تقصيره.
غزة قويّة… لكنها تعبت من كثرة الأعداء، ومن قلّة الأصدقاء الحقيقيين.
وستبقى — رغم البرد، ورغم الاحتلال، ورغم باعة الكلام — صامدة، لأنها لا تعرف طريقًا آخر سوى البقاء.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا