غزة تصرخ… والعالم أصمّ .. خيامٌ تتشقّق وقلوب تنزف في زمن الصمت العربي والإسلامي

محي الدين غنيم  …..

 

في قطاع غزة، لم تعد المأساة تحتاج إلى وصفٍ جديد ولا إلى لغةٍ مبتكرة فقد تجاوزت حدود الكلمات وتخطّت قدرة المداد على التعبير. هناك، حيث يعيش أهلنا فوق ركام الحرب وتحت وطأة التجويع جاءتهم المنخفضات الجوية كضربةٍ إضافية فوق الجراح المفتوحة لتكشف هشاشة الخيام وتفضح هشاشة الضمائر.

أطفالٌ يرتجفون من البرد… وأمّهات يحاولن صنع الدفء من لا شيء… وشيوخٌ ينظرون إلى السماء لا طلباً للمطر بل خوفا منه.
هذه ليست مشاهد من قصةٍ خيالية بل واقعٌ يومي لآلاف العائلات التي دُمّرت بيوتها فوجدت نفسها محاصرة بين صقيع الشتاء وغياب العالم.

حرب طاحنة… ثم حرب تجويع… ثم حرب الطبيعة

في غزة لم تتوقف آلة الموت. فبعد القصف والدمار والنزوح جاء التجويع الممنهج لتليه معاناة الشتاء القارس.
خيام مهترئة لا تقي مطراً ولا تصد ريحاً.
أرض موحلة تبكي ساكنيها قبل أن يئنّوا.
وسقفٌ بلا سقف… إلا السماء.

أين العرب؟ أين المسلمون؟ أين العالم؟

السؤال الذي يتردد في صدور الغزيين كل ليلة ….
أين أنتم؟
أين الدول التي تنفق المليارات على المهرجانات… وتغض  الطرف عن أطفالٍ يواجهون الموت بردا وجوعا ؟
أين المؤسسات الدولية التي ملأت الدنيا ضجيجاً عن حقوق الإنسان؟
أين الضمير العالمي الذي يستيقظ لأجل “قطة علقت على شجرة”، ولا يسمع صراخ شعبٍ كامل يُسحق منذ أشهر؟

إنه صمتٌ مخزٍ… صمت معيب… صمت العاجز والمتخاذل والمتواطئ  .
صمت أصبح شريكا كاملا في الجريمة.

غزة لا تريد خطابات… تريد إنقاذاً

أهل غزة لا ينتظرون كلمات المواساة، ولا البيانات الضعيفة.
يريدون : خيمة تحمي من المطر لا تتسرب من كل زاوية وغذاءً يوقف بكاء الأطفال ليلاً ودواءً يضمن بقاء المرضى على قيد الحياة وقبل ذلك… وقفة عربية وإسلامية صادقة تعيد شيئاً من كرامة الأمة.

غزة ستبقى… وإن خذلها الجميع

رغم كل هذا الظلم، أثبت أهل غزة أنهم مدرسة في الصبر والثبات.
لم تستطع الحرب كسرهم،
ولم تستطع المجاعة إذلالهم،
ولن يستطيع الشتاء إخماد نور صمودهم.

لكن هذا لا يعفي أحدا من المسؤولية فالصمت جريمة والحياد خذلان والتجاهل مشاركة في المعاناة.

إن ما يجري في غزة اليوم وصمة عار على جبين كل من يملك القدرة على المساعدة ولم يتحرك.
وستبقى غزة شاهدة على زمنٍ سقطت فيه الأخوّة، وغابت فيه الإنسانية، ولم يبقَ إلا شعبٌ محاصر… يقاوم الحياة والموت في آن واحد.

غزة تنادي… فهل من مجيب؟

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا