فادي السمردلي يكتب: الفاشل الذي لا يعترف بفشله ديكور هش يجرّ المنظومة نحو الانهيار

بقلم فادي زواد السمردلي  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

في كل منظومة ــ سواء كانت مؤسسية أو اجتماعية أو سياسية أو حتى صغيرة كفريق عمل ــ تظهر أحياناً شخصية غريبة في إصرارها، ثابتة في عنادها، لكنها خالية تماماً من القيمة الحقيقية الفاشل الذي لا يعترف بفشله فهذا النوع لا يسقط كما يسقط الآخرون، بل يرفض السقوط أصلاً، متمسكاً بواجهة رديئة يعرف هو نفسه أنها مصطنعة، ويعرف أنها مجرد ديكور هش ينتظر لحظة اهتزاز بسيطة ليتشقق لكنه مع ذلك يعيش على الإنكار، لأن الاعتراف بالنسبة له ليس مجرد قبول حقيقة، بل هو تهديد مباشر لبقائه وللدور الذي يتقمصه أمام الآخرين لذلك يبقى متشبثاً بمشهدية فارغة، يُلمّع نفسه بعبارات جاهزة، ويزيّن مكانه بكلمات أكبر من حجمه، معتقداً أن الشكل وحده يكفي ليخفي العطب في الجوهر.

الفاشل الذي لا يعترف بفشله يعرف جيداً أنه لا يمتلك مقومات التأثير الحقيقي، ولهذا فإنه يعتمد على الضجيج بدلاً من العمل، وعلى الخطابات بدلاً من النتائج، وعلى الظهور بدلاً من الفهم فهو لا يحاول إصلاح نفسه، بل يحاول إقناع الآخرين أنه لا يحتاج إلى إصلاح أصلاً وكلما اشتدت الحقيقة حوله، ازداد تمسكه بإنكارها، كمن يسد أذنيه أمام انهيار جدار يوشك أن يسقط فوقه فالمشكلة ليست في فشله فقط، بل في إصراره على البقاء في واجهة ليست له، واجهة كان يجب أن تُسلَّم لمن يملك القدرة لا لمن يملك العناد.

وجود مثل هذا الشخص في الواجهة لا يؤثر عليه وحده، بل ينخر المنظومة كلها فالمنظومة التي تسمح لفاشل أن يحتل مقدمتها هي منظومة تحكم على نفسها بالبطىء والضعف فحين يكون القائد أو المسؤول أو صاحب القرار مجرد ديكور لا يملك شيئاً سوى الاسم، فإن كل شيء تحت هذا الاسم ينهار تدريجياً فتتوقف المبادرات، تتلاشى الأفكار الجادة، ويُقمع أي تطور يفضح رداءة الواجهة الموجودة فالفاشل لا يسمح لأحد أن يلمع حوله، لأنه يخاف من أن يظهر الفرق لذلك يلتف حوله آخرون من النوع نفسه، يتغذون على الضعف، ويتشاركون الخوف نفسه الخوف من الكفاءة الحقيقية.

وتبدأ المنظومة، بمرور الوقت، في إعادة إنتاج الفشل ذاته مواقع تشغلها أسماء بلا طاقة، قرارات تُتخذ بلا فهم، وخطوات تُنفّذ بلا هدف فيصبح معيار النجاح هو الولاء للفاشل، لا القدرة على العمل وتتحول المنظومة كلها إلى ديكور ضخم، واجهة لامعة لكنها خالية من الداخل، تكفيها أزمة واحدة كي تُظهر هشاشتها وما أسوأ أن تتصدّر الرداءةُ المشهد بينما الكفاءات تُدفع إلى الخلف، أو تُصمت، أو تُقصى، لأن وجودها يهدد وهم الواجهة الذي يعيش عليه الفاشل.

ومع تراكم الزمن، يصبح سقوط الواجهة مسألة وقت فقط. فالمنظومة التي تُبنى على ديكور لا يمكن أن تستمر. والفاشل الذي يتصنع القوة لا يستطيع أن يهرب من اللحظة التي تنكشف فيها الحقيقة بأنه لم يكن سوى عبئاً، وثقلاً، وسبباً مباشراً في تعطل كل ما حوله فسقوطه لا يكون سقوط شخص فقط، بل سقوط مرحلة كانت تستمد هشاشتها من بقاءه فيها وحين يحدث السقوط، تبدو الصورة أوضح مما تخيله الجميع فكان يمكن للمنظومة أن تتقدم لولا أنها صدّرت إلى الواجهة من لا يستحق الواجهة.

في النهاية، الفاشل الذي لا يعترف بفشله ليس مشكلة بحد ذاته، بل مشكلة المنظومة التي تسمح له بأن يتصدر، وأن يقود، وأن يصبح عنوان مرحلة كاملة وحين تُبنى المقدمات على الضعف، فمن الطبيعي أن تأتي النهايات على شكل انهيار.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا