جمعةُ رجب: من نورِ الدخول إلى دمِ الشهادة…سفيرُ المسيرةِ القرآنية في قريةِ الصراري ورفقاؤه حينَ صاغوا الهويّةَ الإيمانيّة وأشعلوا طريقَ تحريرِ المقدسات
عدنان عبدالله الجنيد …..
الحمد الله القائل ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
المقدمة:
جمعةُ رجب ليست مجرد يوم في التقويم، بل يوم نور ورحمة، شهد فيه اليمنيون الإسلام الحقيقي يختبر صلابته.
في هذا اليوم، حاول أعداء الله تحويل النور إلى سفك دماء عبر كمين غادر في جبل صبر، ضمن تحالف صهيوأمريكي يهدف إلى إطفاء نور اليمنيين.
لكن دماء سفير المسيرة القرآنية ورفقائه لم تُطفئ النور، بل أشعلت الطريق نحو تحرير المقدسات، وصارت سر الصمود ودرسًا للأجيال.
سفير المسيرة القرآنية: الشهيد عبدالخالق صالح الجرادي:
ولادته ونشأته:
تربّى الشهيد في صعدة – حيدان – قرية جمعة بني فاضل في بيئة علمية وروحية، حفظ القرآن على يد العالم الشهيد محمد جار الله مصلح اليوسفي، ودرس تفسير القرآن على يد السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، كما تعلّم الفقه والعلوم الشرعية والخطابة.
إقامته في جبل صبر – قرى الصراري:
هاجر الشهيد إلى محافظة تعز في 2012، حيث وجد أبناء المنطقة متحمسين للمشروع القرآني.
بدأ عمله بتعليم القرآن الكريم، وإقامة حلقات ثقافية، وتحريك المجتمع نحو الوعي القرآني والسياسي، مؤسسًا حركة أنصار الله في القرية، ومشرفًا على المجالس الثقافية الأربعة: الصراري، الحيار، ذي البرح، وحصبان.
مسيرته الثقافية والجهادية:
تنظيم حلقات تحفيظ القرآن وتعليم الخطابة.
قيادة مظاهرات بعد صلاة الجمعة ضد أمريكا وإسرائيل.
تأسيس مراكز صيفية لتعليم القرآن والثقافة القرآنية.
المشاركة في جميع فعاليات المجتمع الدينية والثقافية والسياسية.
انقاذ الثورة بعد المبادرة الخليجية في محافظة تعز ،ومن مؤسسي حركة شباب العز الذي كان لها دوراً نهضوياً في نشر المشروع الثوري النهضوي التحرري الذي يقوده السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله.
تحقيق ثورة21من ديسمبر عام 2014م.
استشهاده:
في 17/4/2015، الموافق اول جمعة من شهر رجب عام 1436ه ،وهم على متن سيارة في الطريق العام منجهين نحو قرية الصراري، وقع في كمين غادر في منطقة نجد العبد – قرية حصان، فاستشهد مع رفاقه عبدالعزيز منصور الجنيد، عبدالعظيم حسين خميس (أبو كوثر)، وأبو سيف.
الشهيد عبدالعزيز منصور الجنيد (أبو محمد):
ولادته ونشأته:
ولد في قرية الصراري – جبل صبر – محافظة تعز، تربى في بيئة علمية، وعمل معلمًا في المجمع التربوي الشيخ جمال الدين.
مسيرته الجهادية:
رفيق درب الشهيد عبدالخالق الجرادي في المسيرة القرآنية.
مسؤول عن المجالس الثقافية الأربعة في قرى الصراري.
مشرف على جامع الشيخ جمال الدين، حيث أقام الصلوات، وخطب الجمعة، ودروس تحفيظ القرآن.
نظم مسيرات بعد الصلاة، وهاجم الأفكار الاستكبارية.
أثناء زياراته لمحافظة صعدة، تعرض للأسر من قبل التكفيريين وتم تحريره بفضل المجاهدين.
استشهاده:
استشهد في الكمين نفسه الذي استشهد فيه الشهيد عبدالخالق الجرادي ورفاقهم، في 17/4/2015، مع عبدالعظيم حسين خميس (أبو كوثر) وأبو سيف.
جبل صبر: من منصة العلم إلى ساحة الشهادة:
لم يكن اختيار جبل صبر عشوائيًا؛ فهو المطل الأشم على باب المندب، واستراتيجي في مواجهة الاستكبار العالمي.
احتضان الجبل للشهداء جعل الاستكبار العالمي وأدواته في الداخل (الإصلاح، القاعدة، داعش) في حيرة وارتباك، إذ شاهد العالم كله كيف يمكن لفكر قرآني وإيماني صادق أن يواجه العدوان ويقهره.
كمين جمعة رجب: حين حاولوا ذبح النور:
لم ينطفي النور في جمعة رجب بل ازداد اشتعالاً بدماء الشهداء الاكارم،تصنعها النيات الصادقة والاقدام الثابته .
في جمعة رجب، وفي كمين غادر نفّذ بقطع الطريق والاستهداف المباشر في جبل صبر، ارتكبت أدوات العدوان جريمتها خدمة للصهاينة، وفي طليعتهم نتنياهو، الذي كان يرى في صبر واليمن خطرًا استراتيجيًا يطل على باب المندب ويهدّد معادلات الهيمنة العالمية.
هناك، حيث احتضن جبل صبر الأشم القوافل المؤمنة، سال الدم الطاهر، لا ليُعلن نهاية الطريق، بل ليُعلن بدايته.
شهداء جمعة رجب: أعمدة الهوية الإيمانية:
الشهيد عبدالخالق صالح الجرادي: سفير المسيرة القرآنية إلى قرى الصراري، حامل الوعي القرآني، وباني القاعدة الثقافية والإيمانية.
فترجل عن صهوة جواده في اول جمعة من شهر رجب .
الشهيد الأستاذ عبدالعزيز منصور الجنيد: المربي والمثقف المجاهد، الذي حوّل التعليم إلى جبهة، والثقافة إلى سلاح.
الشهيد عبدالعظيم حسين خميس (أبو كوثر): المجاهد الصادق، الذي مثّل روح الثبات والإيمان.
الشهيد أبو سيف: عنوان البسالة الميدانية، ورمز الفداء الصامت.
الشهيد أحمد مطهر الصوفي: التحق بركب النور ليكون شاهدًا على أن المسيرة تصنعها النيات الصادقة.
الخلاصة:
لم تُطفأ جمعة رجب بدماءِ الشهداء، بل أُعيدَ تعريفُها:
صارت دماؤهم سرَّ الصمود اليمني.
نورًا أضاء البحر الأحمر.
رسالةً وصلت إلى عمق فلسطين المحتلة.
وببركة هذه الدماء الطاهرة التي أُزهقت في يوم جمعة رجب، تحولت اليمن كلها مطلة على باب المندب، وتم تطوير عملية الرد في استهداف السفن والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية بالصواريخ البالستية والمجنحة والطيران المسير، وأول من استخدم هذه المعادلة هو قائد الثورة، يحفظه الله.
ومن صبر إلى صنعاء إلى القدس، تشكّلت معادلة جديدة:
الهويّة الإيمانية حين تُعمّد بالدم… تُصبح سلاحًا لا يُهزم.
نعم اليوم، ونعم الشهادة، ونعم القائد
والسلام عليهم وعلى كل الشهداء الابرار


