طلبناكم يا أهل الإمارات
حكومات تقتل وتذبح وتقصف شعوبها، حكومات تغلق أي طاقة فرح، وتمنع أي نسمة بهجة، وحكومات تبحث تخطط وتنجز مشاريع لإسعاد شعوبها. هكذا هي الحياة، ناس مهمومة وناس مكلومة وناس بالسعادة معجونة.
أكثر من 4000 مشارك من أكثر من 130 دولة، أكثر من 90 متحدثاً من أهم القيادات والخبراء وصناع القرار عربياً وعالمياً من شتى مجالات العلوم والمعرفة، اجتمعوا في دبي لمدة ثلاثة أيام في القمة العالمية للحكومات، في أهم وأكبر حدث عالمي تقيمه دبي للسنة الخامسة، كمنصة عالمية لاستشراف المستقبل واستباق التحديات والتخطيط لمستقبل أفضل وأسعد للشعوب.
في عالمنا العربي، حيث يعيش 30 مليون عربي تحت خط الفقر، و57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة، و13 مليون طفل عربي لم يلتحق بمدرسة، و%75 من اللاجئين في العالم عرب، لا بد أن نعترف بكل هذا البؤس المحيط بنا، ونبدأ بالبحث جدياً عن حلول جذرية ونستشرف مستقبلاً أفضل لدولنا وشعوبنا.
هذا ما تفعله الإمارات، وهذا ما قاله الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في افتتاح القمة: «المنطقة العربية مهد الحضارة البشرية، وإن نجح الإنسان العربي في بناء حضارة في الماضي، فهو قادر على استئنافها. لا بد أن يكون لدينا جميعاً أمل وتفاؤل. فهدفنا إسعاد شعوبنا والمقيمين على أرضنا وشعوب العالم كافة».
إن أردت الكتابة عن المؤتمر العالمي للحكومات فسأحتاج الجريدة كلها، فعمود صغير لن يفي الموضوع حقه. عن ماذا أكتب؟ عن التنظيم والاستعدادات والحفاوة، أم عن المحاضرات الغنية والمواضيع المهمة التي اُختيرت أن تناقش في المؤتمر؟ هل أكتب عن المتحدثين الذين كل واحد منهم يحمل ثقلاً من المعرفة والثقافة والعلم، أم أكتب عن جوائز أفضل مدرس، وأفضل وزير في العالم؟ أم أكتب لكم عن أجمل وأصغر وزارات في الوطن العربي: وزارة التسامح ووزارة السعادة الامارتيتين؟
إن قيادة تهتم بتفاصيل حياة شعبها وسعادته، وتحافظ على قيم المساواة والتعايش بين مواطنيها، لهي قيادة تستحق الاحترام والإشادة، والأهم التعلم منها.
من ضمن فعاليات المؤتمر، يجد الزائر متحف المستقبل، حيث تأخذك فتاة إماراتية شابة في رحلة إلى المستقبل، إذ يتم استزراع الخضروات المناسبة بالكمية المناسبة بالفيتامينات المناسبة، ثم تشرح لك عملية بناء المدن السريعة، التي تستغرق بضع ساعات، ثم عمليات تحلية المياه من جينات قناديل البحر. المتحف يتحدى التغيير المناخي وتأثيره في الشعوب من خلال الماء والغذاء والسكن، ويستشرف مستقبلاً أفضل وأسهل وأسعد.
عندما انتهيت من زيارة المتحف استوقفتني الشابة سائلة: سيدتي، تعابير وجهك توحي بأنك غاضبة من أمر ما، هل أزعجك أحد منا؟ فقلت: نعم أنا غاضبة ومقهورة. فرحة لكم ولكل خطوة تخطونها إلى المستقبل، وحزينة لباقي الشعوب العربية، التي لم تستطع أن تفعل ما فعلتموه رغم حداثتكم. أغبطكم وأكاد أنفجر قهراً على من يملك كل شيء ولم يستطع فعل شيء.
طلبناكم يا أهل الإمارات أن تسمحوا لنا بنقل خبرة وطموح ورؤية دولتكم لكل من يحتاج إلى النجاح.
دلع المفتي
[email protected]
dalaaalmoufti@
** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
