حميد عقبي: معارك طاحنة بين دعاه ومثقفين في “عيد الحب”
حميد عقبي
من الخليج إلى المحيط وعلى منابر الجوامع والفضائيات الدينية ومواقع التواصل الاجتماعي، يتفنن المئات من الدعاة ووعاظ بالصراخ وتحريمه وتجريم المحتفل به وتكفيره ويمكننا أن نقتبس بعض العبارات وردت في مقدمة فتوى حول الموضوع ورد فيها :ــ “فالحب فطرة في النفوس ، وهدي الإسلام فيه معروف ، أما ما يسمى بعيد الحب فليس من هذا الباب ، بل هو من دين النصارى ، ومقاصده فاسدة ، كما سنبين . واحتفال بعض المسلمين بعيد الحب، أو ما يسمى بيوم “فالنتاين” سببه الجهل بدينهم، واتباع سنن الأمم الكافرة حذو القذة بالقذة.”
وهذا الكلام ورد في مركز الفتوى وهي بوابة يسمونها علمية دعوية كبيرة، ضمن بوابات موقع الشبكة الإسلامية “إسلام ويب” ، التابع لإدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.
نجد مئات الفتاوي من هذا النوع وهناك من يغلظ العقاب ويتوعد الناس بالجحيم والزمهرير والويل والثبور لمجرد أن يهدي الزوج وردة إلى زوجته أو يرسل حبيب كرت معايدة إلى حبيبته.
في الجانب الآخر نجد بعض الأدباء والمثقفين يردون على هذا الخرف ويرون هذه الفتاوي تشجع الكراهية وتجرم الحب والبعض لا يراه تقليداً لنأخذ عدة أمثلة.
مصطفي لغتيري ــ كاتب وروائي مغربي يقول : ــ عيد الحب
من خلال مطالعاتي فهمت أن الاحتفاء بعيد الحب هو تكريم لقس اسمه سان فالنتين ضحى بحياته دفاعا عن الزواج الشرعي، حين منعته الإمبراطورية الرومانية لأسباب عسكرية، وتم ربط ذلك في ما بعد بالحب.
ترى أي عيب في الاحتفال به؟”
المسرحي والأكاديمي العراقي د. جبار خماط، يعبر ببساطة وعمق ويقول :ـــ “صناعة المحبة تتطلب ذكاء وارادة صالحة ، لتسويقها وسط تراكم الكراهية.”
الشاعر التونسي جمال قصودة، يضع تدوينة قصيرة وبليغة ويكتب “شيوخنا مسامير صدئة علقت بنعش البلاد، فاما أن تشيّع النّعش أو تفكّه”
ومن الأردن، يخاطبنا الشاعر والكاتب محمود الرجبي، بقوله :ـــ ” المحبة لا تعترف بحدود المكان أو الزمان، فهي تحيا بكم ومن أجلكم.. هيا.. استقيظوا.. المحبة في انتظاركم.. لا تدعوها تنتظر طويلا على أبواب قلوبكم.. وأغلقوا كلَّ النوافذ التي يتسلل منها النكد.. هذا الصباح مخصص للفرح.. هيا.. فقرار الفرح والحزن يعود لكم وحدكم.. ولنهمس معا للحياة.”
الشاعر العراقي قاسم وداي الربيعي، يتحسر على أيام زمان ويتذكرها بقوله “الحب الأول..
حين كانت أحذيتنا ممزقة وملبسنا ما تجود به ( الباله ) كان الحب يطرق قلوبنا بلا دراية ….شارع الداخل ،متوسطة الثوار ،سوق الحي، قطاعات حي الأكراد ،مدينة ألعاب القناة ،حدائق الزوراء ..أعدادية بور سعيد .. حلاقة شاكر …. غرفنا المتواضعة ودواوين نزار قباني وكتب غادة السمان وروايات محمد عبد الحليم عبد الله .. أستوديو الينبوع…حينها كانت قلوبنا ثكنات ملغومة بعاطفة الحب الأول .. الرسائل .. كاسيت حاول تفتكرني لعبد الحليم حافظ أو صورة بالأبيض والأسود لقحطان العطار …هي مواسم جميلة لكن الحرب هي من فرقت جموحنا لتنتهي الرحلة .. بنطاق وبيرية ورحلة الريم التي ( تهد الحيل ) ليكون الحب فقط ذكرى لزمنٍ شهي جدا.”
ومن الجزائر، يكتب د.أمين الزاوي مقالاً بعنوان (سان فالنتين: من قصائد الحب إلى فتاوى الوهابيين)، نشره موقع بوابة الشروق، وهي مقالة رائعة جاء في مقدمتها : ــ “هذه الأيام، ومع حلول “سان فالنتين” عيد الحب أو عيد العشاق، يهطل، وبشكل غير طبيعي ومفضوح، مطر من الفتاوى الوهابية المتطرفة على رؤوس العباد من كل جهة، ومع كل ساعة، فتحاصر شاشاتنا الخاصة ويغرق بريدنا الإلكتروني الخاص، برسائل في شكل فتاوى تحرم هذا العيد وتكفر المعيدين، وتندد بما يتم تبادله بين العشاق في مثل هذه المناسبة من ورود أو رسائل ود أو عطور.”
عادة ما تستمر المعركة لعدة أيام وتكون نتاجها عدة فتاوي تكفير لكتاب وكاتبات بدعوى الدعوة للتفسخ والفساد ونشر الرذيلة وإضعاف الأمة.
كاتب يمني
باريس
